للمرة الثانية تشهد إيران مظاهرات عارمة يقودها التيار الإصلاحى، فى مواجهة المحافظين الإيرانيين، ولكن هذه المرة اختلفت عن سابقتها فى حجم الضحايا، حيث قال التليفزيون الرسمى الإيرانى أن المواجهات ما بين المتظاهرين وقوات الشرطة أسفرت عن قتل 15 وأصابة المئات.
ورغم سيطرة الشرطة الإيرانية على هذه التظاهرات، إلا أنها طرحت تساؤلات مشروعة حول مستقبل الحكم فى إيران، خاصة بعد أن أنهى المتظاهرون القدسية المفروضة على المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامينئى، بعد أن رفعوا شعارات تقول "الموت للديكتاتور" والموت لخامينئى.
السفير أحمد الغمراوى رئيس جمعية الصداقة المصرية الإيرانية، أكد أن المظاهرات التى نشبت فى إيران أمس أكدت أن الشعب الإيرانى ما زال يشعر بعدم الرضا بالنسبة لفوز الرئيس الحالى أحمدى نجاد فى الانتخابات، حتى أن دور الإصلاحيين بدأ يبرز على الساحة السياسية بشكل غير مسبوق، وأصبحت المعارضة لأنها اعتمدت على الشباب، مضيفاً "أن الحكومة الإيرانية لابد أن تغير سياستها تجاه المعارضة، وإلا فإن إيران سوف تتعرض باستمرار لزيادة المصادمات بين الحكومة والمعارضة، خاصة أن المعارضة تقوم على أسس مختلفة عن سياسة الحكومة الحالية".
وأشار الغمراوى إلى أن المصادمات بين الحكومة والمعارضة أصبح يسيطر عليها الدماء حيث لقى الكثير من المتظاهرين مصرعهم فى مظاهرات عاشوراء أمس ومظاهرات الانتخابات الماضية، وهو ما ينذر بتصاعد فى المواقف خلال الفترة المقبلة، متوقعاً تعرض طهران لاتهامات دولية بعد قمعها للمعارضين، مثل تلك الانتقادات التى تعرضت لها إسرائيل فى حربها على غزة العام الماضى من قبل الأمم المتحدة.
وعن مستقبل المحافظين فى إيران، أكد الغمراوى أن المحافظين سيظلون مستمرين فى السلطة لأن سيطرتهم ما زالت محكمة على الجيش والحرس الثورى، وهو ما يؤكد استبعاد فكرة حدوث انقلاب إصلاحى فى إيران.
الدكتور محمد قدرى سعيد المستشار العسكرى لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قال إن ما يحدث فى إيران حاليا يمثل بداية النهاية للثورة الإيرانية التى قامت منذ عام 1979 على الأسس التى أرساها الفقيه آية الله الخمينئى، مؤكداً على أن "المظاهرات الأخيرة تشكل تحدى للنظام الدينى الذى يعتنقه الحكم فى إيران، الأمر الذى سيؤثر على علاقة إيران بباقى دول المنطقة".
ويفسر قدرى التحول المفاجئ للإصلاحيين من رفعهم للافتات ضد كل من الخمينى وأحمدى نجاد بأنه نتاج طبيعى للحضارة العريقة التى قامت عليها بلاد فارس وللدولة المدنية التى عاشوا فى رحابها، مشيراً إلى أن "ما فعله شاه إيران من قمع للحريات أدى به فى نهاية المطاف إلى الانقلاب عليه، وهو ما يحدث الآن فنظام ولاية الفقيه يكبل الحريات التى يعييها جموع الشعب الإيرانى، فهو ليس بشعب جاهل يستسلم لسيطرة بضعة فقهاء عليه، ولكنه شعب مدنى قبل بالثورة التى احترمت تكوين الدولة المدنية، وحتى أن أول رئيس لإيران جاءت به الثورة الإيرانية كان مدنيا".
وأضاف قدرى سعيد "ولكن غلطة الخمينئى تتمثل فى تحويله لنظام الحكم من مدنى لدينى حتى يستطيع أن يحكم قبضته على الشعب، وهو ما يفسر خروج إصلاحيين من سدة الحكم أمثال الرئيس السابق محمد خاتمى ومن الانتخابات الأخيرة، مما أدى إلى تزويرها"، مشيراً إلى إمكانية فرض عقوبات على إيران جراء تصديها للمعارضة، وقال "إن المصادمات التى تحدث فى إيران حاليا ستجعل الغرب يتمهل قليلا فى قراره بشأن البرنامج النووى الإيرانى، أملا فى تغيير نظام حكمها وربما يتم استبعاد الجانب العسكرى الذى سيكون سببا فى جمع شمل الإيرانيين".
على العكس تماماً يرى السفير مصطفى عبد العزيز مدير وحدة الدراسات الخليجية بجامعة الكويت، أن ما يحدث فى إيران حاليا دليلا على الحيوية السياسية فى المجتمع الإيرانى واستكمالا للخلاف الذى وصفه بالمستحكم منذ الانتخابات الرئاسية فى مايو الماضى، لافتاً إلى أنه لا يمكن القول بإمكانية وصول حدة هذه الخلافات بين الإصلاحيين ونظام الحكم إلى نهاية الثورة الإيرانية، وقال "نحن بصدد ثورة تقودها المعارضة، وذلك لأن المعارضة المتمثلة فى الإصلاحيين، خلقت من رحم نظام الحكم، وهى تريد فقط تعديل مسار نظام الحكم وليس الانقلاب عليه".
خبراء يؤكدون أن الصدام بين الإصلاحيين والمحافظين بداية النهاية لنظام الملالى فى إيران
الإثنين، 28 ديسمبر 2009 03:26 م
الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة