فى أعقاب إعلان الرئيس الأمريكى باراك أوباما الانسحاب من العراق فى أغسطس 2010، حذر الكاتب الأمريكى المعروف جيم هوجلاند فى عموده الذى نشرته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، من أن الاستراتيجية التى ينتهجها باراك أوباما الرئيس الأمريكى الجديد ستؤدى إلى جعل دول مثل مصر والسعودية وإسرائيل إلى زيادة إمكاناتها وطموحاتها العسكرية بدرجة كبيرة جداً قد تصل إلى حد التفكير فى تطوير وامتلاك أسلحة نووية.
وقال الكاتب فى مقاله الذى نشر بعنوان "الطريق المحفوف بالمخاطر.. علامات تحذيرية لأوباما فى الشرق الأوسط" إن استراتيجية أوباما هى سحب الولايات المتحدة من الحرب الخطأ فى العراق لينتصروا فى الحرب الصحيحة فى أفغانستان كما وعد إبان حملته الانتخابية، ولكنه ذكر أنه مثلما توجد أشياء صحيحة تثير الإعجاب فى استراتيجيته، إلا أنها مليئة بالمخاطر والثغرات فى الوقت نفسه.
وأوضح أن أوباما جعل البيت الأبيض هو مصدر الاستراتيجية الخارجية للولايات المتحدة بعد أن كان مجرد منفذ لمجموعة من السياسات الموضوعة فعلياً، وأنه بدأ فى نقل اهتمام الولايات المتحدة من الشرق الأوسط إلى منطقة أوسع كثيراً تمتد من البحر المتوسط إلى المحيط الهندى (منطقة وسط آسيا)، مشيراً إلى أن استراتيجية أوباما أكبر وأكثر تعقيداً مما أعلنه من سحب القوات فى العراق وإضافة 17,000 جندى فى أفغانستان، وأن ذلك القرار هو مثل "قناع" يغطى استراتيجية أوباما فى سحب وجود ونفوذ الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط بدرجة كبيرة ونقلها لتلك المنطقة الشاسعة فى آسيا.
ولكن هوجلاند حذر من أن انسحاب الدور الأمريكى من المنطقة لا يمكن قياسه بأنه سيؤدى لخفض النفقات المالية والإصابات البشرية للولايات المتحدة فقط، لأنه من ناحية أخرى سيؤدى بدول مثل مصر والسعودية وإسرائيل، بالإضافة إلى حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة مثل أوروبا واليابان، إلى زيادة طموحاتها وإمكاناتها العسكرية، وأضاف قائلاً إن هذه الزيادة قد يفهم أنها مفيدة للولايات المتحدة، ولكن المشكلة بالنسبة للولايات المتحدة أن تلك الزيادة لن تكون مركزة على مكافحة التنظيمات الإرهابية التى تستهدف الولايات المتحدة، ولكن ستركز على إيران ومشروعها النووى المحتمل، وردع محاولات الدول الأخرى المحتمل للتدخل فى المنطقة، مؤكداً أن الإجراء الفورى الذى سيحدث عقب انسحاب الولايات المتحدة من العراق هو احتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية إلى إيران قبل نهاية عام 2010.
وأشار إلى أن سحب الدور الأمريكى من المنطقة سيؤدى أيضاً إلى خطر انتشار الأسلحة النووية فى جميع أنحاء العالم العربى، خاصة فى حالة سحب الولايات المتحدة الدرع الأمريكى الموجود فى المنطقة منذ 1991 كجزء من المفاوضات الأمريكية المتوقعة مع إيران فى الفترة القادمة، وأضاف أن التقارب الأمريكى الإيرانى تنظر إليه الدول العربية وإسرائيل على حد سواء كجزء من إستراتيجية الخروج الأمريكى من صراعات المنطقة المتعددة.
واستعان الكاتب بما قاله عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية فى واشنطن الأسبوع الماضى، إن أمن المنطقة ليس خاصاً بإيران فقط، ولكن المنطقة كلها يجب إخلائها من الأسلحة النووية حتى تستطيع التعامل مع قضية الأسلحة النووية الموجودة فعلياً عند إسرائيل والمشروع النووى الإيرانى القادم، لأنه فى حالة عدم حدوث ذلك، ستلجأ كل دول المنطقة إلى اتخاذ نفس الطريق نحو امتلاك الأسلحة النووية.
وقال هوجلاند، إن كلمات موسى عكست ما لاحظه فى ندوة أجريت أخيراً فى القاهرة حول الانتشار النووى والتى كانت برعاية (المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية) الذى يوجد مقره الأساسى فى لندن، من أن الوفود العربية وخاصة المصرية –والتى تسعى منذ فترة طويلة إلى تطوير برنامج للطاقة النووية- أوضحت أنها لا توافق على الضمانات شديدة التعقيد التى جاءت فى الاتفاق الأمريكى – الإماراتى الأخير للطاقة النووية، وأنه بدا واضحاً أن العرب أرادوا إبقاء كل الخيارات مفتوحة أمامهم، حتى امتلاك القنبلة النووية، فى حالة تجاوز إيران خطها الأحمر فى برنامجها النووى.
أكد هوجلاند أنه من الضرورى على إدارة أوباما اتخاذ ثلاث خطوات، أولاً أن تدعم اتفاقيتها مع الإمارات بشدة للتصديق عليها داخل الكونجرس حتى تصبح نموذجاً للدول الأخرى حول كيفية التعاون النووى، بالإضافة إلى إعطاء أولوية قصوى لإجراءات منع انتشار الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، ثانياً لابد أن تلتزم فى محادثاتها واتفاقاتها مع إيران بالشفافية التامة والعلنية أيضاً وألا تلجأ للمحادثات السرية مع عدم توسيع نطاق المساومات فى مفاوضاتها معهم، وأشار إلى اقتراح فرنسى غير رسمى بأن تكون هناك دفعة واحدة مباشرة من التفاوض مع إيران يتبعها تشديد العقوبات عليها فى حالة فشل تلك المحاولة، أما ثالث تلك الخطوات فهى أن على أوباما التفكير بشكل أكثر إيجابية عن التجربة الأمريكية فى العراق، مشيراً إلى أنه سأل عمرو موسى والذى وصفه بمناهض للإمبريالية (سياسة التوسع والاستعمار) حول وجود توافق وطنى فى العراق الآن عن فترة حكم صدام حسين، فكانت إجابته هى "نعم، وإن كان ذلك بعد تجربة مريرة استمرت 5 سنوات".
أكدتها الواشنطن بوست
انسحاب أمريكى من العراق يؤدى إلى سباق مسلح فى المنطقة
الأحد، 01 مارس 2009 11:37 ص
استيراتيجية أوباما ستزيد الطموحات العسكرية فى مصر وإسرائيل والسعودية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة