قال تقرير حقوقى، صدر اليوم عن المؤسسة العربية لدعم الجتمع المدنى، أن حالة من الفوضى تجتاح الأحزاب المصرية بعد إعلان الدكتور محمد البرادعى شروطه للترشح للرئاسة، فهى بحسب التقرير، الذى يرصد وضع الديمقراطية خلال ديسمبر الماضى ويناير الجارى، لم تبادر لدعوة البرادعى للانضمام إليها وخوض معركة الترشح للرئاسة تحت مظلتها، وإنما اكتفى بعضها بتأييد لم يتطور لـ"ترحيب" فيما رفضت أحزاب أخرى ومنها من امتنع عن تحديد موقفه.
غير أن التقرير اعتبر تلك الفوضى بمثابة المنشط للحياة الحزبية بمصر، لأنه فتح باباً من الجدل داخلها خاصة فى الأحزاب الكبرى مثل "الوفد" الذى يظهر موقفاً رافضاً للبرادعى فى حين تصر مجموعات شبابية داخله على دعمه كمرشح للرئاسة، لكن التقرير انتقد فى الوقت نفسه تأييد شباب الأحزاب للبرادعى وعمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية، وتفضيلهما كمرشحين للرئاسة رغم أنهما تخطيا سن الستين.
وبجانب الحراك الذى أحدثه "البرادعى" اعتبر التقرير أن انتخابات مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين هى الحدث السياسى الأهم خلال يناير الجارى، وأكد أن الخلافات التى صاحبت الانتخابات واعترف بها عدد من كبار رجال الجماعة، أثرت على شكل الجماعة وتماسكها أمام الإعلام، خاصة مع اعتراض علنى من قيادات بحجم الدكتور محمد حبيب، النائب الأول السابق لمرشد الإخوان، على سير الانتخابات وإبدائه رغبة فى الطعن عليها.
كما رصد التقرير محاولات للتنسيق بين أعضاء ائتلاف الأحزاب الأربعة "الوفد ـ الناصرى والجبهة والتجمع"، وهو ما بدا واضحاً، حسب التقرير، فى رفضهم الانضمام لحركة "مصريون ضد التوريث"، مضيفاً أن هذه الأحزاب لم تستطع، رغم توافقها فى هذه الواقعة، تقديم خيارات بديلة أو القيام بأفعال تؤدى إلى إحداث تغيير فى الخريطة السياسية.
ولفت إلى استمرار عدد من الأحزاب الأخرى فى الإدلاء بتصريحات حول استعدادها للانتخابات التشريعية وانتخابات مجلس الشورى دون أى تواجد حقيقى لها على الساحة السياسية مثل أحزاب الأحرار، الجمهورى، الاتحاد الديمقراطى حول الانتخابات التشريعية والرئاسية، رغم أن هذه الأحزاب ليس لديها ثقل سياسى أو تنظيمى يؤهلها للمنافسة بما يؤدى إلى وجود ممثلين لها على الساحة.
وبحسب التقرير تجددت مظاهر الاحتجاج والتظاهر السلمى من جانب عدد من القوى العمالية والمهنية خلال هذا الشهر، إلا أنها حوصرت، على مسئولية التقرير، من جانب أجهزة الأمن، وهو ما ظهر أثناء اجتماع الجمعية العمومية لاتحاد العمال، مع ذلك برزت هذه الاحتجاجات بسبب اعتراضها على عدد من مشروعات القوانين مثل التأمين الصحى.
استنتاجات التقرير:
ويؤكد التقرير فى استنتاجاته على وجود موقف متضارب من جانب الأحزاب المصرية المختلفة من مسألة ترشيح البرادعى سواء كان مستقلا أو على لائحة حزبية، فحزب الغد على لسان مؤسس الحزب وإن كان موافقا على الضمانات التى وضعها البرادعى للترشح، إلا أنه لا يرحب بترشيحه من داخل الحزب، فيما بدا الحزب الدستورى ورئيسه ممدوح قناوى أحد المتحمسين والداعين للبرادعى لترشيح نفسه من داخل الحزب، والذى أدى إلى خلافات داخلية داخل الحزب بين أعضاء أعلنوا ترشيح نفسهم بالفعل، ومنهم المحامى المسيحى ممدوح رمزى عضو الهيئة العليا والنائب محمد العمدة نائب الحزب الوحيد داخل مجلس الشعب، وقد أدى هذا إلى بدء خلاف بين هذه القيادات. أيضا يبقى الوفد أحد الأحزاب المرشحة للخلاف داخلها بسبب قيام مجموعات شبابية من الصف الثانى بالدعوة لترشيح البرادعى باسم الحزب وقيام هذه المجموعات بدعمه على الإنترنت وإعلاميا.
ويفيد التقرير بوجود تأكيدات من قيادات حزب الوفد المختلفة بأن البرادعى لن يترشح من داخل الحزب، فيما يبدو حرصا على ترشيح آخرين على ذات الموقع. برز كذلك إعلان القيادى الناصرى سامح عاشور ترشيح نفسه، ودعوة حزب الكرامة لترشيح حمدين صباحى وكيل المؤسسين السابق كشخصية وطنية، وجمع توكيلات لترشيحه.
بينما يبدو حزب التجمع رافضا لتقديم مرشح للرئاسة، حيث يشير السعيد إلى أن ذلك يعتبر مسرحية معروفة نتائجها ,وأن التجمع لن يلغب دور المحلل.
أيضا برز جدل سياسى حول اقتراحات البرادعى، واقتراح هيكل باختيار مجلس أمناء لصياغة الدولة والدستور من 12 شخصية سياسية. وتساءل الكثيرون هل تعتبر شروط البرادعى اعتذارا عن الترشيح أم موافقة مشروطة بتغيير المناخ السياسى الحالى.
ويعكس هذا الجدل الصحى من وجهة نظرنا رغبة الكثيرين من النشطاء السياسيين وحركات التغيير والشباب الناشط على الإنترنت وكثير من المواطنين فى إحداث ثغرة فى الوضع السياسى الراكد وإحداث تغيير فى اللعبة السياسية تؤدى لتنافس حقيقى ليس على موقع الرئيس فحسب، بل بين الأحزاب والقوى السياسية الأخرى وضرورة فتح الباب لوجود منافسين حقيقيين آخرين، رغم أن البعض لم يجد مرشحين محتملين سوى البرادعى، وهو الذى تجاوز الستينات، أو عمرو موسى وهو أحد رجال النظام ـ رغم ذكائه السياسى.
أورد التقرير نفى الإخوان أنهم سيقدمون مرشحا رئيسيا، ولم يصرحوا بأنهم سيدعمون مرشحا معينا، على الجانب الآخر سعت بعض دوائر الإخوان، خاصة بعض الدوائر الشبابية إلى ترشيح خيرت الشاطر ربما لتذكير الناس بوجوده فى السجن منذ سنوات.
وبعد هجوم رؤساء تحرير الصحف الحكومية على البرادعى تواصل الهجوم عليه من بعض قيادات الحزب الوطنى هذه المرة خاصة من جانب د.مفيد شهاب وفتحى سرور. وبمرور الوقت خفت حدة الهجوم على شخص البرادعي، وانتقاد هذا الهجوم من جانب بعض الأشخاص المعروفين بموضوعيتهم من الحزب الوطنى مثل حسام بدراوى. والذى نفى وجود إدارة أو توجه سياسى للهجوم ضد البرادعى.
فيما يتعلق بجماعة الإخوان، تصاعدت الأزمة الداخلية داخل جماعة الإخوان استعدادا لانتخابات المرشد العام ومكتب الارشاد التى تمت بالفعل فى يناير 2010، وقد أشارت عدد من الصحف إلى تشجيع أغلب أعضاء قيادات الجماعة إلى تفضيل الدكتور محمد بديع، كمرشد للجماعة وهو ما حدث بالفعل، واعتبار الصحف عامة أنه أحد المرشحين للخلافة.
وبرز أيضا تحميل الإخوان على لسان بديع، الحكومة مسئولية الخلافات داخلها، وذلك دون الإشارة إلى وجود مطالب مشروعة من جانب أعضاء الجماعة بوجود خلل داخل الجماعة.
فى مقابل ذلك اعترف قيادات أخرى بوجود هذه المشاكل مثل عبد المنعم أبو الفتوح، والذى أرجعه إلى تاريخ إعلان البرنامج السياسى الذى أعلنه الإخوان منذ سنوات.
كما برزت مطالب من جانب عدد من الأعضاء لأول مرة بعدم الجمع بين عضوية مجلس الشورى العام ومكتب الإرشاد، وتعديل اللائحة الخاصة بالجماعة، فيما يبدو أنه كانت ثمة محاولات من جانب البعض لاستمرار عاكف وإثنائه عن قراره، الأمر الذى ظهر فى تناقض عدد من الصحف الخاصة بإعلان أن عاكف ينوى التراجع عن خطوة الابتعاد عن موقع المرشد العام.
وأثرت هذه الخلافات فى ابتعاد عدد من القيادات الأساسية من الجماعة واستقالة البعض، وخاصة الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام اعتراضا على الإجراءات القانونية والمخالفة للائحة التى صاحبت الانتخابات الأخيرة، بالإضافة إلى عدم ترشيح القيادى عبد المنعم أبو الفتوح. وظهر عدد من الآثار عقب إجراء الانتخابات بالطعن فى شرعيتها وقانونيتها.
برز هذا الشهر تأكيد من قيادات بالحزب الوطنى بعدم وجود نوايا لتعديلات دستورية، خاصة تصريح السيد جمال مبارك، بأنه لا توجد تعديلات دستورية فى الوقت الحالى وهجوم عدد من ممثلى القوى السياسية على هذه التأكيدات.
فيما يتعلق بالخارطة الحزبية، كما رصد التقرير، محاولات للتنسيق بين أعضاء ائتلاف الأحزاب الأربعة "الوفد ـ الناصرى والجبهة والتجمع"، وهو ما بدا واضحاً، حسب التقرير، فى رفضهم الانضمام لحركة "مصريون ضد التوريث"، مضيفاً أن هذه الأحزاب لم تستطع، رغم توافقها فى هذه الواقعة، تقديم خيارات بديلة أو القيام بأفعال تؤدى إلى إحداث تغيير فى الخريطة السياسية.
واستمرار الخلافات داخل هذه الأحزاب، وإصرارها على الابتعاد عن التنسيق مع الحركات السياسية الأخرى. ووضع كل منهم رفضا مبدئيا للتنسيق حتى مع القوى الحزبية الأخرى سواء حزب الغد أو جماعة الإخوان. مع استمرار الخلافات داخل أغلب الأحزاب وبرزت خلافات داخل حزب الغد (أيمن نور) بتقديم بعض قيادات المحافظات لاستقالاتها.
من جهتها استمرت عدد من الأحزاب الأخرى فى الإدلاء بتصريحات حول استعدادها للانتخابات التشريعية وانتخابات مجلس الشورى دون وجود تواجد حقيقى لها على الساحة السياسية مثل أحزاب الأحرار، الجمهورى، الاتحاد بالديمقراطى حول الانتخابات التشريعية والرئاسية، رغم أن هذه الأحزاب ليس لديها ثقل سياسى أو تنظيمى يؤهلها للمنافسة بما يؤدى إلى وجود ممثلين لها على الساحة.
الحياة الحزبية المصرية
شهد شهر ديسمبر إصدار حكمين قضائيين مؤثران الوضع داخل الأحزاب السياسية، ففى خطوة غير متوقعة ألغت محكمة جنوب القاهرة بتاريخ 22/12 حكم بطلان الجولة الانتخابية السابقة داخل الحزب الناصرى، والتى دعمها بعض قيادات جبهة الإصلاح وليس كلها، حيث فضل البعض الآخر الوصول لحلول تفاوضية لحل الوضع داخل الحزب والوضع نفسه داخل حزبى الاتحادى الديمقراطى وحزب مصر العربى الاشتراكى.
كما صدرت أحكام قضائية أدت لحل النزاع على الحزب لصالح حسن ترك ووحيد الأقصرى.
وبحسب التقرير تجددت مظاهر الاحتجاج والتظاهر السلمى من جانب عدد من القوى العمالية والمهنية خلال هذا الشهر، إلا أنها حوصرت، على مسئولية التقرير، من جانب أجهزة الأمن، وهو ما ظهر أثناء اجتماع الجمعية العمومية لاتحاد العمال، مع ذلك برزت هذه الاحتجاجات بسبب اعتراضها على عدد من مشروعات القوانين مثل التأمين الصحى.
تصاعد نوع وعدد هذه لتظاهرات بانضمام أجانب متعاطفين مع القضية الفلسطينية لرفض الحكومة المصرية تضامنهم مع قطاع غزة ضمن قافلة ـ يحيا غزة، التى يقودها جورج جالوى النائب البريطانى، وقد تظاهر هؤلاء أمام عدد من سفاراتهم فى قبل نهاية العام.
وبرز خلل واضح فى إدارة الحكومة المصرية للأزمة مع القافلة سواء المتجهة بحرا إلى الشواطئ المصرية أو مع النشطاء الأجانب الذين حاولوا الوصول إلى غزة عبر القاهرة.
وأثرت هذه الإدارة الساذجة أو العابثة على ظهور انتقادات متوالية للموقف المصرية فى عدد من الدول، حيث نظم بعض النشطاء فى لبنان والأردن وتركيا مظاهرات أمام السفارات المصرية احتجاجا على هذا الموقف.
أيضا ظهر موقف مبكر انتقده الكثيرون من جانب اتحاد العمال، بأعلان رئيس الاتحاد والقيادى بالحزب الوطنى حسين مجاور دعوته للرئيس مبارك للترشح لفترة جديدة، وهو ما يظهر التناقض بين دور الاتحاد فى قمع التحركات النقابية لانشاء نقابات مستقلة، والبحث عن مصالح المسيطرين عليه، من خلال مبايعة الرئيس مبارك، والفشل فى علاج مشاكل العلاج والدفاع عن حقوقهم. والسعى للسيطرة على الحركة العمالية المصرية.
والسؤال هو كيف يضع مجاور نفسه ناطقا باسم 22 مليون عامل مصري، فى مبايعة الرئيس مبارك لفترة أخرى، وتذكرنا هذه الخطوة بما كان يقوم به الرئيس السابق للاتحاد السيد راشد الذى أجبر على الاستقالة من الاتحاد بسبب ما ذكر وقتها لمخالفات مالية فى الاتحاد.
ـ استمرت الجهة الإدارية فى تقييد حق التنظيم الأهلي، من خلال التدخلات المستمرة ومحاولة الهيمنة على شئون الجمعيات الأهلية بشكل فاضح، وهو ما حدث مع انتخابات نادى النيابة الإدارية ونادى هيئة تدريس جامعة القاهرة، كما حدث سابقا مع اتيليه القاهرة وعدم الاعتراف بالانتخابات التى تمت فى الأندية وإجراء انتخابات سابقة التجهيز تمتلئ بعشرات المخالفات من بينها شطب المرشحين المعارضين والمنتمين لتيارات سياسية معنية وهو ما حدث بشكل واضح فى انتخابات نادى هيئة تدريس جامعة القاهرة.
على مستوى النقابات المهنية جرت خلال هذا الشهر أكبر عدد من انتخابات النقابات المهنية،، حيث أجرت كل من نقابة الصحفيين ونقابات المحامين الفرعية والممثلين خلال هذا الشهر، فى مقابل استمرار النقابات الأخرى دون انتخابات منذ منتصف التسعينات ومن بينها الصيادلة والأطباء والعلميين، بينما لا تزال نقابة المهندسين تحت الحراسة بالرغم من صدور حكم قضائى جديد فى هذا الشهر بإنهاء هذه الحراسة.
وظهرت مؤشرات واضحة لتدخلات من جانب الدولة والحزب الوطنى فى تلك الانتخابات خاصة الانتخابات التى جرت على موقع نقيب الصحفيين حيث ظهر التأييد الحكومى واضحا للنقيب الحالى مكرم محمد أحمد، من خلال الإعلان عن عطايا مالية لأعضاء النقابة، وهجوم رؤساء تحرير الصحف الحكومية على ترشح المرشح المنافس ضياء رشوان خاصة فى ظل عدد الأصوات الذى أحرزه فى الجولة الأولى التى جرت فى السادس من ديسمبر.
أيضا يبرز اللقاء الذى حدث هذا الشهر بين نقيب المحامين والرئيس مبارك، والذى من الواضح أنه جاء على خلفية مخاوف من مطالب بعض النقابات العربية بالتداول على موقع رئيس اتحاد المحامين العرب، ويأتى ذلك فى ظل الانتقادات التى يواجهها خليفة، خاصة اتهام البعض له بالارتماء فى احضان الحزب الوطنى.
من جانب آخر استمرت الأزمة بين نقابتى الأطباء والعلاج الطبيعى حول وضع إخصائيى العلاج الطبيعى وعلاقتهم بالأطباء وظهرت محاولات للحل من جانب وزارة الصحة، بعد السعى من جانب نقابة العلاج الطبيعى للقاء وزير الصحة للنقاش حول الخلاف ومطالبتهم بالفصل التام بين أقسام العلاج الطبيعى والروماتيزم والتأهيل داخل المستشفيات وأحقية إخصائيى العلاج الطبيعى فى لقب "الدكتور" وانضمام العلاج الطبيعى إلى المهن الطبية. كما استمر الخلاف بين الصيادلة ووزارة الصحة حول الاشتراطات التى وضعتها الوزارة للصيدليات.
كما أشار التقرير إلى تناقض المواقف الرسمية من مبادئ حقوق الإنسان، والذى ظهر فى اتهام الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب الدول الكبرى باتفاقيات العمال، فى الوقت الذى يتجاهل الحديث عن الموقف المصرى الحكومى الذى يخالف اتفاقيات منظمة العمل الدولية التى تنادى بالحرية النقابية واستقلال الحركة النقابية.
تقرير حقوقى يحذر من "فوضى" داخل الأحزاب بسبب الانشغال بانتخابات الرئاسة.. وينتقد تأييد شبابها لـ"البرادعى" و"عمرو موسى" رغم تخطيهما الستين.. ويتهم ائتلاف الأربعة الكبار بالفشل
الأحد، 24 يناير 2010 10:40 ص
رفعت السعيد ومحمود أباظة وأسامة الغزالى حرب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة