أجرت صحيفة "واشنطن بوست" حوارا مع عصام العريان، أحد أبرز قادة جماعة "الإخوان المسلمين"، تحدث فيه عن أبرز القضايا التى تشغل الرأى العام المصرى بوجه عام، والجماعة بوجه خاص، وقالت الصحيفة الأمريكية إنه عقب أعوام طوال حظرت فيه "الإخوان المسلمين" سياسيا، عادت على ما يبدو لتشغل مساحة ليست بصغيرة على المشهد السياسى لاسيما مع تزايد التوقعات بفوزها بكتلة كبيرة من المقاعد بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وسألت محررة "واشنطن بوست" البارزة لالى وايموث العريان عما يعتقد بشأن مقتل بن لادن، فأجاب قائلا "بالنسبة لنا، أسامة بن لادن لم يمثل يوما الإسلام، فالإسلام دين سلام، والجماعات العنيفة تمثل أقلية بين الجماعات الإسلامية. ورغم أن هناك حربا، إلا أن هذا لا يعطى الولايات المتحدة الحق فى أن تقتل شخصا، فى حين أن القوات كان باستطاعتها إلقاء القبض عليه.
ومضى العريان يقول إن تقديم بن لادن للعدالة كان ليصب فى مصلحة أمريكا، فهى ارتكبت بعض الأخطاء، أولها قتله بدلا من اعتقاله، ثانيا، انتهاكها لسيادة باكستان، مما يضع الرئيس والحكومة الباكستانية فى موقف حرج. أنا أنتقد بن لادن وتنظيم القاعدة، خاصة وأن النظام الباكستانى يعتريه الفساد، ولكننا نتحدث عن الدولة وليس النظام. وهذا ينقل رسالة هامة للغاية للآخرين، مثل المملكة العربية السعودية وجميع حلفاء الولايات المتحدة، مفادها أنهم ليسوا أهلا للثقة.
وعن المشكلات التى واجهت الجماعة خلال الـ30 عاما المنصرمين، وأبرزها حملات الاعتقال التى اعتاد النظام السابق أن يشنها ضد أعضاءها بصورة شبه منتظمة، ومدى تغير أوضاعها الآن بعد الثورة، أن التغيير ولد على أيدى المصريين أنفسهم، "فعلى مدار قرنين، خضعت هذه المنطقة للتدخل من قبل الآخرين بالخارج".
وعلق العريان على قول وايموث إن مبارك لم يعرض البلاد للاحتلال قائلا "نعم، فهو كان مصريا، وكان هناك نوعا من الاحتلال الداخلى، فمن كان يدعم مبارك؟ ليس الجيش وحده، وإنما الدعم الرئيسى له كان من الولايات المتحدة الأمريكية. وعن اعتقاده ما إذا كان الجيش قد تخلص من مبارك، قال القيادى البارز "نعم، بعدما وجد ملايين الناس فى شوارع البلاد، وحاولت الإدارة الأمريكية منحه ملجأ مثلما تفعل الآن مع الزعيم الليبى، معمر القذافى، واليمنى، على عبد الله صالح.
وأكد العريان أن الخطوات التى أدت لهذه الثورة كانت عديدة.. "ألقى القبض على قبل اغتيال السادات بعام، واعتقلنا جميعا وأفرج عنا بعد اغتياله، بعدها أصبحت عضوا فى البرلمان من 1987 إلى 1990، وبعدها ألقى القبض على مجددا وحوكمت أمام محكمة عسكرية، وسجنت لمدة خمسة أعوام، وخلال السبعة أعوام الأخيرة، اعتقلت خمسة مرات، حقيقة الأمر ألقى القبض على سنويا".
ومضى يقول "وضعت كل مرة اعتقلت فيها فى السجن، وآخر مرة كانت أثناء الثورة، قضيت 58 ساعة فى السجن، والثورة لم تبدأ فى 25 يناير، فخضنا معارك كثيرة قبلها، تارة بشأن استقلال النظام القضائى، وتارة بشأن إجراء انتخابات حرة ونزيهة. ووصلنا إلى هذه المرحلة، وبدءوا هم حملة جديدة على موقع "الفيس بوك"، وهذا حقيقى.
وأجاب العريان على ما إذا كان الجيش متعاطفا مع جماعة "الإخوان المسلمين"، قائلا "الجيش محترف، وحيادى، فهو لا يستطيع تحمل مسئولية هذا البلد، وفى الوقت نفسه قتل الناس، وهو أكثر ميلا لنقل القوى إلى الشعب بعد إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وهذا جيش جديد، فحتى زملاء الرئيس السابق، جمال عبد الناصر قد وافتهم المنية، بينما رحل معظم الذين اشتركوا فى حرب أكتوبر عام 1973. الجيش جديد، لم تفسده السياسات، وليس لديه حلم بملاحقة مقاليد السلطة...الكثير منهم درس فى الولايات المتحدة، وتحدثوا مع المسئولين الأمريكيين، ومراكز الأبحاث الأمريكية، فهم على قدر كبير من التعليم، فضلا عن أنهم قوميون، وليس لديهم صلة بالسياسة.
وعما إذا كانت الإخوان المسلمين ستفوز بالانتخابات المقبلة بسبب تنظيمها، قال العريان إن الانتخابات المقبلة يجب أن تمثل جميع الفصائل السياسية، حتى الجماعات الضعيفة. "ونحن نميل لتشكيل ائتلاف ندخل به الانتخابات حتى يتسنى لنا الحصول على برلمان يمثل جميع المصريين، وليس فقط الجماعات القوية. جميع المصريين ينبغى أن يتم تمثيلهم، سواء كانوا مسلمين أو أقباط أو يساريين أو ليبراليين أو إسلاميين، فالجميع ينبغى أن يشترك لتشكيل لجنة حيادية لكتابة الدستور، وهذا أمر هام للغاية للتوصل إلى ديمقراطية فعلية.
وعما إذا كان يعتقد أن الإخوان ستتمكن من تأمين أكبر كتلة فى البرلمان، رأى العريان أن انتخابات عام 2005 والتى كانت شبه حرة، وشبه نزيهة "حصلنا على 20 % من مقاعد البرلمان، ونحن لا نستهدف تحقيق الأغلبية على الإطلاق فى الانتخابات المقبلة، لذا سنرشح ما بين 45 إلى 50%، وأعتقد أنه سيكون من العدل أن نحصل على 30% بعد إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وقال العريان بشأن رؤيته عن مصر الجديدة، إنها ينبغى أن تكون ديمقراطية ذات نظام برلمانى، متعاون مع المنطقة، ومع العالم. ونحن لدينا قيم مشتركة، ونحن على أتم استعداد للديمقراطية، ونقاتل من أجل الحرية.
وعن وجهة نظره بشأن الولايات المتحدة الأمريكية ، وعما إذا كان ينبغى أن تستمر العلاقات الطيبة معها، قال العريان إنه يتفق بكل تأكيد مع هذا، ولكن على الولايات المتحدة أن تحترم استقلال مصر، فنحن بدأنا حديثنا هذا بالإشارة إلى انتهاك سيادة باكستان، ولا نملك أى مشكلة مع الولايات المتحدة غير أنها أيدت مبارك على مدار 30 عاما دون أى تحذير له لإيقاف انتهاكاته لحقوق الإنسان. ويختلج صدر الشعب المصرى الشعور بالمرارة حيال السياسة الأمريكية.
"الولايات المتحدة أيدت السعودية، وهى نظام مغلق، كما أيدت صدام حسين لفترة طويلة، قتلته بعدها، وأيدت حكم الشاه فى إيران ولكنها الآن أصبحت ضد إيران.
وعن رؤيته لإيران، قال "لا أعتقد بالطبع أن إيران قوة ديمقراطية، ولكنها أفضل مما كانت عليه وقت حكم الشاه". وعن إسرائيل واتفاق السلام، أكد العريان أن "الدولة ستبقى على المعاهدة". وعما إذا كان ستحتفظ الجماعة بمعاهدة السلام أجاب قائلا "نعم، البرلمان الجديد سيصنع هذا القرار، فالجيش قالها صراحة، ونحن نقولها أيضا لا يمكننا أن نلغى معاهدة بقرار شفهى، فالمعاهدات التزام وينبغى أن يحترمها الطرفان، وعندما لا يحترم طرف المعاهدة، يتعين على المجتمع الدولى أن يلزمه بالالتزام.
وعلق العريان على سؤال وايموث بشأن تصريح مرشد الجماعة، محمد بديع أن الأنظمة العربية والمسلمة تخون شعوبها بفشلها فى مواجهة أعداء المسلمين الحقيقيين، وليس إسرائيل فقط وإنما أيضا الولايات المتحدة قائلا "لا لم نتحدث قط عن أمريكا كعدو لنا، بالطبع لدينا إستراتيجية تمنح الدعم الأمثل لإسرائيل منذ زيارة هنرى كيسنجر للسادات، وعلى الولايات المتحدة أن تستغل الفرصة، فإذا لم تراجع خطتها وإستراتيجيتها فى المنطقة، فستفقدها.
وعما إذا كان يعتقد العريان أن البلاد ينبغى أن تحكم بالشريعة، قال إن مبادئ الشريعة المصدر الرئيسى للتشريع، وهذا فى الدستور، وأنت تنظر للشريعة كمؤسسة. وعن دور النساء أجاب، إنهن مساويات للرجل، يستطعن الحكم إذا رشحهن الشعب. وعن حقوق الأقليات، رأى العريان أنه ينبغى مراعاة الحقوق المتساوية للجميع.
وعما إذا كانت الإخوان ستحرم شرب الكحل إذا ما تبوأت مقعد الرئاسة، قال العريان "نحن لن نسيطر على مقاليد الحكم، فقوتنا فى مبادئنا، ولكننا لن نستخدم هذه القوة لحكم البلاد.
وختمت الصحيفة حوارها بسؤال عما إذا كان العريان يريد أن يحاكم مبارك، فأجاب قائلا "ربما، بإمكانه الرحيل بأمان، فهو رجل كهل، ومريض.. ورغم أن مبارك وضعنى فى السجن لثمانية أعوام، لكنى لا أشعر برغبة بالانتقام منه".
ومضى يقول "لقد حظى الرئيس السابق بالعديد من الفرص، والخيارات لإنقاذ نفسه وعائلته، ولكنه فقدهم جميعا، ورغم أن الشعب هنا يمكن أن يسامحه على أى شىء، إلا أنه لن يسامحه لأنه أمر بقتل المتظاهرين فى الشوارع".
العريان لـ "واشنطن بوست": معاهدة السلام مع إسرائيل قائمة.. والسلطة ليست هدفنا.. ولا أرغب فى الانتقام من مبارك.. وأسامة بن لادن لم يمثل يوما الإسلام
السبت، 14 مايو 2011 04:31 م
عصام العريان أحد أبرز قادة جماعة "الإخوان المسلمين"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة