أحمد الطيب.. ملفات ملغومة فى انتظار «الإمام الأكبر» الجديد

الجمعة، 26 مارس 2010 02:09 ص
أحمد الطيب.. ملفات ملغومة فى انتظار «الإمام الأكبر» الجديد أحمد الطيب
عمرو جاد و لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄شيخ الأزهر مطالب بإحياء «حوار الأديان».. والإخوان يستعدون للانقضاض عليه بملفات تدهور التعليم الأزهرى

لن يقف التغيير فى حياة الدكتور أحمد الطيب بتوليه منصب «الإمام الأكبر»، عند ارتداء الزى الأزهرى بدلا من البدلة الحديثة التى كان يرتديها فقط، فبقدومه لهذا المنصب، أمور كثيرة تنتظر التغيير فى المؤسسة الدينية السنية الأكبر فى العالم الإسلامى وسط مطالب عدة بإصلاح حال الأزهر، وإعادة النظر فى التعليم الدينى، واستعادة الهيبة للمشيخة بوصفها القبلة العلمية الأقدم للمسلمين، فالطيب يكتسب ثقة عدد كبير من الأزهريين، كما أنه معروف بطباعه الهادئة، وشعبيته التى زادت بعد توليه منصب مفتى الديار بين عامى 2002 و2003 إلى أن تركها إلى رئاسة جامعة الأزهر لمدة 7 أعوام، وأخيرا شيخا للأزهر.

وتعود شعبية الطيب الذى ولد عام 1946 إلى كونه واحدا من علماء الأزهر المشهورين، وكذلك كونه من أقطاب الصوفية، حيث ينتمى للطريقة الخلوتية الأحمدية، خلفا لوالده مؤسس هذه الطريقة فى أسوان، وهى طريقة تحظى بشعبية هائلة في صعيد مصر وفى الوسط الصوفى، كما أن عائلة الطيب تحظى بشهرة كبيرة فى الأقصر حيث نشأتها، ويوجد لها ساحة باسمها هناك تستقبل فيها زوار الطريقة على مدار اليوم، بينما يزور أحمد الطيب قريته كل 21 يوما لقضاء أيام العطلات.

وقد يبدو أول مشاهد دخول الطيب إلى مكتبه الجديد بمشيخة الأزهر، فى صورة الفارس الذى جاء ممتطيا جواده الأبيض لإصلاح الأزهر، ولكن هذه الصورة سرعان ما ستتغير، ليفاجأ الرجل بأنه يسير على بؤر ملتهبة يتطاير منها الشرر، وسيجد نفسه فى خضم معارك دينية وفقهية، مطلوبا منه أن يدافع عن آرائه وفتاواه لأنه بقدر ما يمثل الأزهر من أهمية لأكثر من مليار مسلم، بقدر ما تمثل كل قضية يخوضها لغما يحتاج لشجاعة نادرة ، كى لا ينفجر فى وجه صاحبه شيخ الأزهر، والطيب يعلم هذا، لأنه كان أقرب تلاميذ الشيخ الراحل طنطاوى، وصاحب الرأى والمشورة فى قرارات مجمع البحوث الإسلامية.

وثمة ألغام نزع طنطاوى فتائلها دون أن ينهيها قبل أن يرحل، وأبرزها الحوار بين السنة والشيعة، وهى الأزمة التى تتراكم تحت السطح فى الأزهر، فالمناقشات الأخيرة بالمؤتمر السنوى للمجمع، كانت تحمل نبرة احتقان، وأدها طنطاوى بأن نصح الأعضاء بعدم التطرق لهذه المسألة فى الوقت الحالى، رغم إصرار محمد عمارة على إثارتها، والطيب فى هذه الأزمة أمامه إرث ثقيل من الحوار المتعسر، ومحاولات التقريب التى كان طنطاوى أحد المبادرين لها، كما أنه لم يجد غضاضة فى الحوار مع الشيعة، ولكن تحفظاته كانت على إدخال السياسة طرفا فيها، فهل يستطيع الطيب أن يحل هذه المعادلة؟

إجابة هذا التساؤل تستدعى من الطيب معرفة أن التقارب بين السنة والشيعة، هو أولى خطوات إصلاح البيت الإسلامى من الداخل، وهى تتوقف على مدى فهم شيخ الأزهر الجديد لأهميتها دون النظر إلى الماضى، والنبش فى ثنايا الخلاف بين المذهبين، ولا شك أن سماحة أحمد الطيب واعتداله، ستفتحان قناة جديدة للحوار بين الطرفين، خاصة أن الطيب أيضا سيقر التوصيات الأخيرة لمؤتمر المجمع حول الصحابة، وهى قضية تعد نقطة خلاف أساسية بين المذهبين، كما أن الطيب نفسه شاهد على خطوة تدريس المذهب الشيعى بالأزهر، دون أن تتحقق مخاوف معارضى هذه الخطوة بتشيع دارسى الجامعة السنية.

الطيب يعلم جيدا أن مهمته فى الأزهر لن تكون سهلة أو شيقة، وهذا يبرر زهد الرجل فى المناصب، فهو يدرك تبعاتها، كما يدرك أن من يطلق عليه لقب»الإمام الأكبر» لا يجد غضاضة فى أن يوازن بين أمرين، الأول: الدفاع عن الإسلام الصحيح والوسطى والحفاظ على أركانه، والثانى: إظهار صورة الإسلام الحقيقية للغرب، ونزع تهمة الإرهاب عنه، ولا أحد ينكر أن الطيب يعد من أكثر الأزهريين انفتاحا على الديانات الأخرى لدراسته السابقة بالسوربون، كما أن له مقالات عدة فى صحف أجنبية يتحدث فيها عن قيمة الحوار بين الأديان فى الإسلام، وكذلك كتبه الفلسفية التى تتحدث عن أهمية العقل فى الفلسفة الإسلامية، وكل هذا جيد ولكن فى الإطار النظرى، وينقصه أن يدخل نطاق التنفيذ الجدى، خاصة أن الطيب كانت تراوده فكرة منذ سنوات، بإنشاء مركز لحوار الحضارات داخل جامعة الأزهر، ويتخذ صفة العالمية، المراقبون الآن ينتظرون نتيجة ملموسة من الحديث المتكرر عن محاولات الحوار بين الأديان.

وفى قائمة أولويات الطيب أيضا بعد إفاقته من فرحة المنصب، تأتى قضية التعليم الأزهرى، والرجل بقضائه سبع سنوات متواصلة فى رئاسة جامعة الأزهر، يعرف بالتفصيل ما هى مشاكل التعليم الأزهرى وكيف يتخلص من النقد الدائم بتدهور هذا التعليم، وأكبر حجة للمنتقدين فى هذا الأمر، هى المعاهد الفنية المتوسطة التى تم استحداثها بالأزهر، ويبلغ عددها 9 معاهد على مستوى الجمهورية، كما أن الطيب نفسه اعترف بصعوبة المسابقات التى تقيمها وزارة الأوقاف لخريجى الأزهر، ليعطى مبررا عن رسوب أغلب المتقدمين لهذه المسابقات.

أما التحدى الآخر الذى يواجهه الطيب فى التعليم الأزهرى، فهو انخفاض ميزانيته، واعتدال الطيب لن يكون من حسن حظه على طول الخط، فكثيرة هى الأطراف التى تشحذ أسلحتها لتبدأ فى تقطيع اعتدال ووسطية الرجل، أولها جماعة الإخوان المسلمين التى كانت أول من أبدت تحفظها على تعيينه شيخا للأزهر، فهم لا ينسون ثأرهم القديم فى 2006 حين أبدى الطيب صلابة وحزم شديدين فيما يسمى بقضية «العرض العسكرى» لطلاب الإخوان بجامعة الأزهر، كما أنهم يتهمونه على الدوام «بمحاباة» اليهود، بسبب رأي قديم له قال فيه إنه لامانع من دراستهم بالأزهر، كما يعيبون عليه ما يسمونه «إطلاق يد الأمن بالجامعة».
جهة أخرى ستكون للطيب بالمرصاد، وسترد على كل فتوى يفتيها، وهى جبهة علماء الأزهر، والتى كانت خصما عنيدا لمحمد سيد طنطاوى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة