أكرم القصاص - علا الشافعي

فاطمة حنفى تكتب:كيف نحافظ على هويتنا؟

الأحد، 05 يوليو 2009 04:06 م
فاطمة حنفى تكتب:كيف نحافظ على هويتنا؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعرف علماء اللغة مصطلح الهوية على أنه ما يكون به الشىء نفسه (هو هو) أى الشخص بشكله بلغته بكل مقوماته الشكلية والجوهرية [الجسدية اللغوية الدينية المجتمعية].

هوية كل أمة هى مقومات حياتها وتطورها وجذورها التى تنبثق منها كل الزروع، وتنمو فيها كل الأشجار وتحصد منها كل الثمار لتنبت من جديد ومن بذورها تعيد دورة النمو والتطور لكل الأجيال.

لا توجد أمة بدون هوية لا يوجد شعب بدون هوية لا يوجد مجتمع أو أى مجموعات أو كيانات بدون هوية، مثلا الأمة العربية والشعب العربى المتعدد والمجتمعات العربية الكثيرة بأعراقها الممتدة والمجموعات العربية بطوائفها الدينية المختلفة والكيانات العربية السياسية والفكرية والاقتصادية المتفرعة من الشكل الأساسى من تكوين الأمة، بدون الدخول فى أمور فلسفية معقدة، وفى بساطة تامة نستطيع أن نفهم ما يعنيه مصطلح الهوية، والأهم والأجدر ما يمثله هذا المعنى لكل كائن بشرى.

كل أمة لها مجموعة من الخصائص والمميزات الاجتماعية والسياسية والنفسية والمعيشية، نفهم من كل ذلك أن الهوية والشخصية متلازمتان، ولا يستطيع أحد التعامل مع شخص ما بدون هوية، فإذا جاءك شخص من هوية بعينها ولم تلمح هويته يعنى هذا بكل تأكيد أنه ألبسته هوية أخرى ونقول التبس لأنها لم تتشكل بشكل طبيعى.

من العوامل المهمة التى تضيع الهوية هى النشأة على تشكيلات أخرى أو التشدق بسلوكيات وعادات وتقاليد بيئات ومجتمعات أخرى قناعة منه أنها الأحسن، ومهما يبذل الفرد من جهود حثيثة فى إخفاء هويته الأصلية والتظاهر بالهوية المكتسبة ويصيبه النجاح فى ذلك التلبيس مرات ولكنه يفشل المرات والمرات، فلا يستطيع الفرد منا فى لحظات التصالح مع نفسه والانكشاف الداخلى أن يخدع نفسه، وأن يطالعها بغير الحقيقة. فكيف ندعم الجهود لترسيخ الهوية عند النشئ الجديد، وخصوصاً لمن ينشئون فى بيئات ومجتمعات بخواص ليست هى خواص مجتمعاتهم الأصلية.

اللغة ثم اللغة ثم اللغة، بنظرة سريعة للأجيال الجديدة وكيفية بوصلة هويتها، فلن نجد غير اللغة هى الناحية التى يتجه إليها المؤشر بلا منازع، فهل هناك شىء يفعله المربون أقوى من اللغة والتعليم باللغة وتجريح ثقافة ذاك المجتمع أو تلك الثقافة إلا من خلال اللغة من مفردات من تشكيلات اصطلاحية تنطق بكل المترادفات السلوكية التى تجعلك تفهم أن الرجل المتحضر هو ما تعبر عنه الصورة والمصطلح، وأن الأسرة الجيدة هى التى تفعل كذا وكذا، وأن الطفل الجيد هو ما يرتدى هذا الملبس وأن الطفلة الممتازة هى ما تحتفل بعيد ميلادها هكذا.

من خلال التعليم ومن خلال المؤسسات التعليمية التى يعبر عن وزارتها بوزارة التربية والتعليم، يجدر بنا أن نتأمل كثيراً هذا الدور العملاق للتربية والانتماء وتشكيل مقومات الشخصية والخطوط العريضة التى تستطيع كل أسرة أن تتحرك تحت لوائها بمقومات تكوينها الخاص، لأنه وبكل وضوح لا يعنى تشكيل المؤسسات التعليمية لمقومات الشخصية وبنسبة تتعدى السبعين بالمائة أنه لا يمكن للمرء الإفلات بثقافته الخاصة فى تربية أبنائه بدليل أن أبناء المدرسة الواحدة فى بلد ما ومجتمع محدد يكبر كل منهم بعقيدة وأفكار وسلوك ومظهر ومفردات لغة واهتمامات عائلته الخاصة.

الهوية ليست مقومات وعوامل مؤثرة داخلية ثابتة بل تتغير وتتحرك مع العوامل والمؤثرات الخارجية، ولذا يجب الأخذ فى الاعتبار التأثير الشديد للقوى الناعمة السياسية والثقافية والاقتصادية فى تعاطيها مع هويتنا كتأثير القوى السينمائية الهوليودية، وما تبثه من أفكار ومثل وقدوة كما ذكرنا فى المقال السابق.

إنه موضوع عالمى وهو واحد من أهم التحديات الأساسية فى إدارة الدولة متعددة الثقافات. كيف تنمو هوية كل أمة وتحافظ على اندماج كامل فى العالم الكبير المحيط سواء داخل الدولة الواحدة أو فى العالم الكبير الكونى الواحد، وفى نفس الوقت تصوغ شعورا بالهوية الأصلية، والتى تستوعب كل التنويعات المتفرعة المحيطة بها.

التركيز بالدرجة الأولى على الهوية القومية وتجسيد كل العادات والتقاليد الجيدة منها بالطبع من خلال أعمال جماعية تذكر الفرد دائما أبدا أنه من تلك الجماعة بكل طقوسها وشعائرها، والتى يتحكم فى درجة الالتزام بها الدين والعقيدة أولا ثم كل الأيديولجيات من قيم وأخلاق وضمير بمعنى أن كل مجتمع يحركه داخليا منظومة من القيم النابعة من التاريخ والسياسة والدين والعرف والعادات والتقاليد.

تحديد الهوية من خلال النماذج الجيدة التى يخلدها المجتمع فى ذاكرته التاريخية من قدوة لهذا العمل ولتلك الصورة المجسدة لمجموعة من السلوكيات المرتبطة بمجتمعاتنا وأخلاقنا وعاداتنا.

لابد للذاكرة العامة للأمة من انعاش لكل نماذجها العطاءة، والتى انطلقت من مقومات الهوية لقيمة الأخلاق وحب هذا الوطن والانتماء لها "كحائزى جوائز نوبل" وتسليط الضوء على مقومات شخصياتهم والاهتمام بالعلم كقيمة وحب الوطن وتقدير الوطن لهؤلاء النوابغ.

يقول علماء الاجتماع والفلسفة، إن الدين يلعب الدور الأقوى بلا منازع فى ازدهار هوية المرء منا ويأخذه إلى عالم رحب من السعة العددية والنوعية التى تضفى على النفس الانتماء لكل الكون والإنسانية من كونه إنساناً حتى لا يقع فى صراعات الهوية.

فاللغة والدين ومنظومة القيم المجتمعية "العرف" هى العوامل المؤثرة لتشكيل الهوية والانتماء "الهوية الانتماءات المتعددة التنازع بين الهويات" هذا هو الهاجس الذى يؤرق مضاجع العالم أجمع فى عصر العولمة والكونية وضياع الهوية.

كيف نعمل على ازدهار هويتنا ووقف الصراع مع الهويات الأخرى؟
سؤال كبير ومهم وله إجابة أيضا مهمة فى المقال القادم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة