بعيدا عن الرأى الذى خرج به علينا الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، حيث أبدى استياءه من الكم الكبير للمسلسلات الدرامية التى تعرض على شاشات الفضائيات فى شهر رمضان المبارك، واعتبرها خطة متعمدة تهدف إلى سرقة وقت الإنسان، داعياً إلى بذل المال والصدقات خلال مشروع الـ100 يوم لرئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى.
وتساءل بديع: «هل يُعقل أن يعد لشهر رمضان سبعون مسلسلا؟!»، وأضاف: «من أين يأتى الصائم بوقت لمتابعة كل هذا؟!»، مشيراً إلى أن ما يحدث من عرض لهذا الكم من المسلسلات خطة متعمدة لتسرق وقت الإنسان، وتحرم الأمة كلها من ثمرة المشروع الكبير، وهى «تحقيق التقوى»، بحسب تعبيره.. ويبدو أن الدكتور بديع لا يعرف أن من يريد أن يتعبد فإنه يتعبد، وأن من يرغب فى المشاهدة فليفعل، وأنه ليس بالضرورة أن يجلس المشاهدون أمام التليفزيون ليل نهار ليشاهدوا هذا الكم من المسلسلات، والدليل على ما أقول هو توافد الآلاف فى مساجد مصر للصلاة يوميا، وأن الكثيرين منهم لا يرون تعارضا بين أن يؤدوا فروض الله، ويختار كل منهم عملا أو اثنين أو حتى أربعة لمشاهدتها، وغاب عن المرشد العام أن الدراما هى صناعة لها آلياتها مثل غيرها من الصناعات، والتى تفتح الكثير من البيوت، وهنا لا أتحدث عن النجوم، ولكن عن العمالة الفنية التى تعمل فى تفاصيل التفاصيل فى هذه الصناعة، من عمال فى ديكور ونجارة وحدادة، وأزياء وإكسسوارات، التفاصيل كثيرة ويبدو أن المرشد العام يجهلها، وأن شهر رمضان هو الموسم التسويقى والإعلانى لهذه الصناعة أو البضاعة المعروضة، وهو ما يعنى حركة فى الأسواق ورؤوس أموال، تصب فى صناعة الميديا، ولكن يبدو أن المرشد العام تعجل فى الإفصاح عن الرؤية الحقيقية للفن والفنانين، وعن رغبة أكيدة سيعمل عليها الإخوان فى المرحلة المقبلة ألا وهى «تقزيم» دور الفن والثقافة.. ويظل أن الأهم فى ذلك هو أن من يرغب فى المشاهدة فليفعل ذلك بضغطة زر، ومن يمتنع فهذا حقه، ولكن عليه ألا يصادر على حرية الآخرين.. وبعيدا عن رأى المرشد العام ونصائحه.. فشهر رمضان هذا العام يحمل تنوعا شديدا ليس على مستوى النجوم المشاركين، ولكن أيضا الموضوعات التى تناقشها هذه الأعمال، سواء الاجتماعية منها، أو الكوميدية، أو تلك التى تحمل بعدا سياسيا.. وسنتناول أعمال الميجا ستارز فى البداية، ثم السوبر ستارز من الشباب.
الميجا ستارز
بنظرة سريعة على أعمال النجوم المعروضة فى شهر رمضان، بدءا من عادل إمام ومحمود عبدالعزيز والفخرانى والشريف وليلى علوى ويسرا وإلهام شاهين سنجد أن المسافة بعيدة، وهناك فروق متباينة بين أعمال هؤلاء النجوم، وإذا كان الفخرانى ونور وإلهام ويسرا وليلى من النجوم الذين يطلون بانتظام على جمهورهم فى شهر رمضان، فإن بعضهم أدرك ضرورة أن ينوع ويغير من طبيعة الموضوعات التى يقدمها، فى حين أن ضيوف هذا الشهر محمود وعادل عزف كل منهم معزوفته الخاصة، فعادل إمام الذى يعود بعد غياب 30 عاما بمسلسله «فرقة ناجى عطا الله» ويقدم من خلاله الكوميديا السياسية فى قضية تتعلق بالعلاقات المصرية الإسرائيلية يرصد الانتهاكات الإسرائيلية فى غزة وعلى الحدود المصرية، ورغم الخفة الشديدة التى تناول بها يوسف معاطى قضية بهذا الثقل والعمق، وأيضا عدم منطقية الأمور الدرامية المتعلقة بشخصية ناجى عطا الله، والتى جاءت أشبه بـ«السوبر مان»، وتيمة العمل نفسها والتى حملت الكثير من التكرار، حيث تبدو كأنها «كولاج» من أفلام الكاوبوى، فإن وجود عادل إمام على الشاشة يعطى مسحة من الكوميديا تتولد من خلال خبرته، وقدرته على انتزاع الإيفيه، وبرز معه العديد من الشباب، ومنهم نضال الشافعى، وأحمد صلاح السعدنى، وهو ما تؤكده معدلات تحميل الحلقات على الإنترنت، حيث يتصدر الزعيم المرتبة الأولى، وأيضا الشرائح الإعلانية التى تبث كفواصل بين مشاهد الحلقات.
أما النجم المبدع محمود عبدالعزيز فإنه يقدم شخصية تحمل الكثير من السحر فى مسلسله «باب الخلق»، وبعيدا عن المط والتطويل فى العمل، وتكرار بعض اللقطات بهدف تأكيد معان سبق طرحها، فإن وجود محمود على الشاشة يضفى سحرا خاصا يرجع لموهبته، حيث إن الكاميرا لا تملك إلا أن تحبه أو تبحث عنه، وبمجرد أن يغيب عن الشاشة تشعر بثقل الأحداث، ويحسب له أنه عاد إلى الدراما بعد غياب 8 سنوات بموضوع شائك عن الإرهاب والتطرف واللذين باتا يحكمان العالم والعلاقات الإنسانية، ويكشف عن مرحلة مهمة فى تاريخ الإسلاميين المتشددين الذين سافروا إلى أفغانستان، للوقوف مع الأمريكان ضد الروس الكفرة، وباعتبار أن ذلك جهاد فى سبيل الله، ورغم سفرهم بموافقة الحكومة فإن جميعهم تحولوا إلى إرهابيين، وتم وضعهم على قوائم الترقب والوصول، ولكن سيناريو العمل يفتقد الإحكام، وهو ما انعكس على الإخراج وإيقاعه البطىء إلى حد ما، إلا أن المسلسل يضم العديد من الوجوه الشابة الواعدة.
يظل يحيى الفخرانى هو نجم نجوم رمضان بحق، ليس فقط للتنوع الذى يشهده مشواره الفنى مع الدراما التليفزيونية، والتى قدم من خلالها شخصيات لا تزال محفورة فى الذاكرة وستعيش كثيرا، ومنها بابا عبده، سليم البدرى، بشر عامر، رحيم المنشاوى، شرف فتح الباب، سيد أوبرا، شيخ العرب، وغيرها من الشخصيات، ومن هذا المنطلق يختار الفخرانى أدواره بعناية شديدة، ودائما ما يحلق فى مناطق خاصة، لذلك فالفخرانى يقدم هذا العام تجربة إنسانية بالأساس مع الخواجة عبدالقادر، وصاغها بحرفية الكاتب المتميز عبدالرحيم كمال، حيث يتناول العمل فكرة فلسفية شديدة العمق عن الإيمان والشك واليقين، والبحث عن الذات، وحالة السلام التى ينشدها الإنسان فى رحلة بحث تشبه ما قام به بطل ساحر الصحراء للكاتب باولو كويلهو، وتكمن براعة النص فى قدرة عبدالرحيم على تحويل تلك الأفكار إلى دراما حية تنبض، بالشخوص والتفاصيل التى تأخذ النفس إلى مناطق أبعد بكثير من الأمور الحياتية. الخواجة عبدالقادر عمل يحمل الكثير من عناصر التميز.
أما النجم الكبير نور الشريف، والذى أدرك أنه لابد أن يغير من نمط الأعمال التى يقدمها، بعد سنوات من انشغاله بشخصية الدالى، فإنه نجح هذا العام فى العودة من خلال عمل مختلف، ويحمل الكثير من عناصر التميز وهو «عرفة البحر» الذى يشهد مباراة تمثيلية بين نور، وأحمد بدير، ودلال عبدالعزيز، وهالة صدقى، ويحفل أيضا بالمواهب الشابة، والعمل تدور أحداثه فى إحدى قرى الصيادين بالإسكندرية، وتتم قراءته على مستوى الحدوتة المباشرة، والتى تتمثل فى الصراع بين عرفة وخراشى، ولكن بالطبع هناك مستوى أكثر عمقا ويتعلق بتناقضات النفس البشرية، وكيف يتحول نموذج الشر إلى الخير فى موقف بعينه، والعكس صحيح، كما أنه يكشف واقعا حياتيا لأهل العزبة يحمل الكثير من التفاصيل الجديدة على العين والدراما التليفزيونية، وهو ما وظفه المخرج أحمد مدحت بذكاء فى الصورة. عرفة البحر تأليف محمد الصفتى وإخراج أحمد مدحت فى أول تجربة درامية له.
الستات
إذا كان نجوم الدراما من الرجال قد حملت تجاربهم تباينا واختلافا، فإن الوضع بالنسبة للنجمات الكبار لم يختلف إلا قليلا.. فالنجمة إلهام شاهين لم تقدم جديدا من خلال مسلسلها «معالى الوزيرة»، والذى جاء صورة باهتة و«كولاج» من أعمال سابقة لها، وهو ما يجب أن تعمل عليه إلهام فى المرحلة المقبلة، بمعنى تطوير نوعية الأفكار التى تقدمها وألا تخشى التعامل مع الشباب، فهى تحتاج لنفس جرأتها فى السينما لتحقق طفرة فى ما تقدمه لجمهورها فى رمضان.
أما النجمة الكبيرة يسرا فحاولت بقدر الإمكان البعد عن طبيعة الأدوار التى حرصت على تقديمها فى السنوات الماضية، سواء دور الطبيبة، أو الدكتورة الشرعية، أو الطبيبة النفسية، وغامرت بتقديم دور كوميدى بمشاركة النجم سمير غانم، وعدد من النجوم، ورغم أن المسلسل لم يتصدر الأعلى فى نسب المشاهدة أو التحميل على الإنترنت، لكن على المستوى الجماهيرى يتعاطف الكثيرون مع شخصية «شربات» التى تعيش بوجهين، إلا أنها من داخلها إنسانه طيبة وخفيفة الظل، ولكن فى نفس الوقت تحمل جوانب عديدة من الشر، وأعتقد أن جزءا من أزمة المسلسل أن المخرج خالد المرعى رغم تميزه فإنه لا يملك الحس الكوميدى الذى يساعده على تقديم 30 حلقة مليئة بالمواقف الكوميدية، وانعكاس ذلك على الصورة، وهو ما يفتقده المسلسل.
وتظل النجمة ليلى علوى هى الأكثر ذكاء بين نجمات جيلها، حيث تقدم هذا العام مسلسلا شديد التميز هو «نابليون والمحروسة»، مع الكاتبة عزة شلبى، والمخرج التونسى المتميز شوقى الماجرى، وهو عمل يناقش فترة مهمة فى تاريخ مصر.
علا الشافعى تكتب: الفخرانى أيقونة رمضان والزعيم فى المقدمة وعبدالعزيز ساحر الكاميرا.. ونور يخرج من عباءة الدالى ويفتش فى تناقضات البشر.. ويسرا تهرب للكوميديا وإلهام تقدم كولاج من أعمالها السابقة
الثلاثاء، 31 يوليو 2012 12:21 م
مسلسلات رمضان 2012
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
زيزو
الوزن الفعلى
عدد الردود 0
بواسطة:
الي تعليق 1 : اية اللي دخل وزن هذه الاعمال الفنية بمقدارها عند اللة تعالي ؟؟ اي كلام وطحي
الي تعليق 1 : اية اللي دخل وزن هذه الاعمال الفنية بمقدارها عند اللة تعالي ؟؟ اي كلام وطحي
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر الصباغ
انا بحس انى بتفرج على اعلانات مش مسلسللات
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن سعد
معالجة البطالة اهم
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال مصطفى
ثلاث سنوات ما شفت مسلسل مصرى
السينما الامريكية انضف منها مئات المرات .
عدد الردود 0
بواسطة:
OSAMA
الي الكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
ام عبد الرحمن - الغردقه
الحمد لله لا نرى مسلسلات
عدد الردود 0
بواسطة:
نورة
رأي
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري بن مصري
كام مليار جنيه
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد معدي
النقد الفني المدفوع الاجر