◄الأصوات التى اتهمت زويل بالعمالة لإسرائيل ستعود لاتهامه بالعمالة لأمريكا إذا عادت نغمة ترشيحه لرئاسة الجمهورية وبكل تأكيد ستعايره بأنه فضل واشنطن على القاهرة
◄مهام زويل فى المجلس الأعلى للتكنولوجيا فى مصر تشبه تقريبا نفس مهام وأهداف زويل كمستشار علمى فى البيت الأبيض
بالطبع أسعدك خبر اختيار الدكتور أحمد زويل مستشاراً علمياً للرئيس الأمريكى باراك أوباما، وإذا لم تكن سعادتك مصدرها فخرك بهذا العالم المصرى الذى يحقق النجاح تلو النجاح رافعاً علم مصر حتى ولو كانت مصر نفسها لم تظلله بعلمها ومؤسساتها، يبقى الأكيد أن سعادتك مصدرها أن لمصر الآن وجودا ثنائيا (أحمد زويل وداليا مجاهد) مؤثرا داخل البيت الأبيض على اعتبار أن مستشارى الرئيس فى أمريكا لهم نصيب داخل منظومة صنع القرار وليسوا كما هو الحال عندنا خيالات مآتة تنفرج أفواههم من الدهشة حينما يعلن الرئيس قرارا مصيريا يفاجئهم به مثلما يفاجئ رجل الشارع العادى، هذا إن كان للرئيس مستشارون أصلاً.
بالطبع اندهشت مثل آلاف العقلاء من موقف الإعلام المصرى الذى هلل حينما اختار أوباما أحمد زويل مستشاراً علمياً لخدمة الوطن الأمريكى، وكأن مصر لديها مليون زويل يرسمون مخطط النهضة العلمية ومستقبل مصر القادم، إذا أخذت أمريكا واحداً منهم بقى لدينا مئات الآلاف غيره، الغريب أن الدولة نفسها فرحت بما حدث مع زويل مثلما فرحت حينما فاز بجائزة نوبل رغم أنها لم تكن من معازيم الفرحين ولا من رعاتهما، ولم يفكر أحد مسئوليها ولو للحظة أن مصر خسرت عالما اعترفت الولايات المتحدة الدولة الأكبر فى العالم بقدرته على التخطيط ورسم رؤى المستقبل والمشاركة فى صناعة القرار، وقيادة المستقبل العلمى لدولة هى أصلا تسبقنا بمئات السنين الضوئية، لم يفكر أحدهم فى أن مصر الفقيرة علميا والتى يعانى البحث العلمى فيها من شلل رباعى فى حاجة إلى مجهودات أحمد زويل ومن على شاكلته، لم يفكر أحدهم فى أن الرئيس باراك أوباما الذى تخدمه أفضل المؤسسات البحثية العلمية فى العالم أعلن احتياجه لزويل كمستشار علمى بينما الرئيس مبارك اكتفى بمقابلة زويل فى المناسبات وحفلات التكريم التى يمنحه من خلالها ميداليات تذكارية ووعودا بأحلام ومشروعات اكتشف زويل واكتشفنا معه أنها كانت تذكارية مثل الميداليات بالضبط، وكان طبيعيا جدا ألا يفكر أحدهم فى ذلك الآن، لأنهم استمروا من سنة 1999 وحتى 2009 فى وضع العراقيل أمام زويل ومشاريعه وأحلامه وكأنهم يطردونه من بلد ليس بلده.
الآن أعلنوا عن فخرهم بوجود الدكتور زويل داخل البيت الأبيض، وبالطبع يفكرون كما تفكر أنت بما يمكن أن يقدمه الدكتور أحمد زويل لمصر بعد أن حصل على هذا المنصب الهام، ربما يفكرون هم فى ذكر أسمائهم بالخير لدى البارزين فى البيت الأبيض وتفكر أنت بما يمكن أن تسببه نصائح زويل فى بعض القرارات المتعلقة بالمنطقة، ربما يفكرون هم بالتفاخر أمام الدول العربية بأن لمصر تواجدا ثنائيا داخل البيت الأبيض كنوع من التأكيد على شعار الريادة الذى يعشق النظام المصرى رفعه فى كل مناسبة أو حتى بدون مناسبة، وتفكر أنت فى طريقة يمكن من خلالها أن يوجه زويل المستشار العلمى للرئيس الأمريكى أنظار أمريكا إلى مصر وعلمائها وأبحاثها، هل تتخيل أن الرئيس المصرى أو أحدا من رجاله قد فكر ولو قليلا فى طريقة للتنسيق مع زويل للاستفادة من منصبه الجديد؟ بالتأكيد لم يحدث هذا، حتى وإن حدث فلن يتم لأن الرئيس نفسه والرجال أنفسهم فشلوا فى التنسيق مع أحمد زويل حينما جلس يدق أبوابهم عارضا المساعدة وتقديم العون.
الخطير فى مسألة تعيين أحمد زويل مستشاراً إعلامياً للرئيس الأمريكى ليس فقط فى ضياع الرجل بخبراته وكفاءته من مصر ولا فى الطريقة التى تعامل بها النظام المصرى معه، لأن الدكتور زويل ضاع من مصر ثلاث مرات قبل ذلك، مرة حينما قرر الهجرة ومرة حينما جاء حاملاً نوبل وفى جيبه مشروع لأول جامعة علمية سرقته قطر ومرة حينما تجاهلته الدولة تماماً بعد علو موجة طرحه كبديل رئاسى يقود فترة انتقالية نحو مستقبل مشرق لمصر واتهمته أصوات إعلامية بالعمالة لإسرائيل، والآن نخسره مرة أخرى وربما تكون للأبد بعد اختياره كأحد مستشارى الرئيس الأمريكى، غير أن هذه الخسارة تحيط بها العديد من علامات الاستفهام التى قد يأتى ما بعدها من إجابات أو تكهنات خطيراً ومثيراً للجدل، أولها يتعلق بحقيقة الموقف الحالى للدكتور زويل نفسه، الذى أصبح فى وضع يحسد عليه بعد اختياره مستشارا علميا لأوباما وهو فى نفس الوقت وطبقا لقرار جمهورى أصدره الرئيس مبارك ونشرته الصحف اليومية جميعها فى 1 فبراير 2008 عضواً فى المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا الذى أعلن الرئيس تشكيله النهائى بضم 8 وزراء على رأسهم وزراء الدفاع والإنتاج الحربى والزراعة والصحة والصناعة والاتصالات ووزير التعليم العالى والبحث العلمى بالإضافة إلى خمسة علماء هم الدكتور أحمد زويل والدكتور فاروق الباز، والدكتور مجدى يعقوب، والدكتور على الصعيدى، والدكتور عادل البلتاجى على أن يجدد المجلس تشكيله كل 3 سنوات ويختص بتحديد التوجهات الاستراتيجية للدولة فى المجالات المرتبطة بالبحث العلمى والتكنولوجيا والتخطيط الاستراتيجى لاستخدام البحث العلمى فى التنمية ووضع الرؤى المستقبلية والمهام المنوطة بها وأولوياتها على المستوى الوطنى، واعتماد الخطة الوطنية للبحث العلمى فى الدولة.
الرئيس أصدر قرارا بإنشاء المجلس واعتبره أعلى هيئة علمية استشارية تابعة له طبقا لنصوص تصريحاته وقتها، وبدأت اجتماعاته وحضرها الدكتور زويل الذى يعتبر عضوا فى المجلس حتى 2011 فهل يستمر زويل فى عمله ضمن هذا المجلس الذى تتشابه مهامه فى أهدافها ونتائجها من الأشياء المطلوبة من الدكتور زويل كمستشار علمى للرئيس الأمريكى؟ أم أنه سيكون مطالبا بالاختيار بين الوظيفتين؟ وهل سيفعل زويل مثلما فعلت داليا مجاهد مستشارة الرئيس الأمريكى للشئون الإسلامية والمصرية الأصل التى قطعت الطريق على الجميع وصرحت أن ولاءها الأول لأمريكا؟ وإن فعل زويل مثلها هل سترحمه صحف الحكومة أم ستتخذ من تصريحه فرصة للهجوم عليه ردا على مواقفه التى جعلت الدولة فى موقف الرافض للعلم والعلماء؟ وهل سيوافق الأمريكان على تصريح زويل للصحف المصرية تعليقا على قرار اختياره ضمن هيئة المستشارين للرئيس الأمريكى بأنه على أتم استعداد لوضع كل هذه الخبرات تحت تصرف وطنه الأم مصر؟، وهل تتحرك الدولة المصرية وتتخذ قرارا بفصل زويل من المجلس الأعلى للتكنولوجيا أم تبقى عليه فى منصبه على اعتبار أننا اعتدنا أن نرى مسئولين كبارا فى الدولة يعملون كمستشارين لمؤسسات ودول أخرى دون أى اعتبار لتعارض المصالح أو الخوف من تسريب معلومة هنا أو معلومة هناك؟ خاصة أن اسم زويل كان قد تردد بقوة مع بداية الحديث عن المشروع النووى لمصر كمشرف عام على المشروع بل ونشرت صحيفة البديل فى يوم الجمعة 14 ديسمبر2007 تقريراً بصفحتها الأولى جاء فيه أن الرئيس مبارك كلف زويل بالإشراف على البرنامج النووى عبر خطاب طلب من الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة توجيهه بشكل رسمى باسم الرئاسة إلى الدكتور أحمد زويل للحضور إلى القاهرة ومقابلة الرئيس بهذا الشأن.
وبعيدا عن صحة الخبر من عدمه يبقى أن زويل كان قريبا من كونه أحد المشرفين على أهم وأخطر المشروعات المصرية ومن بعدها أصبح عضواً بأعلى هيئة علمية تخطط لما سيكون أو لا يكون فى مصر وهو ما يجعل تواجد الرجل فى المكانين شيئا شديد الصعوبة يعرضه هو شخصيا لكثير من المخاطر على رأسها الاتهام بالعمالة والتخوين التى ستظهر قريبا مع أى عودة للحديث عن طرح اسم الدكتور زويل كمرشح رئاسى أو لأى منصب هام لتؤكد على عمالة أحمد زويل لأمريكا وخيانته لمصر التى تركها وترك مجلسها الأعلى للتكنولوجيا ليعمل مستشارا لأوباما، مثلما فعلها محمود السعدنى مدير مدينة مبارك للأبحاث العلمية والعضو البارز بالحزب الوطنى واتهم من قبل أحمد زويل بالعمالة لإسرائيل. أعلم تماماً أن مصر هى المستفيدة من وجود زويل فى البيت الأبيض ولن يحدث أبدا أن يكون البيت الأبيض هو المستفيد من وجود زويل كعضو فى المجلس الأعلى للتكنولوجيا ولكن ليس طبيعياً أن يتواجد رجل واحد فى مخزن أسرار دولتين فى نفس الوقت، لأنه وقتها سيصبح مستشاراً مزدوجاً لرئيسين، يعمل تحت لواء علمين مختلفين ووقتها سيبقى سؤال واحد مطروحا.. لأى راية ينتمى الدكتور زويل ولأى عاصمة يتجه ولاؤه؟ وحتى إن نجح زويل فى حل تلك المعادلة، فهل يتركه الآخرون فى حاله؟.
فى فبراير 2008 أصبح عضواً بالمجلس الأعلى للتكنولوجيا أعلى هيئة علمية استشارية للرئيس المصرى وفى مايو 2009 تم تعيينه مستشاراً علميا للرئيس الأمريكى
هل يعمل الدكتور أحمد زويل مستشاراً مزدوجاً لمبارك وأوباما؟
الخميس، 14 مايو 2009 09:50 م
أحمد زويل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة