أجرت صحيفة واشنطن بوست مقابلة مع د. محمد البرادعى، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، وتحدث خلالها مع محرر الصحيفة جوبى واريك عن تقييمه لاحتمالات التوصل لاتفاق نووى مع إيران، كما تحدث لأول مرة عن قرار الوكالة الدولية الذى تم التوصل إليه فى 27 نوفمبر الماضى الخاص بفرض العقوبات على إيران، وكان ذلك نص الحوار..
واشنطن بوست: هل وصلت الدبلوماسية أخيراً مع إيران إلى طريق مسدود؟
البرادعى: القرار الذى توصلت إليه الوكالة كان بدافع الإحباط وفقدان الأمل، ولكن هذا لا يعنى نهاية معركة التوصل إلى حل دبلوماسى، فهؤلاء الذين يؤيدون قرار الوكالة هم أنفسهم الذين يتحدثون عن أهمية التواصل مع إيران، وكان رد فعل الجمهورية الإسلامية حيال هذا القرار أشبه بنوبة الغضب.
وأتمنى أن تهدأ هذه النوبة وأن يرى الإيرانيون ما فى مصلحتهم، وهو بالطبع المشاركة على أسس الاحترام وبوادر حسن النية، كما آمل أن ترى الولايات المتحدة وشركاؤها ضرورة التحلى بالصبر، وإدراك أنه لا سبيل آخر لديها سوى تجاوز هذا الضجيج الإيرانى والرجوع إلى المسار الصحيح وهو الانخراط والمشاركة الفعالة، ولا أرى فى الحقيقة أى خيار آخر.
مد الرئيس أوباما يده بغصن الزيتون لإيران، هل تعتقد أن التطورات الأخيرة توحى بأنه قائد ساذج؟
يجب أن ننظر إلى الوضع فى سياق 50 عاما من العداء وانعدام الثقة، ومن وجهة نظرى، نحن بدأنا التعامل مع إيران بشىء من الجدية فقط منذ استلام إدارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما لمقاليد الحكم، وتبنيه نهجاً جديداً يرتكز على "الاحترام المتبادل". أما بالنسبة لهؤلاء الذين يتهمون أوباما بالسذاجة، فلا أعتقد أن أيا منهم توصل إلى بدائل أفضل من تلك الخاصة بأوباما، كما فشلت السياسة المتبعة خلال الستة أعوام المنصرمة، وأرى أن هذه المشكلة كان يمكن أن تحل منذ أربعة أعوام إذا اتسمت السياسة الماضية بالبرجماتية واعتمدت على الواقعية وليس الإيديولوجية.
هل تعتقد أن الإدارة السابقة هى المسئولة عن سوء العلاقات مع إيران وكوريا الشمالية؟
لقد كان هناك نوع من سوء الإدارة من قبل جميع الأطراف، فأنا لا أعفى إيران وكوريا الشمالية بأى حال من الأحوال، ولكن الدبلوماسية ما هى إلا فن الممكن، لا يستطيع أن ينكر أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية عارضت فكرة الحوار مع إيران على مدار ثلاثة أعوام، على الأقل، حيث كانت هذه الاستراتيجية السائدة آنذاك "نحن لا نتحدث إلى دول محاور الشر".
أكدتم على موقفكم المعارض لفرض العقوبات باعتبار أنها وسيلة عقيمة لن يسفر عنها سوى تحقيق نتائج عكسية، ولكن ماذا عن الحل البديل؟
يتحدث الجميع عن العقوبات الذكية والعقوبات القاسية، ولكنى فى حقيقة الأمر لم أر هذه العقوبات الذكية، فى حين أن العقوبات القاسية تشل حركة الجميع، على رأسهم المدنيون الأبرياء، وتزيد من شعبية الحكومة، يمكن استخدام الضغط ولكن بحدود ومهارة، كما يمكن استخدام القنوات الخلفية، ولكن من الضرورى أن نضع فى الحسبان الطريقة التى تعامل بها الدولة، فهذا عامل نفسى هام للغاية.
هددت إسرائيل باحتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران ما لم تذعن الأخيرة للمطالب الدولية بحلول نهاية العام، ما تعليقكم على هذا؟
هذا بالتأكيد سيكون أسوأ ما قد يحدث، فلا يوجد ما يسمى بالحل العسكرى، فإذا وجهت ضربة عسكرية على دولة ما، فأنت بذلك تعطيها سبباً كافياً وتكسبها تعاطف الجميع داخل الدولة وخارجها للحصول على سلاح نووى، وحينها لن يستطيع أن يلومها أحد.
كما أوضح تقرير الوكالة الأخير أن إيران لا تزيد من سرعة إنتاج اليورانيوم المخصب، الأمر الذى يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار ودراسة أسبابه سواء كانت فنية أو سياسية، كما أنه يؤكد أن إيران لا تمثل تهديداً فى الوقت الراهن.
اعترفت إيران فى سبتمبر الماضى بوجود مفاعل سرى لتخصيب اليورانيوم فى مدينة قم، وهو ما يؤكد وجود الكثير من المشروعات النووية التى سيكشف عنها، هل يعتريكم أى شك حيال نوايا الجمهورية الإسلامية؟
بالتأكيد هناك الكثير من المخاوف حيال نوايا إيران المستقبلية، ولكن كما قلت مسبقاً لا يمكننى التنبؤ بالنوايا المستقبلية.. هناك ادعاءات تقول إن إيران أجرت عددا من الدراسات حول التسليح، ولكنها فى نهاية الأمر مجرد دراسات وليست صناعة سلاح نووى، كما أن جهاز المخابرات الإيرانى أكد أن هذه الدراسات البحثية انتهت فى عام 2003، ومع ذلك يبقى الوضع مقروناً بالمخاطر، لذا سيكون من الأفضل ألا نصاب بالذعر حتى نتمكن من التوصل إلى حل مناسب.
بعد مرور 12 عاما على رئاسة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هل أنت متفائل أم متشائم إزاء تجنب العالم لتبادل نووى أو هجوم إرهابى؟
من ناحية، أعتقد أننا نواجه المزيد من التهديدات نظراً لانتشار التكنولوجيا النووية والمواد النووية فضلاً عن ظهور التطرف، ومن ناحية أخرى، هناك تغير ملحوظ فى الطريقة التى تتعامل بها الولايات المتحدة مع دول العالم، خاصة منذ مجىء أوباما لكرسى الرئاسة وبات هناك اتجاه عالمى سائد للتخلص من الأسلحة النووية، نأمل أن تتبعه خطوات حاسمة.
هل يساوركم القلق إزاء مساهمة إيران فى نشوب صراع للتسليح النووى فى الشرق الأوسط؟
لا أعتقد أنه يجب ربط هذا الأمر بإيران تحديداً، فالمنطقة تعرف بفقر الحكم الرشيد، وانتشار الفقر المدقع وعدم المساواة، إذاً ليس من الغريب وجود بيئة يشوبها انعدام الأمن، وتزايد الإغراءات لتحقيق الهيمنة عن طريق الحصول على سلاح نووى.
لماذا فى اعتقادكم أخطأت الولايات المتحدة الأمريكية بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل؟
طلب منا أن نتأكد من صحة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل أو أسلحة نووية، ولكنها لم تكن مهمة سهلة، خاصة وأنه توجب علينا التعامل مع ديكتاتور مريع مثل صدام حسين، ومع ذلك أدينا عملنا بصورة حيادية وعادلة، ولكننا اكتشفنا بعد فوات الأوان، للأسف، أن قرار خوض الحرب لم يكن أساسه عملنا، وإنما ما يسمى بتغيير النظام، وقد أخذ قرار الحرب عام 2002، أى قبل عام من بدء التفتيش عن الأسلحة فى العراق.
سيدلى أوباما بخطاب قبول جائزة نوبل للسلام خلال هذا الأسبوع، كزميل حائز على نفس الجائزة، بماذا تنصحه؟
أرى أن أوباما رجل يغير العالم، فمنذ استلامه مقاليد القوى وهو يرسل رسالة كانت غائبة لسنوات طوال مفادها أننا عائلة إنسانية واحدة ويجب علينا التعايش معاً واحترام الأجناس والعقائد والديانات الأخرى. وأكاد أجزم أن رسالته ستحمل شعار "نستطيع أن نتغير"، وهذا كان شعار حملته الذى طبقه فى الولايات المتحدة الأمريكية وأعتقد أنه يستطيع تطبيقه فى العالم.
أكد أن توجيه ضربة إسرائيلية لإيران سيكون بلا جدوى
"واشنطن بوست" تحاور البرادعى حول إيران وتتجاهل مسألة الرئاسة
الأحد، 06 ديسمبر 2009 09:15 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة