الأمريكيون ينفقون 19 ملياراً فى يومين استعداد للكريسماس.. والليبراليون يعتبرونه "مضادا" للعلمانية.. والمتدينون يشددون على أنه مناسبة دينية فى جوهرها

الجمعة، 24 ديسمبر 2010 11:08 م
الأمريكيون ينفقون 19 ملياراً فى يومين استعداد للكريسماس.. والليبراليون يعتبرونه "مضادا" للعلمانية.. والمتدينون يشددون على أنه مناسبة دينية فى جوهرها كريسماس
سياتل – محمد عبد الرءوف - تصوير فايزة اقتدار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كريسماس سعيد أم إجازة سعيدة؟ هل هو موسم للتسوق أم استراحة للنفس من عناء الحياة المادية؟ تبدو الإجابة عن تلك الأسئلة مستعصية على العديد من الأمريكيين مع اقتراب موسم العطلات وأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية.

وطرحها يعكس حالة من الجدل الدائر فى الولايات المتحدة الأمريكية بشأن دور الدين فى البلاد: هل يجب أن يكون للعقيدة المسيحية مكانة خاصة فى المجتمع الأمريكى؟ خاصة وأن غالبية أفراد المجتمع يعتنقونها منذ نشأة الولايات المتحدة كدولة مستقلة أواخر القرن الثامن عشر، كما أنها تلقى الضوء على النزعة الاستهلاكية التى تميز المجتمع الأمريكى والتى يرى البعض أن لها عواقب كارثية.

يتقاطع الاحتفال بالكريسماس مع العديد من القطاعات فى الولايات المتحدة، فالمسيحيون الغربيون يحتفلون فى الخامس والعشرين من ديسمبر باليوم الذى ولد فيه السيد المسيح بحسب الكنائس الغربية كاثوليكية كانت أم بروتستانتية بجانب بعض الكنائس الأرثوذكسية.

كلمة كريسماس تعنى قداس المسيح، ويرتبط الاحتفال به عند العديد من الأمريكيين الذين يواظبون على ممارسة الشعائر الدينية المسيحية بحضور القداس الذى يقام عشية يوم الميلاد ويستمر حتى الساعات الأولى من صباح يوم الكريسماس، ولا تخلو المناسبة من دفء فى العلاقات الأسرية، حيث يعد الكريسماس بمثابة مناسبة للم شمل أفراد العائلة الذين يجتمعون ليلته ويتبادلون الهدايا على مائدة العشاء.

لكن ذلك الطابع الدينى لاحتفالات الكريسماس يثير حاليا الجدل والنقاش فى الولايات المتحدة الأمريكية.. البلد الذى ينص التعديل الأول فى دستوره على عدم الخلط بين الدين والدولة، فمنذ منتصف القرن الماضى والعديد من الجماعات والمواطنين الأمريكيين من ذوى الميول الليبرالية يحاولون أن يزيدوا من الصبغة العلمانية للبلاد عن طريق المحاكم لكى يزداد ارتفاع الجدار الذى يفصل الدين عن الدولة، مثلما حدث فى قرار المحكمة العليا بحظر إقامة أى صلوات أو أى شعائر ذات صبغة دينية فى المدارس العامة، ويعد اتحاد الحريات المدنية الأمريكى هو العنصر الأبرز فى ذلك الجهاد العلمانى، حيث تقول العديد من الأصوات الليبرالية بأن الكريسماس مناسبة دينية خاصة بالمسيحيين ويحق لهم الاحتفال بها وهذا أمر مقبول، لكن ما ليس مقبولا من وجه نظرهم أن تفرض الدولة على مواطنيها الرموز والشعارات الدينية، وهكذا شهدت أروقة المحاكم الأمريكية نزاعات قضائية حول ما إذا كان وضع شجرة الكريسماس فى الأماكن العامة أو إقامة الحفلات فى المدارس بمثابة انتهاكا لعلمانية الدولة.

ويرى الليبراليون المدافعون عن علمانية الدولة، أنّ أمريكا بلد متعدد الثقافات ولهذا فإن الأسبوع الأخير من ديسمبر ليس مجرد الأسبوع الذى يشهد الكريسماس بل هو موسم العطلة الذى يستمتع فيه أغلب الأمريكيين بالعطلة الدراسية وتوقف العمل فى العديد من الشركات والمؤسسات الخاصة بجانب الهيئات الحكومية.

لكن ذلك التفسير الليبرالى للكريسماس لم يلاقى ترحيبا من جانب الجماعات المحافظة وفريق من المتدينين الذين يشددون على أن الكريسماس مناسبة دينية فى جوهرها، وأن هناك نوعا من حرب علمانية يشنها التيار الليبرالى على الكريسماس بوصفه أحد الأعياد المميزة للمسيحية، والتى يرون أنها هى الأخرى تتعرض لنوع من التمييز والتفرقة من قبل الليبراليين الذين يسيطرون على الساحة الإعلامية والثقافية فى الولايات المتحدة الأمريكية.

ومنذ بداية الألفية الجديدة ظهرت قناة "فوكس نيوز" الأمريكية اليمينية، كما لو كانت حاملة لواء الدفاع عن الكريسماس ضد "الحملة العلمانية التقدمية الشرسة" وفقاً لـ"بيل أو رايلي" أشهر مذيعى القناة المذكورة، حيث كثيراً ما يختم رايلى برنامجه الحوارى الذى حظى بأكثر نسبة مشاهدة فى الأعوام الأخيرة بأن يتمنى لمشاهديه كريسماس سعيد خلاف باقى مذيعى البرامج الحوارية فى القنوات الأخرى الذى يختتمون برامجهم بعبارة إجازه سعيدة.

بل إن هناك من ذهب إلى القول بأن الحرب على الكريسماس ما هى إلا "مُقدِمة حرب" على كل التقاليد الأمريكية المستمدة من تاريخ البلاد، والقيم الدينية المنصوص عليها فى الإنجيل بعهديه القديم والجديد، وأن ما يطالب به الليبراليون العلمانيون من نزع العنصر الدينى عن الكريسماس سيسفر فى النهاية عن قبول لزواج المثليين وتقنيين المخدرات والإجهاض والقتل الرحيم مثلما جاء فى كتاب "الحرب على الكريسماس" لكاتبه جون جيبسون.

لكن وإن كان هناك خلاف حول ما إذا كانت هناك حرب على الكريسماس فإن ما لا شك فيه أن فترة الكريسماس تشهد حربا حقيقية.. ولكن حرب من نوع آخر، حيث تخوض المحلات والأسواق التجارية فى الولايات المتحدة منافسة شرسة لمحاولة جذب أكبر قدر ممكن من الزبائن الذين يصابون بهوس التبضع، فالكريسماس عند الأغلبية من الأمريكيين يرتبط فى المقام الأول بتبادل الهدايا، وهو ما يعنى إنفاق مليارات الدولارات.

ففى الفترة ما بين 17 إلى 19 ديسمبر الجارى، تبضع الأمريكيون بما يقرب من 19 مليار دولار على الرغم من الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة، ويرى العديد من خبراء الاقتصاد أنّ هذه ظاهرة صحية لأن الإنفاق سيصب فى النهاية لصالح الاقتصاد الأمريكى وسيعمل على تعافيه من أزمته، لكن البعض يعارض بزعم أن هذا الإنفاق المبالغ فيه سيؤثر بالسلب على الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة، كذلك فإن هناك فريقاً يعارض تلك النزعة الاستهلاكية ليس على أسس اقتصادية ولكن لدوافع بيئية، فالأمريكيون يسهمون مع غيرهم من الشعوب الغنية فى تجفيف الموارد المتاحة على كوكب الأرض، فعلى الرغم من أن الأمريكيين لا يشكلون سوى 5% من سكان العالم إلا أنهم يستهلكون ما يقرب من 24% من إجمالى الطاقة فى العالم.

فى النهاية سواء كان الكريسماس مناسبة دينية، أو عطلة مدنية، أو موسم للتبضع.. فإنه يجلب السرور والبهجة للملايين من الأمريكيين.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة