نقلا عن اليومى :
أكد الأنبا رافائيل سكرتير عام المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية وأسقف عام كنائس وسط القاهرة، بأن مصر فى حرب ضد الإرهاب، الذى يعد أصعب من الحروب النظامية بين الدول، موضحاً أنه من الحكمة إلا تخرج مظاهرات قبطية ولا يجب أن ننحصر فى مشاكلنا الخاصة.
وقال الأنبا رافائيل فى حوار لـ«اليوم السابع» إن مشكلة الأقباط ليست فى بناء الكنائس، بل فى ثقافة التشدد والتعصب، مشيراً إلى أن الحل ليس بالقوانين والدستور بل بترسيخ قيمة ثقافة التسامح وقبول الآخر، وأضاف أن مصر محكومة بالإسلام منذ القرن السابع والكنيسة تستطيع التعايش مع أى تيار، ودعا إلى أن تكون حرية الاعتقاد مطلقة فى الدستور.
كما أشار الأنبا رافائيل إلى التطويرات التى حدثت بالمجمع خلال عام منها اعتماد التصويت الإلكترونى فى جلسات المجمع وإقرار العديد من اللوائح، وتأكيد أن المحاكمات الكنسية للأساقفة تصدر بقرار رسمى من المجمع.. وفيما يلى نص الحوار:
بداية.. واكب اعتلاء البابا تواضروس الثانى الكرسى البابوى صعود التيارات الإسلامية على سدة الحكم، تحديداً جماعة الإخوان.. ألم يستدعى ذلك تخوف الكنيسة؟
- لا يوجد أى تخوف.. مصر محكومة بالإسلام منذ القرن السابع والكنيسة تستطيع التعايش مع أى تيار موجود، ونحن أيام الحزب الوطنى لم نكن نعيش فى سعادة، كله يأتى بالتفاهم، فدستور 1971 كان به اتجاه إسلامى، وإذا كان هناك اعتدال فى الدستور، فالتطبيق لم يكن به اعتدال، فالمحصلة واحدة، ونرجو من الدستور أن يعلى من المواطنة وحقوق غير المسلمين والاحتكام لشرائعنا فى الأحوال الشخصية، وأمورنا الكنسية، واختيار قياداتنا الدينية، أما باقى البنود، فليتحدث فيها المختصون، فهناك فقهاء دستوريون يدركون مدى خطورة كلمة ما، وما ضررها، أما أنا لست خبيراً فى الدساتير.
فى مسودة الدستور حرية الاعتقاد للأديان السماوية فقط، فهل تتفق مع ذلك؟
- يجب أن تكون حرية الاعتقاد مطلقة لأى إنسان يعتقد فى أى شىء، لأن الدين ليس بالإجبار، فلا أستطيع أن أجبر شخصاً لاعتناق المسيحية، وأنا أشبه ارتباطى بالله كمثل ارتباط الزيجة أى الزواج، بمعنى لا يجوز أن تتجوز إنسانة بشخص غصباً عنها، ولا توجد تزوج ترتبط بالله غصباً عنها، يجب أن يكون الإرتباط حبا وقبولا واقتناعا بأى دين، لذا فيجب إطلاق الحرية.
ما هى مشاكل الأقباط فى اعتقاد الأنبا رافائيل؟
- بعض الناس يتخيلون أن مشاكلنا هى بناء الكنائس والأحوال الشخصية فقط، ولكن الحقيقة مشكلتنا فى الثقافة فى الاحتكاك اليومى فى الشارع والعمل، والإهانة التى يلاقيها الأقباط، والثقافة التى تحوى التشدد والتعصب والتجاهل، ورفض الآخر.
كيف ترى حل تلك المشاكل إذن؟
- هذه المشكلات لا تحل بقرار أو دستور أو قانون، بل بثقافة تسامح عن طريق تكاتف وسائل الإعلام والتعليم والكنيسة والجامع، ومع المؤسسات الأهلية لترسيخ قيمة ثقافة التسامح وقبول الآخر، بغض النظر عن اختلاف الدين أو الجنس أو اللون أو العمل، ففى النهاية كلنا بشر يجب أن نتعامل مع بعضنا البعض باحترام، ولكن ثقافة تهميش الآخر الموجود فى مصر، تضيع كفاءات وفرصاً كثيرة، ونتيجة هذا التوجه هناك كثير من الأقباط لا يستطيعون الحصول على حقهم الطبيعى، فمثلاً فى حال نجاح شخص ما، فلماذا لا يعين أو يكون معيدا بالجامعة وفقا لأحقيته، ويتم الاستفادة بكفاءته، فالدولة صرفت عليه طوال فترة التعليم، وعليها أن تستفيد من كفاءاته، فمن مصلحة الدولة الاستفادة من الخبرات والعقليات والكفاءات.
تعتقد لماذا لا تقوم بذلك الدولة؟ ما يضيرهم من الاستفادة من الخبرات القبطية؟
- هذا السؤال يسأل للدولة.
ما الفرق بالنسبة للأنبا رافائيل بين نظامى مبارك ومرسى؟
- «هى هى.. إحنا شيلنا الحزب الوطنى وجه الحرية والعدالة بنفس التوجهات والطريقة».
ولكن فى عهد «الحرية والعدالة» الاعتداء كان أكثر على الكنائس؟
- منذ عهد السادات ومبارك، المواقف تتكرر، كما هى سواء، اعتداءات أو غيره، فعندما جاءت ثورة 25 يناير شعرنا بأنه سيكون هناك تغير، ولكن ما حدث العكس.
ولكن تم الاعتداء وحرق الكنائس مؤخراً بشكل غير مسبوق وأحدثها جريمة الاعتداء على كنيسة الوراق؟
- من قام بالاعتداءات الإرهابية على الكنائس هو تيار يستعين بالقتل العشوائى لتعيش مصر فى أحداث إرهابية، ولا يستهدف مسيحيين فقط بل مسلمين أيضاً، ففى حادث كنيسة الوراق هناك ثلاثة مسلمين مصابين، وهو فعل خسيس وضد الإنسانية والدين والرجولة والشهامة، ولكنى أؤكد أن إيماننا قوى ومحبتنا أيضاً، ونؤمن بأن هذا التشتيت، وتلك التيارات سوف تنتهى مع الإرهاب فالشعب المصرى مسالم بطبعه وهذه التيارات غريبة عنا، ونحن فى حرب ضد الإرهاب، والذى يعد أصعب من الحروب النظامية بين الدول، وكنا متوقعين أنه من الحين والآخر سوف تظهر أحداث إرهابية.
ولكن ظهرت حركات قبطية طالبت بإقالة وزير الداخلية ودعت لتظاهرات عقب حادث الوراق؟
- من الحكمة ألا تخرج مظاهرات ولا يجب أن ننحصر فى مشاكلنا الخاصة، فنحن نواجه مشكلة إرهاب على مستوى البلد بالكامل، ونطالب الحكومة ووزير الداخلية بأن يكونوا أكثر قوة فى مواجهة الإرهاب والتطرف، ونحن نتساءل أيضاً فى الحوادث الطائفية السابقة أين العدل ؟وأين الأمن؟ وأين العقوبات للمجرمين؟.
للحركات القبطية أعقاب الثورة مواقف مغايرة للكنيسة تجاه التظاهرات أمام مؤسسات الدولة للمطالبة بحقوق الأقباط، وكذلك أقباط المهجر، فكيف ترى تعامل الكنيسة معهم؟
- بالتفاهم والحوار والكنيسة مؤسسة روحية، وليست سياسية، ودورها الإرشاد، وكل شخص حر فيما يقوم به سياسياً.
هل للثورة تأثير على الكنيسة، خاصة أنها جزء من الوطن، وأى تغيرات سياسية ستنعكس عليها؟
- حدث تأثير كبير، فثقافة الثورة أصبحت جزءاً من نفسية الشباب المصرى والأقباط من ضمنهم، فأصبح الناس يثورون على كل شىء وأى شىء، وسقطت هيبة الكبير، وأصبح الناس تعترض على أى شىء، حتى لو كان صحيحاً، لذا نحتاج إلى أن تهدأ الأمور، وأن يستعيد الشباب توازنه وثقته فى الكبير، ويقوم الأخير بدوره بالتفاهم مع الشباب واستيعابهم، وألا يتجاهلهم أو يهمشهم.
تم إعادة هيكلة المجمع المقدس فما هى ملامح هذه الهيكلة؟
- المجمع المقدس له لائحة ونحن ملتزمون بها وتغييرها يحتاج لإجراءات ولكنها لائحة جيدة تمت فى عهد البابا شنودة وبها تقسيم للجان المجمع، ولكن ما استجد هو تسمية لجان جديدة منها لجان فرعية وأساسية مثل لجة الأسرة التى كانت متفرعة من لجنة الرعاية فأصبحت رئيسية، مع تفعيل لجان كان لها مسمى موجود، ولكن لم يكن لها وجود فى الواقع فى النشاط الكنسى مثل لجنة الإعلام والمعلومات ولجنة العلاقات العامة، ولكن هناك لجان عملت بكفاءة عالية جداً مثل لجان الرهبنة والرعاية والإيمان والتشريع كانت تعمل بكفاءة عالية جداً.
ما الذى دعاكم لإعادة هيكلة اللجان بهذه الكيفية؟
- هذا التغير فى إطار مواكبة العصر، بسبب احتياج الكنيسة حيث إن هناك مستجدات جديدة تستدعى عمل لجان جديدة.
هل تم تطوير آليات الشكل الإدارى بالمجمع المقدس أو عمل مقرات له خارج القاهرة؟
- المجمع المقدس مكانه ثابت بالمقر البابابوى بالقاهرة ولكن ما حدث أن أعضاء جدد تمت رسماتهم وهم 16 أسقفا، فتم توزيع الآباء على لجان المجمع وتم اختيار مكان «دور» فى المركز الثقافى القبطى، لعقد اجتماعات المجمع وسوف تنقل إليه مكاتب السكرتارية واللجان، وتم تحديث نظام التصويت فأصبح بالتصويت الإلكترونى أثناء انعقاد الاجتماع فيوضع جهاز أمام كل أسقف ليصوت ومكتوب عليه «نعم، لا، امتنع عن التصوت» ولا يسمح بالضغط على الزر إلا مرة واحدة للدقة، وبعد الضغط تظهر النتيجة مباشرة أمام شاشة عرض أمام الجميع، وجارٍ عمل نظام للمراسلات الإلكترونية بشكل أحدث والنظام الحالى عبر الإيميلات مع كل الآباء فالتواصل معهم عبر الإيميلات ولدينا فى جهاز السكرتارية جهاز مخصوص للمراسلات.
ما الجديد فى لائحة انتخاب البطريرك؟
- لا زالت تحتاج إلى عمل كثير جداً ولم يتم الانتهاء منها، ولكن تم إرسال مقترحات عدة حول اللائحة.
ماذا عن رؤية الأنبا رافائيل حول أهم التعديلات المطلوبة؟
- أعتقد أن أهم جزئيتين هما صفات المرشح للكرسى البابوى وفئات الناخبين، وهذا ما يحتاج إلى عمل كثير لإتمامه، ففى اللائحة القديمة لم تحدد ملامح كافية للمرشح البابوى وتفترض أن الشخص يرشح نفسه ويقدم أوراقه بنفسه وهذا وضع غير كنسى فالمفروض هو أن الآخرين يرشحون شخصا ما، ويكون به مؤهلات وسمات تميزه حتى يليق بهذا المنصب، كما أنه سيتم توسيع فئات الناخبين لتشمل فئات أكثر من الموجودة فى اللائحة السابقة، فوفقها كان عدد المشتركين فى الانتخابات البابوية السابقة 2400 شخص فقط وهذا قليل جداً بالنسبة لعدد الأقباط، لذا فسوف يتم توسيع المشتركين لتشمل فئات وصفات أكثر مثل النقابات المختلفة وغيرها، كما أن اللائحة القديمة كان بها مرتبات الأراخنة مثلاً ولا يجب أن تضم اللائحة أرقاما حيث أنها تتغير ولكن يمكن وضع نوعيات جديدة وصفات وفئات ناخبين آخرين.
الجدل القائم منذ الانتخابات البابوية السابقة كان حول ترشيح أسقف الإيبارشية للانتخابات البابوية فهل تم حسم ذلك الأمر؟
- لم يحسم بعد فمشكلة ترشيح أسقف الإيبارشية للكرسى البابوى وما إذا كان يخوض الانتخابات أم لا سوف يخضع للتصويت داخل المجمع المقدس.
هل انتهيتم فى المجمع المقدس من مناقشة لائحة الأحوال الشخصية؟
- لم نناقشها حيث إنها لم تنته ولم نقم بعمل شيء فيها ولكنها سوف تناقش فيما بعد.
قمتم من خلال المجمع المقدس بعمل لائحة للكهنة؟ فما فائدتها وكيف كان وضع الكهنة قبل تلك اللائحة؟
- أود أن أوضح أن هناك بعض الأمور كانت تسير فى الكنيسة وفق الأعراف والاعتياد مثل انتخاب الكاهن وبعض الأمور كانت تسير بالتعيين مثل تشكيل مجلس الكنيسة، أما الآن نحن فى عصر الحرية وإبداء الرأى فكان لابد أن يكون مجلس الكنيسة بالانتخاب فكان لابد من عمل لائحة جديدة لعملية الانتخاب، والكنيسة طوال تاريخها تسير بنظام، ولكن يجب أن نفرق بين الأمور الإيمانية فهى لا تغير ولا تطوير فيها فهى ثوابت مثل الكتاب المقدس واللاهوت والطقس والممارسات العبادية، أما الأمور التدبيرية والإدارية فلابد من كل جيل عمل تحديث تتناسب مع ثقافة الجيل ومعطيات العصر، وليس معنى عمل لائحة جديدة أن الكنيسة كانت تسير بلا تطوير، لا فكانت متطورة وفق آليات عصرها ووقتتها الزمنى.
تم إقرار لائحة الأسقف بعد عمل مضنٍ ومؤتمر للمجمع المقدس لاستطلاع الآراء فما الهدف من تلك اللائحة وأهميتها؟
- هذه اللائحة تحدد مهام ووظائف الأسقف ومسماه ومعناه، وطريقة انتخابه واختياره وكيف ينظم إيبارشياته، حيث حددت الآليات التى يستطيع العمل بها، عندما يرسم أسقفا، كما وضعت له هيكلا تنظيميا استرشاديا، ومقترحا للبرنامج اليومى والأسبوعى والسنوى للأسقف يساعده فى بداية خدمته وأيضاً حددت المحاذير التى عليه أن يتجنب السقوط فيها، وآليات المساءلة للأسقف لو أخطأ.
بعض الأساقفة طالبوا بتطوير المحاكمات الكنسية وتعديل آليات التقاضى، خاصة فى حال محاكمة الأساقفة، فما هى آليات المحاكمة حالياً؟
- تم الاتفاق على أنه فى حال صدور أى خطأ من الأساقفة وهذا وارد لو أحد قدم شكوى مثلاً، تكون هناك جلسة خاصة بين البابا والمخطئ المشتكى فى حقه، ويقوم البابا بتوجيه الأسقف فى خصوصية وتنتهى القصة، وإن لم تنته المشكلة، البابا يكلف مجموعة من الأساقفة ليتحدثوا مع الأسقف لمحاولة حل المشكلة وإن لم تتم فيحال الموضوع إلى لجنة الإيبارشيات فى المجمع المقدس لدراسة الأمر، وإما أن يستطيعوا حل المشكلة يرفعون توصية للمجمع المقدس للحل، ولا تصدر محاكمة لأسقف إلا بقرار مجمع، وكان البابا شنودة يجلس مع العديد من الأساقفة الذين صدرت ضدهم شكاوى، ولكن الناس لم تعرف ذلك فيعتقدون أن الحكم الصادر من المجمع ضد أحد الأساقفة تم فى عجالة ولم يعط الأسقف فرصة، بل كان البابا شنودة يرسل للأسقف اثنين أو ثلاثة من أصدقائه المقربين لنصحه، والمجمع فى النهاية يأخذ القرار.
كان هناك مطالب للعلمانيين باستحداث منصب «نائب بطريرك»؟
- يجب على الناس أن تدرك أن المجمع المقدس من سلطته استحداث وظائف كنسية، لأن ذلك أثار لغطا كثيراً لدى الناس، منها اعتبار أن وظيفة الأسقف العام غير قانونية، لأنها لم تكن موجودة من قبل، ولكنه من حق المجمع المقدس استحداث مناصب جديدة مثل نائب بابوى أو معاون، أو أسقف عام، فمثلا لدى الكاثوليك رتبة كاردينال، وليست فى كنيستنا، ونحن استحدثنا رتبة المطران والقمص، فهى رتب لم تكن قديمة جداً، فالكنيسة ومجمعها المقدس من حقه استحداث أنظمة جديدة للخدمة، والشىء الثابت هو العقيدة والكتاب المقدس والفكر اللاهوتى، وكذلك فكنيستنا مجمعية وليست بابوية تدار عن طريق قرارات المجمع المقدس فهو السلطة العليا فوق البابا.
الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس:مشكلة الأقباط ليست فى بناء الكنائس بل فى ثقافة التشدد .. مصر محكومة بالإسلام منذ القرن السابع والكنيسة تستطيع التعايش مع أى تيار.. و لا فرق بين نظامى مبارك ومرسى
السبت، 23 نوفمبر 2013 10:11 ص
حوار الانبا رفائيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة