قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن المسئولين والمحللين يرون أن وضع الاقتصاد المصرى غير مرضٍ، رغم أنه تمكن من مواجهة الأزمة المالية العالمية التى عصفت باقتصاد كبرى الدول حول العالم، وقالت إن البلاد فى حاجة لمزيد من الإصلاح إذا كانت جادة فى مسعاها لتحقيق أعلى مستوى للنمو فى محاولة للتصدى للفقر والبطالة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإصلاحات التى طبقت منذ عام 2004 إلى جانب انتعاش الطلب الداخلى، ساهما إلى حد كبير فى ارتفاع نسبة النمو من 4.7% العام الماضى إلى 5.3% فى السنة المالية فى شهر يونيو الماضى، ومن المتوقع أن يشهد عام 2010-2011 زيادة تتراوح بين 5.7% و6%.
وقالت "فايننشال تايمز" إن الصادرات والاستثمارات الخاصة شهدت انتعاشا لا يمكن إغفاله، وبالمثل ارتفعت نسبة التحويلات والسياحة بمعدل 12% فى السنة المالية التى انتهت فى يونيو المنصرم، ورغم ذلك، انخفض الاستثمار الأجنبى المباشر ووصل إلى 6.7 مليار دولار بعد أن كان 8 مليارات دولار فى العام المالى السابق، وأعزى الخبراء أسباب ذلك إلى سوء المناخ الدولى المتاح لتمويل المشاريع، رغم أن البعض يعتقد أن عدم اليقين السياسى المصاحب لحديث الخلافة على كرسى الرئاسة عامل مساهم فى هذا.
ورغم تحسن الأداء الاقتصادى، لا يزال كثير من المصريين لا يستشعرون فوائد هذا النمو، خاصة طبقة الفقراء المنتشرة فى المناطق الريفية فى صعيد مصر، بل يعانون من آثار التضخم على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ورأت الصحيفة أن هذا يعكس القصور فى نظام التجارة الداخلى.
ولفتت "فايننشال تايمز" إلى أن ارتفاع الأسعار أدى إلى نزول المئات إلى الشوارع للمطالبة بزيادة الرواتب، وحاولت الحكومة إرضاء مطالبهم هذه، فى محاولة للتصدى لمشاعر الغضب. ورأت أن مصر تحتاج لمعدلات نمو تتراوح بين 6% و7% لخلق فرص عمل لأكثر من 650 ألف شخص كل عام ولرفع مستوى 40% من فقراء مصر.
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" فى تقرير منفصل لها، إن ما يقرب 20 % من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، وفقا للبنك الدولى، فى حين ينظر إلى الـ20 % الذين يحيطون بهذا الخط بالقرب من مستوى الفقر، ووفقا لآخر تقارير الإنفاق الحكومة فى عام 2008، أربع أخماس العائلات المصرية تعيش على أقل من ثلاثة آلاف دولار سنويا.
ورأت الصحيفة أن مواجهة الفقر أحد أكبر التحديات أمام الحكومة المصرية، خاصة أن النمو الاقتصادى لا يستشعره الفقراء.
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية زاد من الضغوط على كاهل المواطن المصرى، الذى لم يجد سبيلا آخر سوى النزول إلى الشارع للاعتراض على ما آل إليه وضعه.
ومن ناحية أخرى، ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" فى تقرير منفصل لها أن صحة القطاع المالى فى مصر على ما يرام حتى بعد أن عصفت الأزمة المالية بالاقتصاد العالمى، وذلك بفضل تزايد الودائع، ولكن مع ذلك النمو الائتمانى لا يدعو للتفاؤل، رغم نصائح الحكومة للبنوك بإقراض المزيد.
وقالت الصحيفة إن مصر واحدة بين ثلاث دول فى المنطقة شهدت انخفاضا فى نمو الائتمان من حيث القيمة الحقيقية، وفقا لورقة حديثة أصدرها صندوق النقد الدولى، وأشارت إلى أن نقص الإقراض لا يرجع إلى مشكلات فى القطاع المالى، على الأقل ليس بشكل سطحى، فالقطاع البنكى تمتع بمعدل إقراض للودائع بنسبة 52%، ومعدل نمو الأرباح بنسبة 39% العام الماضى، وفقا لبحث أجراه بنك "كريدى سويس".
ونقلت "فايننشال تايمز" عن سمير رضوان، مستشار هيئة الرقابة المالية، قوله، إن الأمر ينطوى على مفارقة، فالاقتصاد المصرى فى أمس الحاجة للسيولة المالية، ولكن البنوك تسبح فيها.
ورأت الصحيفة أن نقص الإقراض يعود جزئيا إلى المشاكل البنكية التى تفاقمت فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، عندما ازدادت طائلة الدين وسحقت القطاع الحكومى، ومنذ ذلك الوقت عكفت السلطات على إعادة تأسيسه، وخصخصته، لجعله أكثر قدرة على المنافسة.
"فيننشال تايمز": الاقتصاد المصرى فى حاجة للإصلاح.. والمواطن آخر المستفيدين
الخميس، 16 ديسمبر 2010 07:42 م
وزير المالية يوسف بطرس غالى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة