لم تخرج ثورة الخامس والعشرين من يناير لتطالب بتحقيق الأهداف الثلاث "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، فحسب ولكن أيضا نادت بإسقاط دستور 1971 والذى تم العمل به طوال العقود السابقة لما يمنحه من سلطات وصلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية ذاق ويلاتها هذا الشعب مثل حقه فى إصدار القوانين والتشريعات بموافقة ثلثى أعضاء مجلس الشعب وتوليه للسطلة التنفيذية ووضع السياسة العامة للدولة، وإصدار لوائح الضبط واللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين وتوليه قيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحقه فى إعلان حالة الطوارئ وتعيينه لرئيس المحكمة الدستورية العليا وغيرها من الصلاحيات والسلطات.
وأمام الصلاحيات المطلقة السابق ذكرها خرج المجلس الاعلى للقوات المسلحة مؤخرا علينا ليقر إعلانا دستوريا مكملا يحُد تماما من صلاحيات الرئيس القادم ويجعلها فى يده وحده، مما يعكس رغبة العسكرى فى تسليم السلطة شكلا لا موضوعا ويجعلنا أمام رئيس شرفى، ذلك لأن الإعلان جاء فيه اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة، وتعيين قادتها ومد خدمتهم، ويكون لرئيسه حتى إقرار الدستور الجديد جميع السلطات المقررة فى القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة، ونص على أنه يجوز للرئيس الاستعانة بالقوات المسلحة فى حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد تستوجب تدخلها وعدم إعلان حالة الحرب إلا بعد الرجوع إليها.
ويقر الإعلان أيضا سلطات القوات المسلحة ومهامها وحالات استخدام القوة والقبض والاحتجاز والاختصاص القضائى وحق المجلس فى تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، على الرغم من أن المجلس لا يحق له تشكيل جمعية جديدة وكل هذا على الرغم من أن بعض الفقهاء الدستوريين رأوا انه يمكن العمل بدستور عام 1971 مع التقليل من صلاحيات الرئيس وليس إلغاءها تماما كما فعل العسكرى حتى لا نصبح أمام ديكتاتور كامل وفى نفس الوقت نتجنب وجود الرئيس "الواجهة" الذى لا يملك من الحكم شيئاً.
المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادى القضاء السابق، يصف الإعلان الدستورى المكمل بالمشبوه قائلا، إنه لا يحق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة إصدار إعلان دستورى فى وجود رئيس جمهورية منتخب، بالإضافة إلى أن أى إعلان دستورى لابد من عرضه أولا على الشعب ليتم استفتاؤه عليه ومعرفة ما إذا كان رافضا أم مؤيدا له، ويتساءل عبد العزيز، قائلا ما سبب إصدار المجلس العسكرى لإعلان دستورى مُكمل قبل مجىء الرئيس المنتخب بساعات، هل يريدون الاستحواذ على البلاد أم ماذا؟ خاصة أن هذا المجلس لا شرعية له منذ بداية الثورة وحتى وقتنا هذا، ذلك لأن توليه لإدارة شئون البلاد كان مجرد أمر واقع يستلزم تركه بعد مرور الفترة المحددة وهى ستة أشهر.
ويضيف عبد العزيز أن شرعية المجلس لم تسقط فقط بمرور الفترة المقررة سلفا، ولكن بما شهدته مصر طوال المرحلة الانتقالية من أحداث دامية أسفرت عن سقوط المئات من أبناء الوطن مثل أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وغيرهم.
اختصاص المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتعيين وعزل قياداته وفقا للإعلان الدستورى المكمل أمر لم يسلم من انتقادات عبد العزيز له والذى قال فى هذا الشأن إن كافة قيادات المجلس العسكرى بلغت سن التقاعد، وبالتالى لا يجوز أن تتولى أى منصب فى البلاد أو أن تكون لهم السلطة فى إدارة مقادير الأمور، ويرفض عبد العزيز تجاهل الإعلان للإرداة الشعب وضرب عرض الحائط بها قائلا: "الشعب مصدر السلطات ولا يجوز تجاهله هكذا".
الدكتور محمد محسوب، عميد كلية الحقوق جامعة المنوفية، يقول إننا كنا قديما نعيب على دستور عام 1971 لما يمنحه من سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية حتى أصبحنا أمام إعلان دستورى مكمل يحد من صلاحيات الرئيس تماما ويجعل منصبه شرفيا، ويضف محسوب هذا الإعلان بالبيان الأول للثورة المضادة، لما يعكسه من رغبة حقيقية للمجلس العسكرى فى السيطرة على البلاد والابتعاد عن تحقيق أى إنجازات.
ويؤكد محجوب أن إصدار العسكرى لهذا الإعلان جاء بعد تأكده من فوز المرشح محمد مرسى مقابل خسارة مرشح النظام السابق الفريق أحمد شفيق فأراد بذلك أن يقيد ويحد من صلاحيات رئيس الثورة ليجعلنا أمام رئيس شرفى بلا صلاحيات، خاصة بعدما قام بحل البرلمان دون الاعتماد على أى سند قانونى ولم يكتف بذلك فحسب، ولكن أيضا كلف نفسه بإصدار السلطة التشريعية قائلا: "حتى إذا افترضنا قانونية حل مجلس الشعب فهذا لا يعنى أن تتنقل السلطة التشريعية للمجلس العسكرى لأنه من المفترض أن الرئيس القادم يتولى هذا لمدة 60 يوما يدعو بعدها للانتخابات البرلمانية وأولا، وأخيرا هذا الإعلان هو تجسيد حى للتطاول على الشعب المصرى وعلى سلطاته.
الفقيه الدستورى الدكتور ثروت بدوى، يقول إن المجلس العسكرى يعمل وفقا لمخطط، يضمن له الاستمرار فى الهيمنة على السلطة إلى الأبد ويجعل من اى مجالس نيابية منتخبة أو رئيس دولة منتخب مجرد ديكور بلا صلاحيات بعدما تصبح كل السلطات فى يد المجلس العسكرى، بمعنى أنه سيمارس كافة سلطات رئيس الجمهورية السابقة، بالإضافة إلى الهيمنة الكاملة على السلطتين التشريعية والقضائية وهذا ظهر بعدما أصبح رجال القضاء مُجندين للدفاع عن أعمال وإجراءات المجلس العسكرى كما هو واضح فى قرار الضبطية القضائية الذى صدر عن وزير العدل وقام رجال القضاء بعد ذلك بالدفاع عنه.
ويضيف بدوى أن الانتقادات التى كانت توجه لدستور 1971 الذى قدم صلاحيات مطلقة للرئيس لم تختلف كثيرا عن الهجوم الموجه للإعلان الدستورى المكمل الآن، لأنه قام باستبدال الرئيس المهيمن بمجلس عسكرى مسيطر على كل شىء وفقا لنصوص صريحة تجعل الرئيس القادم غير قادر على ممارسة أى شىء، فضلا عن أن هذا الإعلان جعل الدولة المصرية خاضعة بالكامل للمجلس العسكرى الذى أقام دولة داخل الدولة وجعل قوته أعلى من اى سلطة داخل الدولة، واصفا ما يحدث على الساحة الآن بـ"المسرحية".
"العسكرى" يلغى مفهوم الرئيس "الديكتاتور" من دستور 71 ويستبدله بالرئيس "الشرفى"..عبد العزيز: إعلان العسكرى "مشبوه".. محسوب: المجلس تأكد من خسارة مرشح النظام السابق فأراد التحكم فى سلطات رئيس الثورة
الإثنين، 18 يونيو 2012 06:54 م
المشير طنطاوى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نبيل المصرى
مجرد سؤال
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
لا طبعاً
عدد الردود 0
بواسطة:
ميزان الحق
هههههه الاعلان صدر قبل ما الانتخابات تخلص
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد نصر
كل يوم يزيد شعب مصر فى نظر العالم إلا المجلس العسكرى مصمم أنه بيتعامل مع حمير
عدد الردود 0
بواسطة:
lمنى
المجلس العسكري ليس له اى صلاحيات الان بعد انتخاب الرائيس ولن نعترف باى قرار له الان
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد نصر
من الذى يحرك الفساد فى مصر بعد المخلوع !!!! الإستسلآم أم المجلس العسكرى أم كلآهما معا ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد نصر
لأخى ضابط الجيش بل لأقل عسكرى أنت فى أعيننا وقلوبنا وهذا حقك أما المجلس العسكرى لا
عدد الردود 0
بواسطة:
د محمد نصر
لماذا لا تتوجون مصر بعمل يسجل لكم لا يسجل عليكم !!؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
فيصل عبد الستار جمعة /معلم / بني سويف
يا سادة نجن أمام إنقلاب عسكري ناعم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد مجاهد
سقط القناع