نشرت الخارجية الإسرائيلية تقريراً حول مرور 30 عاماً على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، احتفلت إسرائيل ظاهرياً بالمعاهدة، بينما لم تحتفل مصر بها، لوجود توتر فى العلاقات، بعد تولى زعيم "إسرائيل بيتنا" المتطرف أفجيدور ليبرمان لوزارة الخارجية، ويشير التقرير إلى نجاح إسرائيل اقتصادياً فى التطبيع مع مصر، بينما لم تنجح شعبياً، فإلى نص التقرير:
قبل 30 سنة، يوم 26 مارس 1979، تم فى البيت الأبيض بواشنطن التوقيع على معاهدة سلام تاريخية بين إسرائيل ومصر، وقد صافح الرئيس المصرى أنور السادات رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن، وبرعاية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر بدأت حقبة جديدة فى الشرق الأوسط. ويعتبر هذا الاتفاق حتى يومنا هذا نقطة مفصلية تغير عندها الواقع الجيو ـ سياسى فى الشرق الأوسط بأسره، إذ فُتحت الطريق للسلام بين إسرائيل والعالم العربى، وتمت بلورة أجندة جديدة للعلاقات السياسية فى المنطقة.
شجاعة السادات وبيجن
أشار التقرير إلى أن توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر تم بفضل الخطوة الشجاعة التى خطاها كل من الرئيس أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن الذى اختار مد يده للسلام، الذى استجاب لليد الممدوة، تاركاً وراءه سنوات طويلة من الحرب, ووصل إلى إسرائيل يوم 19/11/1977 فى زيارة ألقى خلالها خطاباً فى الكنيست.
إن استقبال السادات بترحاب وبتصفيق من الحكومة والشعب فى إسرائيل، أوصلنا إلى ما نحن عليه حاليا، فالعلاقات الإسرائيلية ـ المصرية تعرف سنوات السلام أكثر مما تعرف سنوات الصراع والمواجهة، وتتمتع البلدان بالمقدرة على الحوار والتعاون فيما بينهما.
فى الواقع الحالى وفى ضوء رؤيا الزعيمين الإسرائيلى والمصرى، تقيم مصر وإسرائيل التعاون الثنائى من خلال مجموعة من اللقاءات واللجان المشتركة فى المجالات المختلفة، من بينها "اللجنة العسكرية المشتركة" التى تجتمع بشكل دورى مرتين فى السنة، إضافة إلى الحوار المتواصل القائم بين الجيشين الإسرائيلى والمصرى للبت والتنسيق فى الأمور العسكرية ـ الأمنية، كما وتعمل لجنة اقتصادية مشتركة لإسرائيل ومصر.
إن التعاون الزراعى بين إسرائيل ومصر يعتبر أحد أوجه التعاون الأكثر نجاحاً. فى هذا الإطار تجتمع مرتين فى السنة "لجنة زراعية" مشتركة تقف منذ تأسيسها سنة 1981 وراء قيام مئات المشاريع الزراعية التى هدفت إلى تحسين المقدرات والخبرات الزراعية بشكل متواصل بين الدولتين، لقد أثمر هذا التعاون حتى الآن عن إقامة عشرات المزارع المشتركة فى مصر، وبعقد عشرات الدورات المشتركة للتأهيل المهنى ووصول الآلاف من المصريين العاملين فى مجال الزراعة إلى إسرائيل للمشاركة فى دورات استكمال زراعية. وعلى سبيل المثال شارك عام 2007 حوالى 200 مزارع مصرى فى دورات تأهيلية فى إسرائيل فى مواضيع مختلفة.
اتفاقية الكويز
أفاد التقرير بأن اتفاقية الكويز (المناطق الصناعية المؤهلة) مهمة ومركزية فى العلاقات الإسرائيلية المصرية. وبموجب الاتفاقية، الموقعة سنة 2004، يسمح للشركات المصرية التى تستخدم مدخلات إسرائيلية بتصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة مع إعفاء الجمارك، ويشكل التعاون المتقدم فى هذا الإطار نموذجاً ناجحاً وجديراً بالتقليد فى إطار العلاقات بين البلدين، لتجسيد أهمية هذه الاتفاقية فقد بلغ حجم التبادل التجارى بين إسرائيل ومصر سنة 2008 حوالى 271 مليون دولار مقارنة بـ 59 مليون دولار فقط فى السنة التى سبقت توقيع الاتفاقية عام 2004، أى بزيادة بمقدار 4.5 أضعاف.
إن "اتفاقية الغاز" تشكل جانباً مهماً ومركزياً آخر فى العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل ومصر، وقد تم فى إطار هذه الاتفاقية التوقيع على صفقة ضخمة سنة 2005 بين شركة غاز شرق المتوسط المصرية EMG وشركة الكهرباء الإسرائيلية، وتنظم هذه الاتفاقية شراء الغاز المصرى من قبل شركة الكهرباء الإسرائيلية بقيمة 2.5 مليار دولار لمدة 25 سنة.
هناك مجالات أخرى من التعاون بين البلدين، ولو كان هذا التعاون محدوداً بعض الشىء مثل السياحة والمواصلات والاتصالات والصحة، إلى جانب مجالات أخرى.
إن معاهدة السلام تثبت إسهامها الكبير فى مجال العلاقات الثنائية بين الدولتين وكذلك على المستوى الإقليمى، بالرغم من الصعوبات غير البسيطة، فقد ظهر السلام بين إسرائيل ومصر كإنجاز مستقر وصلب برهن على الرغبة بالسلام عند الشعبين ومدى قيمته الاستراتيجية بالنسبة للدولتين.
طبيعة العلاقات
إن العلاقات المصرية الإسرائيلية تعتبر حالياً معطى مركزياً فى أى تطور سياسى إقليمى، وتعتبر عاملاً مسانداً ومساعداً لمواصلة عملية السلام بشكل عام، وعلى المسار الفلسطينى بشكل خاص، فى إطار العلاقات السياسية بين إسرائيل ومصر يُقام حوار ثنائى متواصل فى المواضيع المختلفة، بما فيها القضايا الحساسة والإشكالية، كما أن وتيرة اللقاءات بين زعماء الدولتين عالية حيث تتمحور الاجتماعات على مسألتى العلاقات الثنائية والسبل الكفيلة بدفع عملية السلام.
وعلى الرغم من وجود أرضية صلبة للعلاقات بين مصر وإسرائيل، لا تزال هناك أهداف كثيرة يجب تحقيقها، وعلى رأسها التقارب بين الشعبين والتعارف المتبادل وتأسيس حوار حضارى أوسع وتسامح وتطوير ثقافة السلام.
الخارجية الإسرائيلية: معاهدة السلام مع مصر فشلت شعبياً ونجحت اقتصادياً وعربياً
الثلاثاء، 24 مارس 2009 12:42 م
الخارجية الإسرائيلية تعترف بفشل التطبيع مع مصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة