◄◄تركيا وجنوب أفريقيا والصين وإسرائيل ساهمت فى تغيير الموقف الإثيوبى
لم يخف حلمى شعراوى، الخبير فى الشؤون الأفريقية، مدير مركز الدراسات العربية والأفريقية، اندهاشه من التغيير المفاجئ من إثيوبيا تجاه موقف مصر من المطالبة بحقوقها التاريخية فى حصة مياه النيل، ورغم استبعاده للتدخل الإسرائيلى فى هذا الأمر، فإنه لم يستبعد أن يكون لإسرائيل تدخل من جوانب أخرى، لعل أهمها البنك الدولى الذى يملك القدرة على تمويل المشروعات على النيل، لافتاً إلى النفوذ الإيرانى الذى ينطلق من أوغندا إلى بقية دول الحوض.
شعراوى أحد الخبراء القليلين المصريين الذين اكتسبوا معرفتهم بأفريقيا باعتبار أنه كان أحد المسؤلين منذ 1960 وحتى عام 1975 عن حركات التحرر فيها، قال فى حواره مع «اليوم السابع» إن مصر أمامها عدة خيارات، أهمها التوجه اقتصادياً وثقافياً تجاه دول الحوض..
◄◄ ما تقييمك لانقلاب إثيوبيا على مصر والسودان فى مبادرة حوض النيل رغم تأييدها السابق لحق الدولتين التاريخى فى حصصهما، هل ترى أن هذا الانقلاب مرتبط بتفاعلات داخل إثيوبيا؟
- أنا مندهش من الموقف الإثيوبى لأنه كان من المفترض أنه يخضع لتأثيرين كبيرين، الأول أن مصر غضت الطرف عن دخولها الصومال فيما يشبه الاحتلال، ثانياً فى حربها مع أريتريا رفضت مصر دعم المتمردين الأريتريين، وهو ما يدعونا للتساؤل عن عائد الموقف المصرى المجامل لإثيوبيا، وهنا فإننى أستبعد فكرة التأثيرات الداخلية، لأنه رغم التفاعلات داخل المجتمع الإثيوبى، فإنها دولة لها ثقل سياسى كبير لوجود الاتحاد الأفريقى على أرضها، والكنيسة الإثيوبية نفسها ذات نفوذ. فإثيوبيا دولة لديها مشاكل لكنها فى المقابل دولة ديمقراطية أعطت حق الاستقلال الذاتى والانفصال فى دستورها، وتوجد أربع مناطق فى إثيوبيا ذات طابع قوميات لا يحمى وحدتها إلا الديمقراطية، إذن لابد من البحث عن عامل فوق هذا وهو العامل الخارجى، وهنا لا أتحدث عن إسرائيل، لأن العامل الخارجى لإثيوبيا سيكون مرتبطا باحتياجها للتنمية والمال، فهل الذين يملكون المال يضغطون لهذا الحد من أجل الضغط على مصر.
◄◄ ما هذه الدول التى تدخلت لدى إثيوبيا لمحاولة تطويق مصر؟
- العامل الخارجى الذى أدى إلى تغيير الموقف الإثيوبى مرتبط بحاجة إثيوبيا للتنمية، وبالتالى لمن لديه القدرة على تمويل المشروعات التنموية بها، وفى هذا الإطار هناك تحركات لعدد من الدول منها جنوب أفريقيا والصين واليابان وتركيا وإيران، بالإضافة إلى إسرائيل، لكنى أستبعد أن يكون هذا العامل هو إسرائيل لأنه ليس معروفا أن إسرائيل صاحبة استثمارات كبيرة.. إسرائيل نفوذها فنى تقول «ما تعملوا كذا».
الأمر الآخر أن الحديث هذه الأيام مركز على المشروعات التى تم الحديث عنها فى إثيوبيا، وهى للعلم مشروعات لتنظيم المياه أو لتوليد الكهرباء، ولن تؤثر على حصة مصر من المياه، ومن الممكن أن يدخل رأس المال المصرى بجزء فيها، لكن تبقى المشكلة فى دخول أطراف كبرى ليست العدو التقليدى لنا، مثل تركيا والصين واليابان ثم جنوب أفريقيا وإيران، لكن مازالت هذه الدول تتدخل فى إطار مشروعات خدمية لتنظيم المياه وتوليد الكهرباء، لأن الخبراء يرون أن تنفيذ أى مشروع فى إثيوبيا يؤدى إلى تغيير مسار المياه يحتاج لمليارات الدولارات، وهى مبالغ كبيرة لا توجد هيئة فى العالم مستعدة لدفعها.
◄◄ إذا انتقلنا إلى منطقة البحيرات العظمى التى تضم رواندا وبوروندى والكونغو، ما سبب موقفها الرافض للاعتراف بحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل؟
- قبل الحديث عن الصراع داخل هذه المنطقة لابد أن تحاول مصر الاستفادة من تحركات الرئيس الفرنسى ساركوزى فى هذه المنطقة لمحاولة إقناع هذه الدول بموقف مصر، خاصة أن فرنسا مرتبطة مع مصر بمشروع الاتحاد من أجل المتوسط.
إذا تحدثنا عن الصراع فلا أرى تأثيرا لها، لكنى أشير هنا إلى قوة النفوذ الإسرائيلى فى منطقة البحيرات وما له من تأثير على مواقف هذه الدول، خاصة أن إسرائيل لديها نشاط اقتصادى كبير فى هذه المنطقة.
◄◄ البعض يرى أن دول الحوض لديها غيرة من التوجه المصرى تجاه إثيوبيا؟
- من الممكن أن يحدث ذلك، لكن تجدر الإشارة إلى أن علاقتنا بدولة مثل أوغندا أكبر بكثير من إثيوبيا فى السنوات الأخيرة، فهناك من يتحدث عن استثمارات مصرية هناك بلغت 300 مليون دولار، لكن الموضوع مرتبط بالحاجة إلى التنمية.
◄◄ رغم علاقتنا بأوغندا فإنها تتصدى للموقف المصرى، هل يرجع ذلك لخلافات داخلية؟
- فى أوغندا يجب أن نشير إلى نقطة غاية فى الأهمية، هى أن أوغندا مقر للجمعية الإسماعيلية للشيعة فى شرق أفريقيا، وهى جناح من أجنحة الشيعة، وبالتالى فإن لإيران أرضية واسعة فى أوغندا ولها نفوذ دينى أضيفت إليه الاستثمارات الإيرانية، وبالتالى فإن أوغندا أصبحت من نقاط التأثير على مصر فى هذا الاتجاه.
◄◄ أوغندا مرتبطة أيضاً بالحديث عن انفصال جنوب السودان، هل ترى أنه سيكون لها دور فى هذا الأمر؟
- أرى أن احتمالات الانفصال كبيرة، وعندما تقول ذلك فأنت تتحدث عن تحويل دول الحوض إلى 11 دولة وليس 10 دول، وستكون للدولة الجديدة مطالب فى المياه وبالتالى مراجعة الاتفاقيات، وهنا تظهر إشكالية أخرى تكمن فى تدخل أوغندا وإثيوبيا فى الجنوب، ومدى إمكانية ضم جنوب السودان إلى مصر وإغرائه باستثمارات مصرية وعربية من خلال «هجمة» من الجانب المصرى تجعل خيار الجنوب متفائلا، لذا فمن الضرورى تنسيق علاقه طيبة مع الحكم فى جنوب السودان لتنمية الاستثمار من ناحية، والانتهاء من قناة جونجلى بدون تأثيرات وأحقاد الدول المجاورة.
◄◄ البعض نظر إلى التحركات الإسرائيلية الأخيرة فى أفريقيا على اعتبار أنها موجهة ضد مصر؟
- أنا لست من هؤلاء الذين يبالغون فى حقيقة الدور الإسرائيلى، وإن كنت لا أقلل من شأنه فى الآن ذاته، غير أنه يمكن القول إن قوة هذا الدور نابعة من نفوذ الدولة العبرية فى صندوق النقد والبنك الدوليين والذى امتد إلى الشركات المتعددة الجنسيات التى أصبحت تسهم بدور رئيسى فى الاقتصاديات الأفريقية.
◄◄ يبدو أن هناك نقاط ضعف كثيرة فى الوجود المصرى فى منطقة حوض النيل إلى أى سبب يعود ذلك؟
- مصر لم تنجح طيلة هذه الفترة فى قيادة دول الحوض للوصول إلى تجمع إقليمى يجمع دول الحوض العشر على غرار الساداك الذى يجمع دول شرق افريقيا، والأيكواس فى غرب أفريقيا، وفشل مصر فى إنشاء هذا التجمع يعود إلى الرئيس السادات الذى أتجه نحو أمريكا وأعلن محاربته للشيوعية وبالتالى وقف ضد نظام منجستو فى أثيوبيا بل انه هدد بالحرب.
◄◄ وكيف ترى الحل؟
- المعركة الآن ليست مع دول الحوض وإنما فى النفوذ المسيطرة على البنك الدولى، فحوارنا ومعركتنا يجب أن تكون مع البنك الدولى، الذى يمول كل المشروعات الموجودة فى دول الحوض، وهو الذى يفرض شروطه، وفي الوقت نفسه يخضع للتأثير الإسرائيلى من خلال نفوذها فى رأس المال الدولى العالمى.
حلمى شعراوى مدير مركز الدراسات العربية:
أوغندا منصة انطلاق لإيران ضد مصر فى قضية مياه النيل
الجمعة، 30 أبريل 2010 03:57 ص
حلمى شعراوى مدير مركز الدراسات العربية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة