قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن لقاء الرئيسين المصرى والفرنسى يوم الاثنين فى باريس سوف يحدد مصير أول قمة أفريقية ـ فرنسية فى عهد الرئيس نيكولا ساركوزى، والمقرر انعقادها فى فبراير 2010 فى شرم الشيخ، لأن الإعداد لهذه القمة، كما ذهبت "لوموند" اليوم، يتحول إلى مصدر إزعاج دبلوماسى، حيث تواجه باريس معضلة تضع علاقاتها مع الرئيس حسنى مبارك تحت ضغط، وهى مسألة إصرار القاهرة على دعوة الرئيس السودانى عمر البشير إلى القمة، وهو ما يضع فرنسا فى مأزق بسبب مذكرة الإيقاف الصادرة ضد البشير من المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت الصحيفة إن فرنسا تواجه معضلة تتعلق بالإعداد لقمة أفريقيا- فرنسا، وهى رغبة مصر، الدولة المضيفة للقمة، فى مشاركة الرئيس السودانى عمر البشير فيها، والذى أصدرت ضده المحكمة الجنائية الدولية مذكرة إيقاف فى مارس الماضى بتهمة ارتكاب "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" فى دارفور، فقد أكدت يوم الأربعاء مصادر فى محيط الرئيس الفرنسى أنه "لا يوجد شك فى أن نيكولا ساركوزى لن يصافح رئيس دولة مطلوبا من قبل المحكمة الجنائية الدولية".
وأضافت هذه المصادر أن مأدبة الغداء التى سيحضرها الرئيس المصرى فى الإليزية يوم 14 ديسمبر سوف تقرر مصير هذه القمة، وأنه إذا ظلت مصر مصرة على توجيه دعوة إلى رئيس السودان، قد تضطر فرنسا وقتها إلى طلب عقد القمة فى بلد أفريقى آخر، مضيفة أن ثلاثين دولة أفريقية هم أطراف فى المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يعد بمثابة التزام قانونى لهم بإيقافه على أراضيهم، أما مصر التى سبق واستضافت الرئيس السودانى على أراضيها بعد صدور مذكرة المحكمة الدولية ضده، ليست من الدول الموقعة على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.
وقد كانت الدبلوماسية الفرنسية فى 2005 فى طلائع الدول التى ترغب فى تدخل المحكمة الجنائية الدولية من خلال مجلس الأمن، فى مسألة دارفور، حيث لقى 300 ألف شخصا مصرعهم، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
وتشير الصحيفة إلى أن باريس يبدو وأنها قد حاولت لفترة البحث عن صيغة يمكن أن تتلائم ومطلب مصر، لاسيما وأن العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا تمر بفترة يشوبها التعقيد، نظرا لظروف فشل الترشح المصرى لرئاسة اليونسكو والعجز السياسى فى الاتحاد من أجل المتوسط، بالإضافة إلى أن مصر لم تكن أبدا سعيدة بالدور الذى تسعى دولة قطر للعبه بشأن قضية دارفور، وهو الدور الذى أشادت به باريس فى كثير من الأحيان.
وقد صرح وزير الدولة الفرنسى للتعاون آلان جويونديه، يوم 5 نوفمبر الماضى، أمام الصحفيين أنه "لن يكون هناك بالضرورة فرض حظر تام على مشاركة" الرئيس السودانى، وأن باريس تفكر فى القيام بـ"معالجة خاصة" لهذه المسألة، تقوم على أساس تقسيم القمة فى مصر إلى جزأين، الأول على المستوى الوزارى، سيهيمن عليه من دون شك الجانب الاقتصادى ودون حضور رسمى لفرنسا، يعقبه اجتماع لرؤساء الدول، لن يتم دعوة الرئيس السودانى له.
ومن ناحية أخرى، ذكرت الصحيفة أن العديد من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، بما فى ذلك منظمة العفو الدولية، قد أعربت عن قلقها من احتمال مشاركة البشير فى القمة، ومن ثم فقد بعثت برسالة فى الأول من ديسمبر إلى قصر الإليزيه، تطلب فيه من فرنسا "الإشارة بوضوح" إلى
أن مشاركة البشير فى القمة أمر مستبعد "تحت أى شكل من الأشكال"، وقد أكد لويس مورينو أوكامبو، المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، يوم 4 ديسمبر فى نيويورك، فى تقرير عن دارفور قدمه لمجلس الأمن، على أهمية العزلة الدبلوماسية لعمر البشير، فى إطار محاربة الإفلات من العقاب.
وتؤكد الصحيفة الفرنسية أن الرئيس السودانى لم يتمكن بالفعل من الذهاب خلال الأشهر الأخيرة إلى العديد من القمم الدولية، فى تركيا وأوغندا ونيجيريا وجنوب أفريقيا. وفى مثل هذا السياق، "وفى الوقت الذى يتم فيه تهميش البشير على نحو متزايد على الساحة الدولية، يجب على فرنسا تعزيز هذا الموقف وليس العكس"، كما يقول جان مارى فاردو، مدير مكتب "هيومن رايتس ووتش" فى فرنسا.
ومن جانبه، وصف مصدر قريب من الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى قلق هذه المنظمات غير الحكومية بأنه "أمر لا أساس لها من الصحة"، مضيفا أنه "إذا تم دعوة عمر البشير، فإنه لا يمكن لنيكولا ساركوزى أن يحضر القمة.. وبدون وجود ساركوزى، لا وجود لقمة أفريقية فرنسية".
يذكر أن الخلاف المصرى الفرنسى على حضور البشير يعيد للأذهان الصعوبات التى أحاطت بتنظيم قمة بين الاتحاد الأوروبى وأفريقيا والتى كانت قد أرجأت لعدة سنوات، حيث كانت بريطانيا ترفض دعوة روبرت موجابى، رئيس زيمبابوى، إليها. وفى النهاية تم عقد القمة فى ديسمبر 2007 فى لشبونة فى حضور روبرت موجابى، ولكن من دون مشاركة بريطانيا.
وفى اتصال أجرته صحيفة "لوموند" بوزارة الخارجية الفرنسية أمس، الخميس، أشارت هذه الأخيرة إلى المبادىء الأساسية للموقف الفرنسى، والتى "تتفق مع قرارات المحكمة الجنائية الدولية"، ولكنها لم تطرق إلى الاشتراطات المحددة للقمة "والتى سيتم مناقشتها فى اللقاء المقبل" بين الرئيسين المصرى والفرنسى.
خلاف مصرى فرنسى على مشاركة البشير بقمة فرنسا - أفريقيا
الجمعة، 11 ديسمبر 2009 06:09 م
خلاف على مشاركة البشير بقمة فرنسا - أفريقيا
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة