دى كابريو وسكورسيزى يفضحان وحشية أمريكا بـ«جزيرة مغلقة»

الجمعة، 26 مارس 2010 02:07 ص
 دى كابريو وسكورسيزى يفضحان وحشية أمريكا بـ«جزيرة مغلقة» مارتن سكورسيزى
محمود التركى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ المخرج يؤكد فى فيلمه لعب الحكومة فى رؤوس الأمريكان واستغلالهم ودفعهم للجنون

حالة من الجدل يثيرها النجم ليوناردو دى كابريو والمخرج مارتن سكورسيزى من خلال فيلمهما السينمائى الجديد Shutter Island أو «جزيرة مغلقة»، الذى يرصد سلبيات ومساوئ السياسية الأمريكية ومدى الضرر الذى تتسبب فيه للمواطن الأمريكى، سواء من الناحية النفسية أو الاجتماعية، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا فى دور العرض حيث حقق 190 مليون دولار أمريكى حتى الآن، واهتمت به الصحف الأمريكية والعالمية ومنها sunوtimes وفارايتى، خصوصا أنه يعد التعاون الرابع بين دى كابريو وسكورسيزى حيث سبق أن قدما معا أفلاماً مهمة منها «الطيار» و«عصابات نيويورك»، و«الراحلون».

مارتن سكورسيزى فى الفيلم يدين انتهاكات الجيش الأمريكى أثناء الحرب العالمية الثانية، ويؤكد مدى الألم النفسى الذى أصاب الجنود الأمريكان من اقترافهم بعض جرائم الحرب بسبب تعليمات عليا، حيث يجسد البطل دى كابريو دور «تيدى دانيال» ضابط فيدرالى يحقق فى قضية هروب قاتلة اسمها «ريتشل سولاندو» من أحد السجون فى جزيرة على ساحل ماساشوستس والذى أعد خصيصا للمجرمين والمرضى السيكوباتيين الخطرين، وتبدأ أحداث الفيلم عام 1954 ونرى «تيدى» يعانى من مشاكل نفسية ويتذكر دوما أحداث الحرب العالمية الثانية، ويتطوع للتحقيق فى قضية هرب إحدى المريضات الخطرات من السجن، وتبدو الأحداث غامضة وغير مفهومة خصوصا مع اعتماد سكورسيزى على التصوير فى الظلام معظم مشاهد الفيلم وأجواء المطر والرعد، والأجواء الكابوسية التى تطارد تيدى، وأيضا الغموض فى شخصية شريكة «تشاك» الذى يجسد دوره النجم مارك رافالو.

يحاول الاثنان فك لغز هروب السجينة رغم الاحتياطات الأمنية شديدة الدقة، وتظهر شخصيات مدير السجن والأطباء والممرضات غامضة أيضا وغير مفهومة، وحرص سكورسيزى على بناء تفاصيل لعالم من الأطباء النفسيين والمرضى المصابين بأمراض نفسية وعقلية بصورة شديدة التعقيد والخصوصية، وهو ما وضح أيضا فى السيناريو الذى كتبه لايتا كالوجريدز، والمأخوذ عن رواية أدبية بنفس الاسم للروائى دينيس ليهان، حيث لا تكشف الشخصيات عما بداخلها، ونجد تلميحات إلى قيام الأطباء فى المستشفى بتجارب طبية مشبوهة على عقول السجناء من أجل إكسابهم قوى غير طبيعية واستثمار طاقة الغضب بداخلهم والعبث بذاكرتهم لتوظيفهم فى أعمال يرفضها البشر الطبيعيون سواء فى أعمال الحرب أو كل ما يخدم الحكومة الأمريكية، وتوضح الأحداث تورط الحكومة الأمريكية فى هذا الأمر، بل أنه تم الزج بـ«تيدى» للتحقيق فى تلك القضية من أجل استخدامه فيما بعد.

يوضح سكورسيزى فى فيلمه مفارقة غريبة تأتى تفاصيلها على لسان «تيدى» الذى يبدى دهشته لشريكه من استعانة الحكومة الأمريكية بالدكتور كاولى والدكتور نيهرينج الألمانى لإجراء العمليات الجراحية للمرضى بالسجن، وذلك رغم أن الجيش الأمريكى قاتل النازيين من قبل، وفى والوقت نفسه يؤكد سكورسيزى أن الجنود الأمريكان ارتكبوا جرائم حرب، ليدين المخرج أعمال العنف أينما كان مرتكبها، ويقدم لنا صورة لأمريكا بدون أى رتوش أو مساحيق تجميل، ويظهر جانبها الوحشى وأن عدوها اليوم هو صديقها غدا فى إطار خدمة مصلحتها فقط، وذلك دون الخوض فى أى تفاصيل تخص السياسة بل من خلال قصة درامية أبطالها يعانون من أمراض نفسية، وهو ما يحمل إدانة لأمريكا مثلما قدم فى فيلمه «عصابات نيويورك» والذى أدان فيه عصبية ودموية المجتمع الأمريكى.

الغموض والإثارة لا يتوقفان من أول مشهد فى الفيلم إلى مشهد النهاية، ويقدم سكورسيزى تفسيرات متتابعة ضمن سيناريو محكم، يجعل المشاهد يفكر طول الوقت فيما سيحدث بعد ذلك، وتزيد الأمور تعقيدا مع الهلاوس التى تطارد المحقق الفيدرالى والأدوية التى يعطيها له دكتور كاولى، والتى تجعله يرى كوابيس تظهر فيها زوجته الراحلة التى احترقت فى منزلها بعدما أشعل النار فى الشقة جارها «ليداس»، لنكتشف مع الأحداث أن «تيدى» تطوع لتلك المهمة من أجل إيجاد «ليداس» حيث يعلم أنه أحد السجناء فى هذا المعتقل المعزول عن العالم.

ويكتشف «تيدى» فى النهاية أن المريضة التى يبحث عنها «ريتشيل» ليست مجنونة بل دكتورة نفسية مرموقة اتهموها بالجنون وحاولوا تدمير عقلها، وأن كل شىء تم تدبيره لكى يأتى بنفسه إلى الجزيرة، وتستمر الأحداث حتى يحاول د. كاولى إعطاءه بعض الأدوية التى تزيد من هلاوسه ويقنعه أنه مجنون حتى يحتجزه على الجزيرة ولا يجعله يخرج منها.

مارتن سكورسيزى يختلف فى أفلامه عن معظم مخرجى هوليوود فى أنه لا يقدم خطابا إعلاميا مزيفا، ولا يقدم المواطن الأمريكى على أنه النموذج للبطولة والشرف والأمانة، بل يوضح أن أمريكا قامت وتقوم بالكثير من أعمال العنف والجريمة، وأن الأمريكان ضحية للسلطة السياسية التى تقذف بهم فى معارك وحروب من أجل مصالح سياسية ليست لها علاقة بمصلحة المواطن الأمريكى، لذا فهو يعد أحد المغضوب عليهم حسب تعبيره فى أحد حواراته الصحفية.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة