أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء، تقريراً بعنوان " أحداث السويس..اغتيالا للحياة وناقوس خطر لعودة عنف التسعينيات"، حيث يتناول التقرير بالرصد والتوثيق نتائج بعثة تقصى الحقائق التى أوفدتها المنظمة المصرية لمحافظة السويس، للوقوف على ملابسات حادث مقتل طالب السويس، وجاء التقرير متضمناً العنف فى مصر منذ التسعينيات وحتى السويس وأحداث السويس ...شهادات حية.
وشددت المنظمة، على أن واقعة السويس تعتبر بمثابة انتهاكا للحق فى الحياة وحرمة الحياة الخاصة المكفولة بمقتضى الإعلان الدستورى والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، ومخالفة لالتزامات مصر الدولية أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان فيما يخص هذا الحق باعتباره أحد الحقوق الأساسية للإنسان، وقد كرسته الشرعية الدولية فى وثائق أممية وهي: الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختيارى الثانى الملحق به، والذى نادى باحقية كل فرد فى الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه، (م 3 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وان الحق فى الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمى هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا، (م 6 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ).
وحرصا من جانب المنظمة، على حياة أبناء الوطن مسلميه ومسيحيه، وتخوفا من دخول البلاد فى دوامة من العنف والعنف المضاد، ومنعا من تكرار حادث السويس مرة أخرى، فإنها تطالب بإعلان نتائج التحقيقات- أيا كانت- للرأى العام، كما أوصت فى تقريرها بالآتى :تعزير وتكثيف التواجد الأمنى لرجال الشرطة والقوات المسلحة بالشوارع ولاسيما المزدحمة، وذلك بجميع المحافظات دون استثناء، حرصا على أرواح المواطنين كافة وحماية لحرياتهم الشخصية ، ولكن فى ذات الوقت لاينبغى التوسع فى عمليات الاعتقال العشوائى للمواطنين دون توجيه تهم إليهم، أو القيام بتعذيب المشتبة فيهم، لأن مثل هذه الإستراتيجية ستؤدى فقط إلى إدخال البلاد فى موجة من العنف والعنف المضاد.
بالاضافة لضرورة إصلاح المنظومة الأمنية وتعزيز كفاءتها المهنية، وإصلاح علاقتها بالمواطنين لتقوم على الاحترام المتبادل، وإعادة هيكلة ميزانية وزارة الداخلية، وزيادة مرتبات ضباط و جنود الشرطة، وإرساء وتدعيم قيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان فى المجتمع المصري، وإطلاق الحريات العامة، ورفع القيود عن العمل السياسى والحزبى من أجل تعميق الممارسة الديمقراطية، وكذلك إطلاق عمل منظمات المجتمع المدنى وتحريره من القيود التى تكبله، بما يسمح بتعزيز قيم المشاركة السياسية والحريات العامة؛ فالردع الواجب لمرتكبى الأعمال الإرهابية ينبغى أن يتم فى إطار من احترام الدستور وسيادة حكم القانون ومبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، بجانب ضرورة قيام الحكومة المصرية بالمصادقة على جميع الآليات الدولية لحقوق الإنسان والصكوك الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب وتنفيذها، بما فى ذلك البروتوكول الاختيارى الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، مع السماح للمقرر الخاص بالتعذيب بزيارة مصر .
وعلى الرغم من أهمية مواجهة أعمال العنف المسلح وحماية المجتمع والمدنيين من القائمين بأعمال العنف كمسئولية أساسية تقع على الدولة والحكومة معا، فإن المنظمة فى نفس الوقت نؤكد على أن احترام حقوق الإنسان ومعايير العدالة فى مواجهة هذه الجماعات المسلحة لا يتناقض مع قرارات المواجهة وتحقيق الأمن فى البلاد، بل إن الطريق الوحيد الذى يؤدى إلى نجاح المواجهة هو الاحترام الكامل لقيم ومبادئ حقوق الإنسان، وعليه ينبغى أن تقوم الحكومة بمراجعة المنهج والأسلوب الذى اتبعته خلال السنوات الماضية مع المشتبه فى قيامهم بأعمال إرهابية، لاسيما فى ظل انحسار أعمال العنف المسلح منذ عام 1997، ومن المطلوب أن تتضمن تلك المراجعة ما يضمن الحقوق الأساسية للمواطنين المنصوص عليها فى الاعلان الدستورى والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، مؤكدة على عدم وجود تعارض بين ضرورات مكافحة العنف واحترام حقوق الإنسان، ويتآتى ذلك عبر تفعيل القانون رقم 97 لسنة 1992 فيما يخص مكافحة الارهاب، ولكن ينبغى إعادة النظر فيه على النحو الذى يحدث فيه توازنا بين حماية حقوق الإنسان و مكافحة الإرهاب، وكذلك معايير المحاكمة العادلة والمنصفة والتى أقرتها (م14) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، وتتمثل تلك المعايير فى الآتي:" المساواة أمام القضاء، وعلانية المحاكمة، واستقلالية وحيادية واختصاص المحكمة، وقرينة البراءة، وأن يعطى من الوقت والتسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وعلانية الأحكام الصادرة، ومنح المتهم الحق فى استدعاء شهود نفى بذات شروط شهود الإثبات، وحق الطعن على الأحكام الصادرة أمام محكمة أعلى".
والإعمال الحازم لمبدأ سيادة القانون، ومعايير المحاكمة العادلة فى التعامل مع جرائم العنف والإرهاب الدينى، مع صيانة وترسيخ مقومات وركائز الدولة المدنية، ووضع حد للتوظيف المتزايد للدين فى العمل السياسى وفى العمل العام، ومحاسبة من يقومون بفرض وصايتهم على أبناء المجتمع باسم "الدين"، ووفقا لتصورات عقائدية معينة من يخالفها يقع خارج إطار الدين، مع دعوة جميع المثقفين وأصحاب الرأى والقوى المدنية إلى الوقوف معا من أجل مجابهة ذلك، لأن التساهل فى هذا الأمر سيفتح الباب على مصراعيه لتقويض أسس الدولة المدنية، ويجعل حياة المواطنين وحرمة حياتهم الخاصة أمرا سهل المنال منه، مما يمثل نكسة لثورة 25 يناير، وردة لعقد التسعينيات.
ووضعت المنظمة خطة عمل واضحة المعالم، تضمن إعمال جميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التى ترتقى لطموح جموع المشاركين فى ثورة 25 يناير، وبشكل خاص وضع نظام عادل للأجور والمعاشات، بما يتناسب مع تكاليف المعيشة، وضمان الحقوق الأساسية ( الصحة والتعليم والعمل والسكن )، ووضع برنامج للقضاء على الفقر والبطالة والفساد بالاضافة لتعزيز دور الإعلام الواعى والمستنير فى نشر ثقافة الآخر المختلف فى الرأي، وتكثيف البرامج التلفزيونية الداعية لنبذ التعصب الدينى وثقافة الكراهية، ونشر ثقافة التسامح، وترسيخ مبادئ المواطنة .
"المصرية لحقوق الإنسان" ترصد نتائج "تقصى الحقائق" فى مقتل طالب السويس
الأربعاء، 11 يوليو 2012 06:05 م
طالب الهندسة أحمد حسين عيد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة