رفضت الحكومة السودانية المبادرة المصرية لعقد مؤتمر دولى حول دارفور، مما زاد من تعقيدات الوضع فى السودان، مع توقعات بتصعيد متبادل بين الجانب السودانى والمجتمع الدولى.
الدكتور زكى البحيرى الخبير فى الشئون السودانية، قال إن أى شىء حول السودان، وخاصة دارفور، لابد أن يكون بالتنسيق بين القاهرة والخرطوم، لأن هذه المسألة شأن داخلى يخص السودان، وعندما نتحدث عن مؤتمر دولى بخصوص دارفور، فإننا بالتالى نساعدهم على توسيع القضية وإعطائها بعداً إقليمياً ودولياً، وهذا ما تسعى إليه بعض القوى الدولية لتحقيقه، وبالتالى فلابد من التنسيق الدولى والدبلوماسى بين كل من الاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية والسودان، فى كل ما يخص القضايا التى تتعلق بالشئون الداخلية لكل بلد عربى أو أفريقى.
وأشار البحيرى إلى أن الحفاظ على وحدة السودان هو فى الحقيقة حفاظ على كيان مصر ذاتها وعلى بعدها الاستراتيجى، خاصة وأن مؤسسات ومشروعات التكامل بين مصر والسودان تسير سيراً سريعاً نحو تحقيق أهداف اقتصادية مشتركة ونافعة للبلدين، ولذلك يأتى الاهتمام المصرى بالسودان، وبالتالى بمشكلة دارفور، على هذا المستوى الكبير من الأهمية.
وأشار البحيرى إلى تحرك مصر فور إصدار مجلس الأمن القرار رقم 1556 فى يوليو 2004 الذى أعطى فيه الحكومة السودانية مهلة شهر واحد لتحسين الأوضاع فى دارفور ونزع أسلحة ميليشيا الجنجويد هناك، وإلا سيتم اتخاذ تدابير عقابية ضدها، وهو ما يتوقف عنده البحيرى مؤكداً أن مصر بذلت جهداً كبيراً فى أروقة الأمم المتحدة لمنع فرض عقوبات على السودان، وطالبت بمنحه الوقت الكافى لإنهاء الأزمة لأن مهلة شهر غير كافية لتنفيذ ذلك.
وأوضح البحيرى أن الإدارة المصرية سعت سعياً فعلياً فى السنوات الأخيرة لاستعادة وجودها على الساحة السودانية، وتحولت القاهرة إلى مركز هام ضمن مراكز اتخاذ القرار وتحديد المواقف الخاصة بالقضايا السودانية ودارفور.
وما زالت الدعوة متجددة لزيادة الدور المصرى فى السودان، ولتعميق العلاقات وتفعيل آليات مشروعات التكامل بين البلدين، لاسيما فى مجال الأمن الغذائى اللازم لهما ولكثير من الدول العربية والأفريقية، وبالفعل بدأت الكثير من الشركات المصرية وشركات مشتركة فى مجال الاستثمار الزراعى خلال السنوات السابقة فى العمل داخل السودان وإقليم دارفور.
السودان ونموذج الصومال
أكرم حسام الباحث بمركز دراسات الشرق الأوسط، أكد أن تقديم البشير إلى المحكمة وإصدار القرار بشأنه سيؤثر على السودان بشكل قد يصل إلى الفوضى فى الأوضاع أو الحرب الأهلية، ولن يكون ذلك فى صالح الحركات المتناحرة فى دارفور، والتى تصل إلى 52 حركة، فضلاً عن الحركات الإليكترونية على أرض الواقع، ولكنها سوف تستخدم كوسيلة ضغط على الحكومة السودانية لتحقيق مكاسب، فضلاً على أن الحركات ليس فى مقدورها الإدارة أو التنظيم أو حتى توحيد الأهداف، مما سيزيد من أحداث العنف فى الفترة القادمة، مشيراً إلى أن تلك النتائج ستشكل تهديداً جديداً للأمن القومى المصرى. ولذلك تعمل مصر جاهدة على إنهاء الصراع فى دارفور وحل الأزمات بين الفصائل المتصارعة معللاً رفض الحكومة السودانية الدعوة المصرية لعقد مؤتمر دولى حول السودان بالتخبط السياسى.
الدكتور حسن وجيه أستاذ التفاوض الدولى بجامعة الأزهر، يرى أن من حق السودان أن يتمسك بالسيادة الوطنية على أراضيه ورفض كل محاولة للنيل منها، شريطة ألا يتعارض ذلك مع وجوب الاعتراف بوجود جرائم فى دارفور والتحقيق فيها بفعل القضاء الوطنى السودانى وعدم تأخيرها إلى الآن حتى تأزمت الأمور، وأصبح المجتمع الدولى موجهاً ضد حكومة البشير، وهذا حال العالم العربى يظل يخفى الحقائق حتى تأتيه أشياء لم يكن يتوقع حدوثها أبداً، إلا بعد حين. موضحا أن مصر لا يمكن أبداً أن تتخلى عن السودان حتى فى أوقات الأزمات بين البلدين، فالعلاقة بين البلدين علاقة شعوب ووشائج دم قبل أن تكون علاقة بين الحكومات.
الاتجاه المعاكس
ومن ناحية أخرى انتقد د.حمدى حسن المتحدث الإعلامى باسم كتلة الإخوان المسلمين، فى مجلس الشعب، إقدام الحكومة المصرية على دعوة مجلس الأمن لعقد مؤتمر بشأن السودان ومذكرة اعتقال البشير لإنهاء الأزمة دون التنسيق مع الجانب السودانى. مؤكداً على أن رفض السودان لهذه الدعوة لا يدل إلا على فشل السياسة الخارجية المصرية، لأن من أبجديات وبديهيات السياسة التنسيق مع الدولة الحليفة قبل الإقدام على خطوة هى مشاركة فيها أو تتعلق بها، واصفاً ذلك التصرف من الخارجية المصرية بأنه وضع مصر فى حرج شديد، وشدد حسن على حق السودان رفضَ هذا الاجتماع لوجود رؤية لديه فى إدارة هذا الموقف واحترام رأيه فى عدم تدويل القضية، وإن كانت مدولة بالفعل.
يذكر أن أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصرى كان قد وجه الدعوة إلى مجلس الأمن وإلى الدول دائمة العضوية فيه لعقد اجتماع لمناقشة الوضع فى السودان، وتحديداً المذكرة التى صدرت باعتقال البشير، إلا أن السودان رفض هذه الدعوة، معتبراً أن هذا من الشئون الداخلية لها وأنها لا تريد تدويل قضية دارفور.
مسئولون مصريون فى زيارات للحدود معها ..
لماذا رفضت السودان اقتراح مصر بعقد مؤتمر دولى حول دارفور؟
الثلاثاء، 10 مارس 2009 01:54 م
الإدارة السودانية رفضت الاقتراح المصرى بعقد مؤتمر دولى حول دارفور
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة