لا يمكنك الحديث عن أوضاع حزب الوفد بمعزل عن أحزاب المعارضة الأخرى، لكن الخصوصية التى يتمتع بها هذا الحزب تفرض تساؤلات قد تجد إجاباتها بسهولة حين يتعلق الأمر بغيره من الأحزاب، بينما تحار فى تفسيرها فى حزب يمتلك ما يمتلكه الوفد من تاريخ يمتد إلى ما قبل الثورة، وخطاب ليبرالى معتدل لا يتحدى أعراف وتقاليد المصريين، وفوق هذا وذاك كوادر مشهود لها تاريخياً بالكفاءة والوطنية، وهو ما يجعل وضع الحزب فى سلة واحدة مع أحزاب المعارضة قديمها وحديثها مبعثا للحيرة حتى بالنسبة للخبراء والمحللين.
أبرز هؤلاء الدكتور وحيد عبدالمجيد، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، الذى اختار أن يتحدث عن الحزب بوصفه خبيراً بالشأن السياسى، فيرى أن الوفد الجديد لم يرث من الحزب الذى أسسه سعد زغلول سوى أعباء ثقيلة، وسلبيات ضخمة أجهضت تجربة إحيائه بعد فترة طويلة من الركود السياسى. ففؤاد سراج الدين كان آخر بقايا الحزب القديم، وهو الأيقونة التى دقت أول مسمار فى نعش الوفد الجديد، إذ حوله الأعضاء إلى أسطورة خارج مجال المساءلة والمحاسبة، فحظى بالحب والاحترام والتقديس، ولم تنطبق هذه الصفات بأى حال على خليفته فى رئاسة الحزب، ويضيف عبدالمجيد أن محاولات نعمان جمعة ليتبوأ مكانة سراج الدين دون مبرر واقعى أدت إلى تفجر الصراعات والانقسامات التى انشغل بها الوفديون دون سواها، وانحصر اهتمامهم بها على حساب الأهداف الحقيقية لحزب معارض، فيما بدت ثورة الإصلاح الداخلى التى سعى لها محمود أباظة لإنقاذ الحزب متأخرة عن موعدها عشر سنوات كاملة، إذ لم يعد الإصلاح ممكناً لا فى الوفد ولا فى غيره، لكن طالما لم تعلن الأحزاب وفاتها رسمياً فستواصل ممارسة بعض مظاهر الحياة كعقد التحالفات، والمشاركة فى الانتخابات البرلمانية، بل وإعلان مرشحين للرئاسة.
وعلى الجهة الأخرى أدت سنوات الإحباط الطويلة والمريرة بالعشرات من الكوادر الوفدية إلى العزوف عن «بهدلة» الانتخابات رغم ما لهم من نفوذ فى دوائرهم، بل امتنعوا حتى عن المساهمة فى بناء حزبهم، وبالتالى لم تعد لهم أى شهرة فى الشارع المصرى.
وما بين مسئولية الدولة، ومسئولية الحزب، يشير أيمن عبدالوهاب الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،إلى أن أحد أطواق النجاة التى يفتقدها حزب الوفد هو القدرة على توحيد المعارضة خلفه وحول مرشحه، وهو ما لن تقبله المعارضة من جهة، كما لن تسمح به الشعبية الغائبة عن حزب الوفد، وبالتالى فإن سياسة «التشبيك» بين أحزاب وجماعات المعارضة ليست إلا «مجرد إعلان عن الوجود» لن تجدى نفعاً فى مواجهة الحزب الوطنى الذى لن يمنح أحزاب المعارضة ما لا تمتلكه، خاصة مع عدم وجود أى مؤشرات لتغيرات جوهرية فى إدارة الدولة للانتخابات المقبلة. ويشير أيمن عبدالوهاب إلى أن صحيفة الحزب تمثل أحد الشواهد على ضعفه المؤسسى، إذ تحولت إلى لسان حال خلافاته وانقساماته الداخلية.
ولا تستبعد الدكتورة دينا شحاتة، خبيرة النظم السياسية، أن ينجح حزب الوفد فى الحصول على مكاسب محدودة فى الانتخابات المقبلة كجزء فى صفقة مع الحزب الوطنى، تؤكد أنها مطروحة بالفعل إلا أنها لم تحظ بتوافق عام بين قيادات الوطنى، فالوفد برأيها اعتاد على القبول بمكاسب صغيرة كان آخرها ما حصل عليه فى انتخابات المحليات الأخيرة، لكنه ليس فى حالة تسمح له بأن يطمح فيما هو أكبر من ذلك لأن تجربة خوضه الانتخابات البرلمانية فى الثمانينيات علمته درساً قاسياً أكده ما حدث لأيمن نور، والقيادة الحالية لحزب الوفد تدرك أن هناك إطارا محددا لا ينبغى الخروج عليه، وهو ما ترى دينا شحاتة أنه لن يتغير على المدى القصير. وبعبارة واحدة يلخص الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير البرلمانى، القضية فى أنه «مادام الوضع الحالى قائما فلا جدوى إطلاقاً فى كل ما يفعله حزب الوفد أو غيره».
موضوعات متعلقة..
◄ ممكن الكبار يتكلموا شوية فى البلد دى.. لوسمحتم!
◄ د. عمرو الشوبكى يكتب: هل سيفعلها حزب الوفد ويقود حركة الإصلاح فى مصر؟
◄ الوفد مشروع حزب منافس
◄ المصالحة مع المرحلة الناصرية أولى خطوات الوفد ليكون جامعة وطنية كما كان قبل الثورة!
◄ لماذا لا تجتمع المعارضة والقوى السياسية تحت راية الوفد؟
◄ 20 عائلة مسلمة وقبطية يمكنها دعم الحزب لمنافسة شعبية «الوطنى» و«الإخوان»!
◄ 18 شخصية وفدية مؤهلة لمهام قيادية بالدولة
◄ محمود أباظة: الوفد هو البديل الوحيد لـ«الوطنى»
◄ الوفد.. الخروج من عنق الزجاجة
◄ 10 توصيات لـ «الوفد» ليصبح الحزب البديل
وزراء ومحافظون وبرلمانيون من الوفد
تفسير قيادات الوفد للابتعاد عن السلطة
◄ 10 توصيات للوطنى لكى تكون هناك أحزاب وليس« ديكور»
◄ الوفد.. الحزب البديل فى مصر
مشكلة الحزب أن قياداته لا تتمتع بالشهرة الكافية فى الشارع وبرنامجه الليبرالى لا يكفى بمفرده لإعادته إلى القمة
خبراء: الوفد عاش فترات إحباط طويلة.. ومحاولات «أباظة» لإنقاذ الحزب بدأت متأخرة
الأربعاء، 25 نوفمبر 2009 03:07 م
أباظة وقيادات الوفد فى أحد مؤتمرات الحزب السابقة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة