أكد ثلاثة من الكُتاب العرب والأجانب على الدور الكبير الذى تلعبه العولمة ومنتجاتها التقنية فى تغيير قواعد الكتابة ونشر الكتب، حيث بات الكاتب مجبراً على إصدار أعماله بلغات أخرى لتحقيق الانتشار العالمى، وصار الكتاب قادراً على تجاوز قوانين المنع والرقابة والوصول إلى القارىء فى عقر داره.. جاء ذلك فى ندوة "العولمة: الخلفيات والمواجهات" التى استضافها معرض الشارقة الدولى للكتاب ضمن فعاليات "ملتقى الأدب".
وشارك فى الندوة ثلاثة من الكتاب والروائيين الذين عاشوا جزءاً من حياتهم خارج بلدانهم الأصلية وهم سلمى دباغ، الكاتبة والروائية الفلسطينية المقيمة فى لندن، وإيبون لى، الكاتبة والقاصة الصينية المقيمة فى الولايات المتحدة، وتوماس رودين، الكاتب الأمريكى الذى أقام سابقاً فى تايلند، فيما أدارها الدكتور ريتشارد غسان، الأستاذ فى الجامعة الأمريكية بالشارقة.
وقالت سلمى دباغ فى مستهل مشاركتها، إن العولمة فرضت على الكُتاب تغيير توجهاتهم من التركيز على المحلية إلى السعى نحو الانتشار العالمى اعتماداً على الترجمة، فاللغة الأم صارت حاجزاً عند الكاتب إن ظلت كتاباته لا تصدر إلا بها، وصار عليه التفكير بالكتابة باللغة الإنجليزية أو ترجمة مؤلفاته إلى هذه اللغة وغيرها من اللغات التى يعرفها مئات الملايين من البشر حول العالم، وبغير ذلك ستظل شهرة الكاتب محصورة فى بلده أو عند من يعرفون لغته.
وأضافت أن طول التعبير فى النص الروائى سيكون له تأثير على مستوى الإقبال على قراءة هذا النوع من الأدب، ففى عصر العولمة يبتعد الناس عن قراءة الكتب الضخمة أو المؤلفات المجزأة، ويقبلون على قراءة الكتب المبسطة والقصيرة لأنها تناسب إيقاع العصر، مشيرة فى الوقت نفسه إلى أن الكتاب الورقى لن يختفى، ولكن الصلة العاطفية بالكتاب قد تتراجع بسبب وجود الكتب الإلكترونية ومواقع الإنترنت.
من ناحيتها، أشارت إيبون لى، إلى أن العولمة جعلت من الصعب على الكاتب أن يعيل نفسه وأسرته من خلال الكتابة، حيث يضطر للعمل غالباً فى مهنة أخرى توفر له قوت يومه، ويظل فى الوقت ذاته يمارس الكتابة من باب الهواية، مع استثناءات قليلة فى الدول التى تعتبر فيها القراءة عادة متأصلة مثل الولايات المتحدة، والصين، والهند، حيث توجد فى هذه الدول أعداد كبيرة من القراء القادرين على نقل الكاتب إلى عالم المجد الأدبى والثراء المالى فى آن واحد.
وحول تأثير التقنية على الكتابة، قالت إيبون لى، إن الإنترنت جعل الكاتب قادراً على الوصول إلى عالم لم يكن يحلم بالوصول إليه، كما أنه أصبح مثل لاعب كرة القدم، لا يهمه مكان إقامة المباراة، فهو قادر على الإبداع فى كل مكان، والعولمة ستنقل كتاباته ومؤلفاته إلى كل مكان، كما أن ظهور الكتب الإلكترونية جعل الكتب قادرة على اختراق كل قيود المنع أو المصادرة، وهو ما أسهم فى تعزيز حرية الرأى فى العالم.
أما توماس رودين فأكد أن الُكتاب فى الولايات المتحدة كانوا الأكثر سرعة فى الاستفادة من العولمة بين كل الكتاب الآخرين فى العالم، بسبب ظهور التقنيات الحديثة ومنها الإنترنت فى بلادهم قبل البلدان الأخرى، وأصبح الجمهور قادراً على الإطلاع على الأحداث ومتابعة تفاصيلها أولاً بأول من خلال المواقع الإلكترونية بدلاً من وسائل الإعلام التقليدية البطيئة وغير القادرة على الوصول بسهولة إلى كل مكان.
وأشار إلى أن واحداً من أبرز تأثيرات العولمة هو أنه يمكن لأى شخص فى أى مكان من العالم أن يحصل على الكتاب الذى يريده فى ظل توفر الكتب الإلكترونية، حتى لو كانت ممنوعة فى بلده، كما أن العلاقة بين الكُتاب والقراء بدأت أكثر بروزاً بفضل مواقع التواصل الاجتماعى، وصار الكاتب شخصية معروفة فى تفاصيل حياتها اليومية، على عكس الوضع السابق حين كان القارئ يعرف كاتباً ولا يعرف حتى صورته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة