«العقول الماكرة تفكر بنفس الأسلوب».. فبالأمس تحدت جماعة الإخوان المسلمين إبان فترة حكمها رغبة ملايين المصريين فى التغيير ورفعت سلاح «الحفاظ على الشرعية» فى وجه الإرادة الجماهيرية، ولكن السحر انقلب على الساحر وتفتتت الشرعية أمام الإرادة، واليوم وبنفس العقلية ترفع حكومة النهضة التونسية الإخوانية نفس السلاح «الحفاظ على الشرعية» فى وجه الجماهير التونسية الراغبة فى التغيير للخروج بالبلاد من أزمة سياسية، وصلت شهرها الثالث ومنذ اغتيال المعارض شكرى بلعيد فى يوليو الماضى.
ما تشهده تونس الآن من مظاهرات جماهيرية خرجت للتنديد بأداء حكومى أفرز- على حد زعم البعض- مجموعات مسلحة إرهابية تستهدف عناصر الجيش والشرطة بشكل متزايد، وصفه خبراء بأنه قد يكون تكرارا للسيناريو المصرى فيما يخص إسقاط المصريين لجماعة «الإخوان المسلمين» من الحكم، وهذا ما توقعته شخصية رفيعة المستوى بحجم ميخائيل مارجيلوف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس الشيوخ الروسى، الذى قال، إن تونس تشهد ربما تنفيذ سيناريو مماثلا لما حدث فى مصر، وذلك فى ظل خروج تظاهرات معارضة تطالب باستقالة حكومة على العريض التونسية التى يقودها حزب النهضة الإسلامى.
الرئيس التونسى منصف المرزوقى ورئيس حكومتة على العريض وجها كلمتين الأربعاء الماضى للمتظاهرين الذين تجمعوا أمام مقر الحكومة فى مدينة سيدى بوزيد مطالبين بإسقاطها، وتعهد العريض بالاستمرار فى الحكومة لحين وضع الدستور، وهذا ما أكد عليه الرئيس المرزوقى بعد ذلك، ولكن تبين من ردود فعل المعارضين أن الكلمتين كانتا «مخيبتين للآمال» ولم تستطيعا كبح جماح الجماهير التونسية، وإطفاء لهيب انتفاضة شعبية قلما عرفتها البلاد، ونتج من هذا الرفض الحكومى للاستقالة خروج مظاهرات أكثر، ووقوع ضحايا أكثر، منهم 6 من عناصر الشرطة، قتلوا فى مواجهات مع إرهابيين، فضلا عن تأجيل جلسات الحوار الوطنى بين الحكومة والمعارضة لتعليق الأخيرة المشاركة، ومن ثم بدأ الموقف يتأزم فى ظل تعذر التوافق.
وفى ظل هذا، يشهد الشارع التونسى انتفاضات عديدة وغاضبة فى عدة مدن، احتجاجا على بقاء حكومة النهضة الإخوانية التى تتعاطى مع حركة الشارع بنفس أسلوب نظرائها «الإخوان» فى مصر وبنفس الآلية، حيث خرجت مظاهرات مؤيدة للحكومة ترفع شعارات كانت أحد أسباب سقوط حكومة الإخوان فى مصر أهمها «الشرعية انتخاب يا دعاة الانقلاب».
وسط ذلك ظهر حزب «جبهة الإصلاح» التونسى، ذو التوجه السلفى، على استحياء ليصف مقتل شرطيين تونسيين بمدينة سيدى بوزيد، وسط البلاد، بـ«محاولة غادرة ورخيصة ضمن مخطط الانقلاب على الثورة»، ومن الواضح أن السلفية التونسية غير راضية عن المظاهرات ضد الحكومة وحاولت وصفها- ولكن بشكل غير مباشر- أنها محاولة انقلاب غير مقبولة. أما نواب الجبهة الوطنية للإنقاذ المعارضة فأعلنوا الدخول فى «اعتصام مفتوح بساحة القصبة حتى رحيل حكومة العريض» واصفين كلمة على العريض وكذلك رئيس الجمهورية منصف المرزوقى مساء الأربعاء بـ«المخيبة للآمال».
وما بين هذا وذاك، يرى محللون سياسيون أن استقالة حكومة على العريض تعتبر مسألة وقت لا أكثر، ويندرج تأخيرها فى إطار مزيد ربح الوقت من طرف الائتلاف الثلاثى الحاكم ومن ورائه حركة النهضة، وذلك لأسباب تتعلق بوضعية الحركة فى السلطة والخوف من المحاسبة على فترة الحكم السابقة، خاصة مع وجود شكوك وشبهات حول فساد إدارى ومالى تتحمله الحكومة الحالية فى علاقة بملف التعيينات فى القطاع العام القائم على الولاء والمحسوبية، مع وجود مسؤولية سياسية حول ملف الإرهاب، لذلك فالنهضة تحاول ترتيب وضعها خارج السلطة ووضعها الانتخابى فى الاستحقاقات القادمة.
وهنا يكمن التساؤل الذى ستجيب عليه الأيام وربما الساعات القادمة.. هل سيصبر الشعب التونسى على حركة النهضة لحين ترتيب أوراقها ومن ثم تقديم استقالتها؟ أم سيفعلها- كما فعل المصريون- و«يسقط» حكومة النهضة الإخوانية؟!
على أى حال ليس أمام حكومة على العريض سوى الاستقالة و الالتزام بها فى الأيام القادمة والجلوس إلى طاولة الحوار، ولا بديل عن الحوار فى ظل تأزم الوضع الأمنى فى البلاد، وهذا ما يجعل حركة النهضة تخسر الكثير من خيارات المناورة وربح الوقت، وأعتقد أن الجميع سيأتى للحوار فى الأيام القليلة القادمة ولا حل للأزمة خارج ذلك.
«إخوان» تونس يضعون أنفسهم على «سن الرمح» إن لم يلتزموا بالاستقالة
الإثنين، 28 أكتوبر 2013 02:48 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابورامى الصعيدى
مرزوقى اخر سيشكل الوزارة
عدد الردود 0
بواسطة:
shaab
الاخوان