قالت مجلة ذى أتلانتك الأمريكية إن القاهرة ملئية بمئات الاستعارات الدالة على التنافر والتجزء والارتجال الحماسى الذى يحرك المرحلة الانتقالية فيها. وتضيف المجلة أن المواطنيين فى مصر والقادة السياسيين الذين يتحدثون نيابة عنهم لا يبدون راغبين فى السماح لهذا التنافر بأن يهزم ثورتهم. فلا يزال هناك نفس الغياب للنظام الكامل الذى يوفر قدراً من الأمل. وسوف تواجه مسيرة مصر الإضرابات والمواجهات مثل معارك أيام الجمعة فى التحرير بين المتظاهرين وقوات الأمن. ومهما كان تطلع عناصر النظام القديم لإحياء وإعادة صياغة نظامهم، فإن الأكثر احتمالاً هو أننا سنرى ترنحاً متقطعاً سيقود مصر، رغم أن الأمر قد يستغرق 10 سنوات أو أكثر، إلى ما وراء الاستبداد المتحرر الذى كان سمة لسياستها منذ عام 1974 وحتى الآن.
وترى المجلة أنه لا ينبغى أن يكون هناك ما يثير الدهشة فى أن العديد من الأطراف التى ظهرت بعد الثورة ترى فى هذا التنافر مؤامرة من أجل السيطرة والتواطؤ. فهذا هو تصور النشطاء الشباب العلمانيين الذين قادوا الاحتجاجات فى التحرير وأطاحوا بمبارك. وأعربوا عن شكوك قليلة فى أن الجيش يسعى إلى المواءمة مع الإخوان المسلمين وفلول النظام السابق. وهذه المناورة من شانها ألا تترك لليبراليين خيارات إلا فى الاعتماد على الجيش للحماية فى طريقة تشبه الديمقراطة غير الليبرالية فى تركيا فى الثمانينيات والتسعينينات. ويخشى هؤلاء الليبراليون من أن مصر ذاهبة إلى مستقبل ليس لها.
كما أن الإسلاميين أيضا قلقون من أن يكونوا مجرد بيادق فى خطة عسكرية تسعى إلى "السيطرة بدون الحكم"، فالمخضرمون من أعضاء الجماعة يتذكرون العام المشئوم 1954 عندما قام جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بتحرير الساحة السياسية فقط لكى يقمع كل المعارضين الذين اعتبروهم أعدائهم.
وتمضى ذى أتلانتك فى القول إن الجيش له هدفان فى السياسة الداخلية الأولى الحفاظ على مصالحة ليس فقط كمؤسسة عسكرية، ولكن كفاعل اقتصادى يضرب بجذور عميقة فى القطاعين العام والخاص. والثانى هو حماية النخب السياسية والاقتصادية فى مصر، ولأجل هذا الغرض فإن الجيش مستعد، بل وحريص على محاكمة الرئيس السابق وابنيه والمقربين منهم، لكن كبش الفداء هذا الذين يمكن أن تقويض نضال القضاء لإظهار استقلاليته من خلال المحاكمة السريعة يسلط الضوء على رغبة الجيش فى تحقيق هذا بطريقتين: الاستجابة لمطالب الشعب وفى نفس الوقت إدارة الانتقال الذى يترك الكثير من النخب السياسية والاجتماعية على حالها.
ويبدو أن هذه الإستراتيجية قد ثبت نجاحها حتى الآن، على الرغم أو ربما بسبب ميل الجيش إلى الارتجال التكتيكى، فقد اقترح المجلس مراراً وتكراراً قوانيين مثل منع الإضرابات أو الاحتجاجات فقط ليتراجع عنها عندما يحتشد الآلاف فى ميدان التحرير، ولكن برغم هذه المناورات اليومية، إلا أن الجيش لا يزال يعمل لترتيب تسلسل الإصلاحات السياسية والدستورية بطريقة تتفق مع رؤيته المحافظة للتغيير.
ورغم إشادة المجلة ببداية ظهور تنظيمات سياسية ليبرالية فى مصر، إلا أنها قالت إن هناك الحاجة للمزيد من العمل على عدة مستويات سياسياً واجماعياً وحتى جغرافياً. ومن المهم أن تختار القوى التى قادت ميدان التحرير معاركها بعناية. وحددت خمس خطوات وصفتها بالحاسمة من أجل الانتقال الديمقراطى فى مصر وهى:
أولا: فى حين أن حملة "الدستور أولا" قد غرست شعوراً بأن الهدف المشترك لليبراليين سوف يؤدى إلى نقاش حول الهوية بطرق تحمل مخاطر تقويض الديقراطية التعددية، فإن هذا لا يعنى أن يتخلى أنصار هذا الاتجاه عن جهودهم، لكن الانقلاب على نتائج التعديلات الدستورية هو إهدار للموارد والطاقات التى يمكن توجيهها فى اتجاه آخر.
ثانياً: يجب أن ينحى أصحاب حملة الدستور أولاً أى شىء يمكن أن ينفر الناخبين المتدينيين جتنبا، كما أن اندلاع الاحتجاجات باستمرار إلى جانب استمرار الجهود المبذولة لبناء حركة عمالية مستقلة فى ظل الأزمة الاقتصادية يؤسس إمكانية تكوين مشروع تحالفات سياسية واجتماعية يمكن أن تحقق جاذيب شعبية.
ثالثاً: يجب ألا يكون هذا المشروع الاجتماعى محدوداً فى القاهرة، بل يجب أن يمتد إلى المحافظات وفى الأماكن القروية.
رابعاً: ينبغى على دعاة التعددية التركيز على المصالح الإستراتيجية المشتركة وليس التكتيكات السيسية على المدى القصير، فالتحالف بين الوفد وحزب الإخوان سينهار. وربما يكون من أفضل لقادة الوفد فى ظل تاريخه الليبرالى أن يتحالفوا مع احزاب قريبة له فى الفكر.
خامساً: يجب ألا تجرى الانتخابات البرلمانية فى سبتمبر أو أكتوبر هذا العام فجميع القوى السياسية بما فيها الجيش لديها مثلة فى تأجل الانتخابات إلى موعد لاحق، ربما فى يناير 2012.
ذى أتلانتك الأمريكية: من مصلحة القوى السياسية تأجيل الانتخابات إلى يناير 2012
الخميس، 14 يوليو 2011 03:17 م
صناديق اقتراع – صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة