رأفت محمد السيد يكتب: المصريون بين "سِندان" الإخوان و"مقصلة" النظام البائد

"تأتى الرياحُ بما لا تشتهى السفن" هكذا عبرت نتائج انتخابات الجولة الأولى فى سباق الرئاسة لحكم مصر، فقد كان من المدهش أن تكون هناك جولة إعادة بين الدكتور محمد مرسى "مرشح الإخوان المسلمين" وبين الفريق أحمد شفيق "أحد رموز النظام السابق" وكلاهما وبمنتهى الموضوعية لا غبار على شخصيته، ولكن الأول لا ينسى الشعب المصرى أنه مرشح الإخوان المسلمين الذين فقدوا الكثير من شعبيتهم ومصداقيتهم لدى الشارع المصرى، لاسيما بعد الأداء الباهت وغير المتوقع من مجلس الشعب تارة؛ وإعلانهم عن أمور ثم تراجعهم عنها تارة أخرى، وأخيرًا الهجمة الشرسة والممنهجة ضدهم من أغلب وسائل الإعلام خوفًا من قوتهم وغلبتهم.

وعلى الجانب الآخر تأتى صناديق الاقتراع بأحمد شفيق أحد رموز النظام البائد الذى قامت الثورة لإسقاطه فضلاً على قناعات الكثيرين بمسئوليته عن دماء الشهداء التى سالت عقب توليه رئاسة الوزراء فى "موقعة الجمل" فمن المصريين من قام بالتصويت لشفيق نكاية فى الإخوان المسلمين، وهناك من صوت له من أصحاب المصالح ورجال الأعمال وأعضاء الحزب الوطنى السابق؛ لأنهم وجدوا فيه طوق النجاة ليعودوا من جديد بعد أن أسقطتهم الثورة وأصبحوا فى طى النسيان، ولكن هناك أيضًا من صوت له لأنهم رأوا فيه رجل الدولة القادر على إعادة الأمن من جديد إلى جميع ربوع مصر المحروسة.

وما بين هذا وذاك أصبح الشعب المصرى فى حيرة من أمره بعد أن أصبح اختيار أحدهما إجباريًّا، فعلى الإخوان أن يراجعوا سياستهم ليعيدوا ثقة الشعب فيهم من جديد كقوة سياسية وطنية من نسيج مصر، لها كل التقدير والاحترام، وهو أمر ليس بالهين يحتاج إلى جهد ومصداقية ووضوح فى الفترة القليلة المتبقية، وأعتقد أنها الفرصة الأخيرة لهم إن أرادوا بحق حماية الثورة وتحقيق أهدافها.

أما الفريق شفيق فرغم قناعات الكثيرين به كما عكست صناديق الاقتراع فإنه مازال فى عيون أغلب المصريين رجل مبارك وأحد رموز النظام السابق، فضلاً على أنه رجل عسكرى يريد الحكم فى وقت ندد فيه الأغلبية برفضهم حكم العسكر، فهل يعيد الشعب اليوم ما أسقطه بالأمس.