أكد الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، أن ظاهرة الإسلاموفوبيا أو العداء للإسلام فى أوروبا بدأت تأخذ منحنيات خطيرة، بعدما تحولت إلى جزء من الأجندة السياسية للأحزاب للحصول على مقاعد برلمانية أكثر، مشدداً على ضرورة إيجاد موقف إسلامى موحد داخل المنظمة لمواجهة هذه الحالة.
أوغلو تحدث فى حوار خاص لـ«اليوم السابع» عن رؤيته لمسألة العداء للإسلام فى أوروبا، كما تطرق إلى الربيع العربى ومطالبة البعض بأن تتأثر منظمة التعاون الإسلامى بهذا الربيع بتغيير نمط عملها لكى تواكب التغيرات التى طرأت على بعض الدول الأعضاء بالمنظمة.. وإلى نص الحوار:
> مرة أخرى عاد ملف الإسلاموفوبيا إلى الصدارة خاصة بعد إصدار عدد من الدول الأوروبية قرارات وقوانين ضد المسلمين، رغم وجود القرار الصادر عن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 16/18 حول مكافحة التعصب والتمييز والعنف القائمين على أساس الدين أو المعتقد..ما هو تقييمك للأمر؟
- القرار نقطة تحول تاريخية، والمنظمة هى التى حققت هذا التحول، لأن الأمين العام فى شهر سبتمبر الماضى أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان قدم خطة جديدة مكونة من ثمانية عناصر، وهذه النقاط كانت مشروعا لجمع ومحاولة إنهاء التصادم والمواجهة بين العالم الإسلامى والغرب وتحقيق أسلوب جديد فى حل المشكلة لا يقوم على التصادم، والولايات المتحدة قامت بدور أساسى معنا وقبلت النقاط الثمانية وبناء عليه، عملنا مشروع قرار وقعته المنظمة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وصدر قرار 16/18 بمبادرة من المنظمة، وفى منتصف يوليو فى إسطنبول عقدنا اجتماعا برئاسة مشتركة بين الأمين العام ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون حول هذا الموضوع، حضره عدد كبير من الدول الأعضاء بالمنظمة ووزراء أوروبيون وكندا وإستراليا والجامعة العربية والاتحاد الأفريقى والاتحاد الأوروبى وكاترين أشتون، الآن هذا القرار يعطى إطارا عاما للتعايش بين أصحاب الأديان واحترام الأديان المختلفة، فلا يصح لأحد أن يقوم ويسب فى الدين ويقول إن هذه حرية تعبير، لأن هذا غير قانونى، ونحن الآن وصلنا إلى نقطة محددة وهى أن القرار أصبح يحكم العلاقة بين الجميع.
كما أن هناك اجتماعا فى ديسمبر المقبل سيعقد فى واشنطن حول الموضوع ذاته، ستستضيفه الإدارة الأمريكية ويكون على مستوى الخبراء ويهدف إلى مناقشة الجوانب النهائية للقرار والعمل على إيجاد آلية تساعد على تطبيقه.
هناك نقطة أخرى وهو البعد الجديد الذى وصلنا إليه اليوم وهو ما حدث فى النرويج الذى يعتبر بعداً جديداً وخطيراً وأنا أمثله بقمة الجبل الجليدى، عندما قام شاب نرويجى «متعلم وغنى» ولديه إمكانيات، لكن وصلت درجة حقده على الإسلام أنه يقتل فوق سبعين من أبناء بلده، والجديد أنه لم يقتل مسلمين، ولو أراد لفعل، وإنما قتل أبناء بلده ممن اعتقد أنهم ينظرون للإسلام نظرة متسامحة، يعنى وصلت الكراهية للإسلام أنه يقتل أبناء بلده أصحاب الفكر السياسى المعتدل ممن يتعاملون مع الأجانب والمهاجرين والمسلمين بنوع من التسامح، فهذا خطر جديد يأتى فى سياق سلسلة من التطورات متعلقة بالإسلاموفوبيا أو العداء للإسلام والمسلمين الذى وصل وأصبح جزءا من الأجندة السياسية، ففى البداية كان جزءا من الأجندة السياسية للأحزاب اليمنية المتطرفة فاستطاعت باستخدام هذه الأجندة أن تزيد من مقاعدها فى البرلمان مثلما حدث فى هولندا وبلجيكا، هذا يؤكد أن أمامنا مرحلة جديدة فى أسلوب التعامل.
الآن أصبحت الأحزاب اليمنية المتطرفة تلعب بورقة كراهية الإسلام والعداء للإسلاميين وتزيد من مقاعدها فى البرلمان بناء على هذه الكراهية وتشارك فى الحكومات، الخطر الآن أن أحزاب الوسط تسعى إلى جذب هذه الأصوات لكى لا تفقد مقاعدها، وتصبح كراهية الإسلام والمسلمين جزءا من الأجندة السياسية الواسعة لهذه الأحزاب.
> هل نحن بحاجة لتشريعات جديدة فى الدول الأوروبية تحترم الرأى وتنبذ التعصب فى الوقت نفسه؟
- عملنا فى هذا المجال منذ ست سنوات، ونستطيع القول إن حمل الدول الأوروبية أو الضغط عليها لإصدار تشريعات جديدة، أمر غير ممكن، وأظن أن هناك من التشريعات فى هذه الدول ما يمكن أن تحقق الأهداف المطلوبة، والمشكلة ليست فى وجود أو عدم وجود تشريعات، وإنما عدم وجود المناخ السياسى والأدبى، مثلاً عندما ترى تعامل الدول الغربية المختلفة مع أزمة الكاريكاتورية، تجد أن تعامل الدول الإسكندنافية اختلف، فهذه الدول سمحت وقالت نحن لا نتدخل، بينما بريطانيا مهد الديمقراطية والصحافة استطاعت بطريقة أو بأخرى أن تغلق الباب أمام هذه المهاترات ولم تنشر أى صحيفة بريطانية هذه الصور الكاريكاتورية.
هناك إذن تعاملات مختلفة وإذا أردنا الوصول لنتيجة، فيجب أن يكون لنا موقف سياسى موحد داخل المنظمة، بمعنى أن دولنا تتعامل مع الأمانة العامة لكى تنسق فى مواقف سياسية تؤكد على أمرين، أننا لسنا ضد حرية التعبير والصحافة فى أى مكان، وأن الاستهزاء بقيمنا وشتم نبينا وديننا لا يمت للحرية بشىء وإنما يمكن وصفه بتصرفات غير متحضرة.
> هل حان الوقت لكى تتواءم المنظمة مع التغيرات التى بدأت تحدث فى بعض الدول العربية، وتتحول المنظمة لكى تستمع لصوت الشعوب؟
- التعاون الإسلامى حكومية كأى منظمة أخرى، مثل الأمم المتحدة والجامعة العربية، أى أن الدول هى التى أسستها، ولا يمكن لأحد القول إنها غير ذلك، كما أن وصفها بمنظمة حكومية ليست تهمة، لكن يجب أن نفرق فى مواقف المنظمات بين موقف الأمين العام للمنظمة، وبين الموقف والقرارت التى تتخذها الدول الأعضاء فى المنظمة، فعندما تحاكم موقف منظمة حكومية يجب أن تنظر لمستويين، الأول الموقف السياسى للدول، وموقف الأمين العام للمنظمة، أنا أستطيع القول: إننا فى المنظمة استطاع الأمين العام من أول يوم أن يدلى برأيه صراحة ويتعاطف مع مواقف الشعوب فى هذه القضايا من أجل الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان، وأخذ مواقف صريحة من أول يوم ضد العنف واستخدامه ضد المتظاهرين، والدليل على ذلك البيانات التى صدرت عن الأمانة العامة لما حدث فى ليبيا وسوريا ومصر وتونس وغيرها من الدول التى شهدت مظاهرات الربيع العربى.
فلا يمكن أن تقول إن المنظمة سكتت عما حدث، ولكى تحكم بأمانة، فلابد أن تحكم على كل المواقف، لكن المشكلة أن الشارع أو القارئ العادى لا يطلع على ما يصدر عن الأمانة العامة لأن هذه البيانات غالبا لم تنشر فى وسائل الإعلام، وهذا ليس ذنبنا لأننا لا نمتلك وسيلة أخرى سوى إرسال هذه البيانات لوسائل الإعلام التى لم تنشرها.
> الشعوب كانت تتطلع لمبادرات وتحركات على أرض الواقع، هل المنظمة تحتاج إلى طرق أخرى من الهيكلة تتواءم مع تغيرات الربيع العربى؟
- نعم، لذلك يوم 16 و17 سنعقد الاجتماع التمهيدى لهيئة حقوق الإنسان فى جدة.
> ما هى طبيعة عمل الهيئة؟
- هذه الهيئة أعمل على إنشائها منذ عام 2005، وأول مرة تذكر الهيئة فى قمة مكة فى الخطة العشرية كان فى ديسمبر 2005، والآن وصلنا إلى مرحلة التنفيذ.
> هل ستتحول إلى هيئة لديها آلية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان فى الدول الإسلامية؟
- يجب أن ننظر إلى أن بناء هذه المؤسسات ليس بالعملية السهلة، والحصول على أهداف متقدمة نسعى إليها يتم على مراحل، فنحن أقمنا للهيئة نظاما وستجتمع اللجنة لوضع أسس عمل الهيئة، وهذه اللجنة تم تشكيلها من شخصيات عاملة فى مجال حقوق الإنسان من 18 شخصا موزعين، ستة من العرب وستة من آسيا وستة من أفريقيا، وهؤلاء الأعضاء بالطبع لا يمكن أن يعيشوا فى معزل عن قضايا الشعوب الإسلامية، أو بمعزل عن القضايا المعاصرة والقيم المعاصرة.
> ما تقييمك للخطوة التى لجأ إليها الفلسطينيون بالذهاب إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف رسمى منها بدولتهم المستقلة؟
- خطوة إيجابية، ونحن يجب أن نقوم بواجبنا الكامل غير المنقوص لحشد التأييد الكامل للدولة الفلسطينية ويجب ألا ندع دولة من دولنا أن تغرد خارج السرب، لذلك قمنا ونقوم فى المنظمة بمساع مكثفة لحشد هذا التأييد.
> كيف تنظر للتقارب المصرى التركى والتجاذب المصرى الإيرانى؟
- هذه المنطقة إذا نظرنا لتاريخها والوضع الجيوستراتيجى يحتم علينا جميعا التعاون، كل بلد فى المنطقة لها تاريخها العريق وإمكانياتها الحاضرة والمستقبلية، وقد تكون هناك بعض التجاذب بين التاريخ والواقع، لكن يجب أن ننظر إلى نموذج آخر لكى نفهم علاقاتنا مع بعض، عندما تنظر إلى أوروبا فى الأربعينيات كانت تعيش فى حروب مات فيها الملايين، أوروبا تاريخها إلى نهاية الحرب العالمية الثانية كانت كلها حروب، وبعدها فهمت أن هذه الحروب ليست فى مصلحة أى دولة، كل هذه الحروب لم تؤد لتقدم ورفاهية الشعوب، إلى أن جاء عقلاء أوروبا وقالوا كفا للحرب ودعوا لبناء أوروبا الجديدة إلى أن تم اتحاد الصلب والفحم بين فرنسا وألمانيا وتحول إلى السوق الأوروبية المشتركة التى توسعت إلى 23 دولة، ونحن فى تاريخنا لم يحارب بعضنا البعض، حاربنا ضد الصليبيين والتتار وإسرائيل، ولم تكن هناك حروب بيننا، فإذا كان هذا هو الوضع الذى كنا عليه منذ 14 قرنا، لماذا لا نأتى الآن ونفكر بطريقة جديدة أخرى، فنحن نستطيع بما لدينا من إمكانيات اقتصادية وسياسية أن نطور هذا التعاون تدريجياً وصولاً لتكامل كبير يؤدى إلى استقرار المنطقة وتصبح الحدود بيننا غير ذات أهمية.
أمين منظمة التعاون الإسلامى: «الإسلاموفوبيا» تحولت لجزء من الأجندة السياسية للأحزاب الأوروبية.. واشنطن تعاونت مع المنظمة لوضع إطار عام للتعايش بين أصحاب الأديان واحترام الأديان المختلفة
الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011 05:06 م
الدكتور أكمل الدين إحسان اوغلو
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سلامه
و انت حد يقدر يعيش معاكو؟؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
الاسلام هو الحل
يا مسلمى العالم اتحدوا