البرادعى.. سيرة وانقفلت.. هل انتهت هوجة ترشيحه للرئاسة بعد تغيير مواعيد عودته وتردده فى الاشتباك السياسى فى مصر؟

الجمعة، 29 يناير 2010 11:58 م
البرادعى.. سيرة وانقفلت.. هل انتهت هوجة ترشيحه للرئاسة بعد تغيير مواعيد عودته وتردده فى الاشتباك السياسى فى مصر؟ البرادعى
عمرو جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ هل انتهت هوجة ترشحه للرئاسة بعد تغيير مواعيد عودته وتردده فى الاشتباك السياسى فى مصر؟
◄◄ لماذا انتقل الرهان من رئيس الوكالة الدولية إلى النائب حمدين صباحى؟

بعد أقل من شهرين على ترشيح الدكتور محمد البرادعى لرئاسة الجمهورية والجدل الذى ثار بين مؤيد ومعارض للفكرة، خفت الجدل، وانزوى البرادعى، ولم يسأل أحد نفسه، كيف أصبح نجما؟ وكيف اختفى من الصورة، وأجل موعد حضوره لمصر عدة مرات؟

الدكتور محمد البرادعى الحائز على نوبل فى السلام والمدير السابق للوكالة الذرية، أمام طرح اسمه كمرشح وتصريحاته الغائمة، التى أعلن فيها شروط ماقبل الترشيح، يمكن لمن يتابع السياسة فى مصر أن يتذكر حجم التأييد أو المعارضة للبرادعى، لكن أحدا لا يستطيع أن يعرف آخر ما صرح به البرادعى، أو ماذا يفعل الآن أو كيف يقضى يومه. البرادعى أنهى فترة الجدل الماضية حول قدرته على العودة لمصر والنضال من أجل ما سماه «شروط» تضمن نزاهة اختيار رئيس الجمهورية، بإعلانه أنه لن يعود قبل منتصف فبراير القادم، بعد ما تردد عن عودته خلال يناير الجارى.

السؤال عن البرادعى بعد حديثه عن الرئاسة، واللقاءات الصحفية والتليفزيونية التى أجريت معه، حول خططه لما بعد ترك منصبه الدولى وكيف سيقضى أيام التقاعد، تحول -السؤال- إلى نواياه الحقيقية نحو الترشيح للرئاسة، وموعد عودته لوطنه، ونظرته للظروف السياسية فى القاهرة، وموقعه من النظام المصرى، بل وزاده تألقا فى حينها إجاباته الغامضة التى بلا معطيات نهائية يستطيع المراقب أن يستخرج منها نتيجة.

ولم تكن نظرة المؤيدين للبرادعى على أنه بطل قومى، اكتملت بعد، إلا حينما بدأت رياح الخصومة تهب من قبل بعض أنصار النظام، متمثلة فى مقالات رأى مهاجمة، أو ناقدة تنطوى على تجريح، اعتبره البعض أنه يريد انقلاباً دستورياً، حتى إن الدكتور عبدالمنعم سعيد حينما كتب فى الأهرام مقالاً يتناول فيه مدى ملاءمة البرادعى لهذا المنصب هوجم بوصفه يدفع ثمن تنصيبه رئيس مجلس الإدارة، لكنه عاد ووضح فى مقال آخر حمل عنوان «رداً على مقال لم أكتبه»، موقفه من البرادعى والرئاسة بأنه تناول الأمر برؤية محلل سياسى وليس ككاتب يحسب على تيار بعينه.

وصعد نجم البرادعى فى عين من أيدوه، فى عين معارضيه، حتى خرجت قيادات فى الحزب الوطنى والحكومة لتعلن أنه من غير المقبول أن يشتم البرادعى لمجرد أنه خاض فى حديث الرئاسة، بل أعلنت أصوات من داخل الوطنى أن البرادعى سيتم تكريمه من قبل الدولة فور عودته من فيينا، وهو مأزق آخر صعد بأسهم البرادعى من الشعبية، وحاول البعض رسم سيناريو لكيف يكون الاستقبال الرسمى للرجل فى المطار، وقد أعلنت قوى شعبية معارضة أنها ستنتظره فى المطار، الخيال هنا وصل بالسيناريو لذروته وتوقع مشاحنات وتدافع قد يصل إلى حد الاشتباكات بين الحكومة ومؤيدى البرادعى أمام صالة الوصول فى المطار، هذا إن لم يمر عبر «كبار الزوار» كما هو مفترض.

وجاءت حملة التوكيلات التى تفوضه فى تعديل الدستور ليسطع نجم الرجل أكثر وأكثر فى صورة «البطل الشعبى»، وكانت بداية لمرحلة التطبيق نحو تمكين الرجل من تطبيق شروطه فى الترشح للرئاسة، لكن الحملة أجهضت مع بدايتها بإصدار وزارة العدل تعليمات لمسئولى الشهر العقارى بعدم توثيق هذه التوكيلات وبدأت من بعدها حملات مشابهة لآخرين، لكنها ظهرت مشوهة، وفشلت هذه المرحلة أيضاً مما يعطى انطباعا بأن كثرة البدايات فى رحلة البرادعى نحو الرئاسة لم تصل إلى نهاية واحدة متماسكة.

وكان السؤال الواقعى الذى يختفى تحت هذه الكومة من التفاصيل والهوامش التى فرضتها شعبية البرادعى فى هذا الوقت بالذات، هو مدى صلاحية الرجل للترشح للمنصب فى ظل مواد دستورية تمنعه، واشترط هو تعديلها، وأيضاً فى ظل الصورة التى صنعها بعض مهاجميه بأنه لا يعرف شيئاً عن البلد الذى يطمح لرئاسته، بعد أن عاش أكثر من 45 عاما بعيداً عنها، وهذا السؤال بالذات كان سبباً فى أن يعيد البرادعى التفكير كثيراً قبل أن يوضح موقفه من الرئاسة أو يحدد موعدا نهائيا لعودته، وهنا بدأت الآمال التى عقدت عليه وأطماع الحالمين بالتعلق فى شهرة الرجل، تصطدم بالواقع الذى يعنى ضآلة فرص الرجل فى الوصول للمنصب.

المعارضة بدورها نسيت فى غمرة تهافتها على البرادعى، أنها ستكون سببا لإفساد شعبيته، فلكى يتبنى حزب فكرة ترشيحه للرئاسة، دون أن يمتلك هذا الحزب مقومات الرئاسة، باستثناء بعض المقاعد والمكاتب فى مقر الحزب، فهو أيضاً لا يملك أرضية سياسية يتحرك عليها أو برنامجا واضحا للناس، وكذلك افتقاره للشعبية، وكذلك جاءت تلك الدعوات والحملات التى ارتبطت باسم البرادعى، على كثرتها لم تزد الرجل إلا استهلاكاً، خاصة أن جدية تلك الحملات والدعوات كانت دائما محل تساؤل، أما نقطة البداية فى انزواء اسم الرجل عندما انقلب عتاة المعارضين على أنفسهم ورفضوا الاعتراف بأن الرجل يستحق المحاولة، فوصفه أيمن نور بأنه يريد الحصول على رئاسة الجمهورية على طريقة «زواج الصالونات»، والأحزاب الكبرى مثل الوفد والتجمع رفضت أن تتبنى فكرة منحه عضويتها ليكون مرشحها، بحجة أن لديها ما يكفى من الكوادر.

عند هذه النقطة بدأ نجم البرادعى ينزوى فى ركن مظلم من ذاكرة المصريين وبدا كأنه مشهد معتاد بعدما كان كلامه يحتل الصفحات الأولى من الجرائد، ويحظى بقدر لا بأس به فى جلسات النميمة السياسية والمؤامرات الحزبية، حتى أخباره انزوت معه ودخل نجوم آخرون إلى مربع الضوء المسمى بالترشح للرئاسة، فصار كل من يعلن عن مجرد تفكيره فى الترشح بطلاً شعبياً يأخذ فترته فى الشهرة ثم يمضى، حدث هذا مع أيمن نور، ويحدث الآن مع عمرو موسى، رغم إعلانه بأن الطريق إلى الرئاسة مغلق أمامه، ويحدث أيضا مع حمدين صباحى الوكيل المؤسس السابق لحزب الكرامة «تحت التأسيس».

البرادعى هنا ليس مسئولاً عن دخوله إلى بؤرة الجدل وحده، فثمة تروس إليكترونية تدفعه للسطح من آن لآخر، أبرزها مجموعات الفيس بوك المؤيدة لترشيح هذا أو ذاك، وحملات جمع التوقيعات، أو التوكيلات المرسلة على البريد الإليكترونى، أو حتى فى مواقع الاستطلاعات كتلك التى أظهرت أن البرادعى هو الأكثر شعبية فى مصر من بين 12 شخصية بارزة بعد حصوله على 1534 صوتاً متفوقاً بذلك على شخصيات مثل الرئيس مبارك وعمرو موسى، وتدعم هذه التروس آلة اعلامية تهدر شوقاً للخبر، لكن المصير الطبيعى لكل ظاهرة منها أنها تخفت تدريجيا إلى أن تختفى أو تصبح مادة مستهلكة.

ولكن لم تشفع نسبة الاحترام والمصداقية اللتين يحظى بهما البرادعى فى أن تبعده عن هذا المسار، بل إن البعض يرى أنه قد ساهم بشكل ما فى أن يضع نفسه فيها، فتصريحاته التى بدت مترددة فى البداية حول نيته للترشح ما بين النفى مرة، أو الإعلام بشروط مرة أخرى، وكذلك تفاوت المواعيد التى ضربت لعودته ما بين أول العام أو منتصف يناير أو أول فبراير أو منتصفه، وضح حينها أن هناك شيئاً ما يقيد هذا الرجل ويجعله متردداً، خاصة بعدما أثير عن الهجمة العاتية التى تعرض لها فى مصر من أصوات محسوبة على الحكومة، أو حتى هواجسه من الشكل الذى سيقابله به النظام فى مصر عند عودته، بالإضافة إلى كل ذلك الحوادث التى تأتى ليجدها المصريون فرصة جيدة للتلهى، فكانت حادثة نجع حمادى أولى الحوادث التى أهالت شيئاً من التراب على أخبار التعديل الوزارى المحدود الذى كان قبلها، وجاء بعدها مباريات المنتخب المصرى فى كأس الأمم الأفريقية بأنجولا، وهى فرصة كبرى لنسيان مرارة أم درمان، لتأتى كارثة السيول والطقس السيئ لتقضى على البقية الباقية من ذكرى معركة البرادعى والرئاسة حتى إشعار آخر.

فلم يكن اختفاؤه البادى الآن هو التطور الطبيعى للأحداث فى مصر فقط، إنما أيضاً ما صنعت يداه، فلا أحد فى مصر الآن يعرف إذا ما كان البرادعى سيترشح أم لا، وهل سيعود قريباً أم أنه سيؤجلها مرة أخرى، ولكن ما نعرفه هو أنه دخل إلى دائرة النسيان ولو مؤقتاً، وهو بذلك يفسح المجال لظاهرة أخرى وأسماء تأتى بعده لتسير على نفس الدرب.

لمعلوماتك....
27 ديسمبر 2009 ظهر أول توكيل يفوض الدكتور محمد البرادعى لتعديل الدستور بما يمكنه من الترشح للرئاسة، وصدر هذا التوكيل فى الإسكندرية لناشط يدعى صفوان محمد، وتوالت بعد ذلك توكيلات لعمرو موسى وأيمن نور وحمدين صباحى.
77 مادة فى الدستور المصرى تعتبر من أكثر المواد المثيرة للجدل فى معركة الترشح لرئاسة الجمهورية، حيث يعتبر تعديلها مطلبا أساسيا لكل من يفكرون فى الترشح، لكونها تحتوى على مواد يعتبرها المرشحون تعجيزية وتدعم التوريث.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة