على عكس التوقعات جاء فوز الروائى البيرونى ماريو بارغاس يوسا، أحد أهم كتاب أمريكا اللاتينية، ليضرب بكافة التوقعات عرض الحائط، وللروائى يوسا العديد من الروايات والقصص الحافلة بالمعانى والصور البارعة والتى تنقل القارئ إلى عالم من الخيال.
"ليتوما فى جبال الأنديز" أحد أهم روايات الروائى البيرونى يوسا، والتى تتحدث عن العنف والخرافات وقسوة البشر والتى تحضر القارئ للدخول إلى العوالم المرعبة، وترجمت للغة العربية عن دار المدى بدمشق عام 2009، وقد فازت عام 1994 بجائزة سرفانتس الرفيعة فى الأدب الإسبانى.
"مدينة قابيل شُيّدت بالدم البشرى، وليس بدم الثيران والماعز" بهذه الجملة بدأ يوسا روايته "ليتوما فى جبال الأنديز" وهى للشاعر وليام بليك، ليحيلنا يوسا بعدها إلى القصة المعروفة حول قتل قابيل لشقيقه هابيل، كما كشف يوسا فى روايته الكثير من الأسرار والتفاصيل الغريبة عن القسوة والخوف والعنف فى بيرو، وعلى مرتفعات جبال الأنديز بأمريكا اللاتينية، حيث الخرافات والأساطير والحكايات الخيالية التى تمثل الخبز اليومى لسكان تلك البقاع.
تدور هذه الرواية حول المفتش "ليتوما" ومساعديه اللذين يذهبان إلى جبال الإنديز للتحقيق فى سلسلة من الجرائم الغامضة التى يتم فيها اختطاف الرجال، من عمال المناجم فى جبال البيرو.
وكانت روايته "المدينة والكلاب" هى الرواية الأولى له والتى بدأت شهرته بها، كما منح عليها جوائز عديدة منها جائزة "ببليوتيكا بريفى" عام 1962 وجائزة "النقد" عام 1963 وترجمت إلى أكثر من عشرين لغة أجنبية، كما حظيت روايته الثانية "البيت الأخضر" بالنجاح نفسه، ثم توالت أعماله الروائية، ومن أهمها: "محادثة فى الكاتدرائية"، و"بانتاليون والزائرات"، و"حرب نهاية العالم"، و"قصة مايتا"، و"امتداح الخالة"، و"دفاتر دون ريغوبيرتو"، و"من قتل بالومينو موليرو"، و"شيطنات الطفلة الخبيثة".
أما الكتاب الأكثر شهرة من بين كتبه هو "رسائل إلى روائى شاب" والذى يعد اليوم من أهم كتب النقد الأدبى، وقد افترض فيه بأن كاتبا شابا يريد النصيحة، يراسله ويرد عليه (يوسا) بشكل رسائل مليئة بالتشويق، وزاخرة حتى يصبح الشاب كاتبا ناجحا فى المستقبل، فكان عليه أن يتعلم جيدا، من أكبر أساتذة عصره، وأكثرهم معرفة وتواضعا.
وينصح يوسا الشاب فى كتابه قائلا: "من يدخل الأدب، بحماسة من يعتنق دينا، ويكون مستعدا لأن يكرس لهذا الميل، وقته وطاقته وجهده، هو وحده من سيكون فى وضع يمكنه من أن يصير كاتبا حقا، وأن يكتب عملا يعيش بعده"، كما أعطاه أمثلة حياتية، فى غاية التبسيط، لأجل أن يفحم قارئه، ويجعله مستوعبا الدرس البليغ، وهو أهم ما تمتلك الرواية من أسرار، ويحوى كشفا كبيرا على روايات بديعة لا يمكن لأى قارئ إلا وأن تعرف على مبدعيها، فالكتاب يدخل فى مفاصل الأعمال الروائية العظمية، تلك الروايات العظمية التى وصلت إلى مختلف اللغات بلا استثناء.
وكتاب يوسا "رسائل إلى روائى شاب" يحوى فصولا نقدية فى غاية العبقرية، وبالغة الثراء، ومن أشهر أقواله فى الكتاب "أن الكاتب الذى يخدم أى حقيقة أخرى، غير التى يجب اكتشافها، هو كاتب غير ناجح"، كما قال أيضا فى كتابه: "إن الأدب هو أفضل ما تم اختراعه للوقاية من التعاسة".
رواية "من قتل بالومينو موليرو" كانت أحد أهم الروايات المرشحة للحصول على جوائز عالمية وتتحدث عن مقتل عازف الجيتار بالومينو موليرو والتمثيل بجثته، والذى قتلته حبيبته التى لم تكن تحبه، وضابط الشرطة الذى كشف جريمة القتل بمصادفات عديدة.
رواية "الفردوس – أبعد قليلاً" هى الرواية التى جعلت يوسا يلقب بـ "الباحث عن الفردوس" ويتحدث فيها حول الحلم والأمل والحرية والإيمان، ويقدّم من خلالها فلسفة الرحلة الأجمل من أى وصول، والتى فيها، فى تلك الرحلة بالذات، يكمن سرّ الفردوس وجوهر اليوتوبيا الحقيقية.
وفى روايتة "وقت البطلِ" 1968 كشف كيفية تجنيد بعض الضباط للعمل فى المؤسسات الاستعمارية السرية، للقيام بانقلابات عسكرية لصالح القوى العظمى، وكان يقرّ بأن الرؤساء هم أول من يخونون البلد كلما استشرى الفساد الإدارى فى المرافق الحكومية. ثم جاءت روايته المثيرة للجدل "حديث فى الكاتدرائية" فى عام 1975، والتى فضح فيها بعض رجال الدين الذين تعلو مصالحهم فوق مصلحة من يناشدون باسمه.
وكانت روايته "حفلة التيس"، قد أثارت جدلا كبيراً ونالت شهرة واسعة بسبب تناوله حياة الدكتاتور الدومينيكانى رافاييل ليونيداس تروخييو، وقد فضح يوسا من خلال صورة هذا "الوحش" فساد كل الزعماء الديكتاتوريين ودمويتهم وهوسهم الاستعراضى النرجسى، عبر تصويره المحطات المختلفة فى عملية تحول إنسان عادى طاغية.
وكتابه الأخير (يوميات من العراق) يروى فيه تفاصيل الرحلة التى قام بها مع ابنته المصورة الصحفية (مورجانا)، حيث استمرت الرحلة 12 يوماً فقط، قام بها إلى العراق، بدأت فى 25 يونيو وانتهت فى السادس من يوليو2003، ولاقت هذه اليوميات التى جمعها (يوسا) وصدرت فى الإسبانية أواخر العام الماضى، اهتمام العديد من وسائل الإعلام العالمية.
وسيصدر ليوسا أحدث كتبه الذى تطلب إنجازه عامين ويحمل عنوان "حلم الرجل السلتى" "ايل سوينيو ديل ثيلتا" فى 2010 أو 2011.
كما كتب يوسا عدداً من الدراسات النقدية منها (ماركيز: قصة محطم الآلــهــة) و(المجــون الأبــدى: فلوبير ومدام بوفارى)، وغيرها من الدراسات المهمة التى جلبت له الشهرة الواســعة ومنحته مكانة رفيعة فى عالم الإبداع والنقد.
وله أيضا مجموعة من المسرحيات التى لم تقل شهرة عن بقية إنجازاته، مثل: مسرحية (العمّة جوليا وكاتب النصوص، 1982)، ومسرحية (الزوّار 1988).
موضوعات متعلقة:
سلماوى: يوسا من الكتاب المرموقين وله إسهام كبير
"ماريو بارجاس يوسا" يفوز بجائزة نوبل العالمية فى الآداب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة