ينطلق غداً الخميس، ملتقى مصر الدولى الأول للعود من على المسرح الكبير التابع لدار الأوبرا المصرية، وخلال أربعة أيام من عمر الملتقى يُسلط المشرفون عليه الضوء على مدارس مختلفة فى العزف، كما يستعرض إلى جانب نجوم العود تجارب أثبتت تميزها وبدأت تحقق انتشارها الجماهيرى.
فى كلمته عن الملتقى قال وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى: "فى الفنون القديمة، التشكيلية تحديداً، وفى لوحات المستشرقين ارتبط العود بالإنسان العربى، صار العود جزءاً من هويته وشخصيته، ومع مرور السنوات بدأ العود يندحر، وبدأ جيل شاب يذهب نحو آلات أخرى تاركا للغرب وحده حق الاحتفاء بهذه الآلة".
مع مشروع بيت العود العربى الذى توليناه فى وزارة الثقافة المصرية إيماناً منا بأنه سيكون صرحا فنيا وثقافيا مهما يعيد العود إلى واجهة الفنون الشرقية، تحققت لنا أمنية بأن يثمر هذا البيت ليصبح بيت العرب، وبيت هويتهم، ومن قلب الحسين وبيوتاته العتيقة كان للنغم أن يتحد مع الأثر الإنسانى البنيانى المتمثل فى عمارة شرقية وبيت يحمل بصمة تراثنا، بدأ الصوت ينطلق بقوة لتمتد أفرعه وليصبح بيتا عربيا جديرا بتمثيل هوية الشرق كله، وبالتوازى مع زملائه فى أكاديمية الفنون فى مصر ومثيلاتها فى الدول العربية عاد العود ليصبح فى مقدمة المسرح، بعد أن توارى كثيرا.
إيماناً منا بأن الخطوة التى تبنتها وزارة الثقافة لا بد أن تكمل مسعاها نتبنى اليوم هذا الملتقى كخطوة أولى وليدة نتمناها كبيرة، فنوسع الصورة ونوسع المشهد ونحتفى بالعود فى المقدمة".
وقال الفنان عبد المنعم كامل رئيس دار الأوبرا المصرية التى دعمت الملتقى: "لقد أصبحت آلة العود رمزاً للحضارة الشرقية العربية على مر العصور حتى أصبح تطوره مرتبطاً بتطور الحضارة فى الشرق الأوسط والعالم، وأصبح العود أيضاً أحد الأشكال المحددة للهوية الثقافية العربية، لذا تفتح دار الأوبرا المصرية أبوابها لألمع نجوم العود فى العالم من صنّاع وعازفين وباحثين للقاء الجماهير الغفيرة العاشقة للعود وسحره، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للمهتمين والراغبين لمعرفة المزيد عن طرق صناعة العود وتاريخه ومبدعيه.
وتابع: لقد حان الوقت ليلعب الشرق الأوسط دوراً مؤثراً فى عملية النهضة الثقافية عالميا، وليكون عنصراً مؤثراً و فعالا، ويشكل الملتقى فرصة للقاء أبرز العازفين ومدارس العزف المختلفة من العرب وغير العرب، وبحث مستقبل العود وصناعته ومناهجه، بالإضافة إلى العروض الموسيقية المتنوعة.
واختتم قائلا: تمنياتى بتواصل هذا الملتقى ليصبح تقليداً سنوياً، ويحقق أهدافه الجمالية والإبداعية، وتبقى دار الأوبرا المصرية المحرك الأساسى لكل التجارب الجادة الحريصة على احترام عقول الجماهير التى هى أساس كل نجاح".
أما نصير شمة رئيس الملتقى وصاحب الدعوة له فقد قال: "عبر سنوات طويلة من علاقتى مع العود شاركت فيها بالعزف فى أغلب بقاع العالم، كما شاركت فى كثير من المهرجانات التى تختص بآلة العود، ودائما كانت لدى وجهة نظر قد تكون مخالفة أحيانا لبعض المهرجانات المختصة بهذه الآلة، أولها كان أن غالبيتها ما زالت تعتمد على رنين الاسم وحضوره الإعلامى والجماهيرى، ما كنت أراه سلبيا كان عدم المزج بين جيل جديد مبهر بما يقدمه وبدأ يشق طريقه ويكون أرضية جماهيرية بسيطة أو متوسطة ظل غائبا عن هذه المهرجانات.
وتابع: هذه كانت الخطوة الأولى التى دفعتنى للتفكير بهذا الملتقى الذى أردت له أن ينبنى على هذا الامتزاج بين أسماء لها حضورها وأسماء تشق طريقها، وهى أسماء لا تقل فى أهمية تقنياتها وأسلوبياتها عن الأسماء الكبيرة، ولابد أن تعود الفائدة كاملة لجيل جديد يحق له أن نأخذ بيده، وهو يشق طريقه، فقد رأيت أن تمزج الأمسيات اليومية بين كل المدارس العزفية وبين مستويات مختلفة من التجربة والعمر، بالإضافة إلى خلق علاقة مباشرة بين صناع العود والعازفين المهرة والباحثين فى مجال الموسيقى والعود تحديداً، ولا يمكن أن تتطور موسيقانا إلا بالحوار وتبادل الخبرات والأراء بين جميع من لهم علاقة بهذا الاختصاص وكذلك الاحتفاء بمن مهده لنا طريق الموسيقى، واجتهاده صناعةً وبحثا، فكان لابد من الوقوف عند تجربتهم والعرفان تجاه ما قدموه لنا من آفاق عرفنا طريقنا من خلالها، وهذه الخطوة تعتبر امتداداً طبيعياً لفكرتى عن تأسيس بيت العود العربى الذى أصبح صرحاً ثقافياً مهماً.
واختتم قائلا: ولأن المشاريع الثقافية لا تلقى عادة الدعم اللازم سوى من المؤسسات التى تضع فى أولوياتها المشروع الثقافى الذى ينهض بالإنسان العربى، فقد تكفلت وزارة الثقافة المصرية متمثلة بالوزير الفنان فاروق حسنى ودار الأوبرا المصرية بتقديم الدعم اللازم لنجاح الملتقى، وأسهم مهرجان أبوظبى للموسيقى والفنون بشخص مؤسسته ورئيسته السيدة هدى كانو بجزء من تكاليف الملتقى، بالإضافة إلى شركة "صولو انترناشيونال "التى قدمت الكثير من الدعم التنظيمى فى خلال فترة قياسية و"بصمات" فى طبع كل ما يتعلق بالملتقى من مواد إعلامية وطباعية وبعض السفارات العربية التى سددت تذاكر سفر موسيقيى بلدانها، ويقوم هذا الملتقى على مجهودات كبيرة ورعاية بسيطة لكنها قوية بمحبتها، وأتمنى أن تكون السنة الأولى من عمر هذا الملتقى بصمة كبيرة تسجل نفسها فى سجل تاريخ آلة العود".
يذكر أن ليلة افتتاح الملتقى ستشهد عزفا جماعيا لثلاثين آلة عود بقيادة نصير شمة، وأغلب العازفين هم من خريجى بيت العود العربى فى القاهرة وأبوظبي، وبعضهم من أسس لنفسه فرقة أو ذهب نحو البحث والتجريب، ومنهم من يعمل مدرسا للآلة حاملا الرسالة التى تلقاها فى بيت العود العربى، ومنهم من آثر أن يكمل دراسته بتخصصات موسيقية عالية تضاف إلى رصيده.
وستضم ليلة الافتتاح إلى جانب النجوم الشابة نجوم لها تاريخها فى العزف على آلة العود، حيث سيجتمع نجوم الملتقى فى لقاء مشترك يبدأه عازف العود اليمنى أحمد فتحى بليالى سبأ ثم تنطلق ارتجالات متعددة تحاكى أنواعا مختلفة من الأداءات على العود فتختلط المدرسة الشرقية بالمدرسة التأملية بالمدرسة التركية، وسيكون لهذا اللقاء فرادة خاصة تجمع بين نصير شمه، شربل روحانا، أحمد فتحى، حسين سبسبي، بشار الحسن، حازم شاهين، سامى نسيم ، الدويتو غسان اليوسف ودينا عبد الحميد، والتركى مهمت بتماز واليونانى بيركليس تسوكلاس.
وسيضم الملتقى ما يشبه المتحف لأعواد مختلفة من قبل كبار الصانعين العرب والأجانب، ويعتبر فرصة مهمة للصانعين حتى يتم تبادل الأفكار حول هذه الصناعة، كما أن محورا مهما من محاور الملتقى سيبحث فى مسألة توحيد قياسات العود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة