الفنان أحمد ماهر
بقلم محمد بركة
وكأن الأرض ضاقت على هذا الفنان المخضرم بما رحبت، وكأن أرض الكنانة لا تحتمل هذا النزق الفنى الجميل.. وكأن قدر المصريين أن يظلوا محرومين من إبداع راق ورؤية فنية جديدة لتاريخ الإسلام، لأن "المشايخ مع كل الاحترام والتقدير عايزين كده"، وأن يظل تقديم أعمال فنية تتسم بالنضج والمسئولية أسيراً لرؤية فقهية، واختلف معها الكثيرون من الأئمة وتحفظ عليها العديد من علماء الدين.
عن مسلسل "بدر الكبرى" أتحدث، ففى هذا المسلسل يقوم الفنان أحمد ماهر بتجسيد شخصية "حمزة بن عبد المطلب"، وبالطبع بادر الأزهر الشريف برفض عرض هذا العمل لمجرد أن أحد العشرة المبشرين بالجنة سيظهر على الشاشة، وليس مهماً مستوى العمل أو الصورة الرائعة البطولية التى سيظهر فيها هذا الصحابى الجليل، لقد كان كافياً حين تم العرض على اللجنة المختصة فى الأزهر، أن يرى المسئولون اسم "حمزة" فى السيناريو فيهرعون إلى كتابة تلك الجملة الأثيرة الخالدة: " لايصلح للعرض"!
المدهش أن المسلسل يعرض يومياً على التليفزيون السودانى، ولم ير علماء وفقهاء السودان الشقيق أن هناك ما يخدش صورة بطل الإسلام، ولم يستنكف الجمهور ما يحدث.
وإذا كانت القاعدة الفقهية تقول إن "الاجتهاد" يكون فيما لم يأت فيه نص قرآنى أو توجيه نبوى، وإن كل شخصية يؤخذ منها ويُرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، فإلى متى تظل الفتوى الأزهرية بتحريم ظهور الصحابة على الشاشة سارية المفعول، ألا يحتاج الأمر إلى مراجعة تضع تحفظات وشروطاً، تحدد معايير فنية وفقهية، تؤكد على نوعية "النجم" الذى سيجسد شخصية الصحابى، المهم ألا يكون المنع باتاً وتاماً وفى المطلق.
تجسيد شخصية "حمزة" خطوة مهمة للغاية فى مسيرة الفنان أحمد ماهر، فهو إذا كان قد برع فى أداء الشخصيات التاريخية عموماً، فإنه هنا كان أمامه أكثر من تحد، منها المقارنة التى ستفرض نفسها بينه وبين النجم العالمى "أنطونى كوين" حين جسد نفس الشخصية فى فيلم "الرسالة"، وكذلك النجم عبد الله غيث الذى جسد نفس الشخصية فى النسخة العربية من ذات الفيلم.
التحدى الآخر هو الإمساك بمفاتيح تلك الشخصية وتشخيص ما تتسم به من حرارة وقوة فى الحق، فضلاً عن الفروسية والشجاعة والإقدام، وهى الصورة الذهنية التى يحملها كل مسلم لحمزة بن عبد المطلب.
ولا ننسى تحدياً من نوع آخر يتمثل فى الحذر الشديد فى كل ما يتعلق باختياراته ـ سواءً فى حياته الخاصة أو الفنية ـ فتقديم شخصيات الصحابة، لاسيما العشرة المبشرين بالجنة، ليس فقط مسئولية فنية، بل أيضاً يفرض التزامات معينة على الحياة الشخصية للنجم، حتى لا تقوى مرة أخرى حجة القائلين بالمنع. إنها تحديات عديدة قبلها النجم القدير بكل سرور واجتاز الكثير منها بنجاح لافت، وأنا على يقين أن المستقبل سيثبت نجاحه فى اجتياز المتبقى منها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وكأن الأرض ضاقت على هذا الفنان المخضرم بما رحبت، وكأن أرض الكنانة لا تحتمل هذا النزق الفنى الجميل.. وكأن قدر المصريين أن يظلوا محرومين من إبداع راق ورؤية فنية جديدة لتاريخ الإسلام، لأن "المشايخ مع كل الاحترام والتقدير عايزين كده"، وأن يظل تقديم أعمال فنية تتسم بالنضج والمسئولية أسيراً لرؤية فقهية، واختلف معها الكثيرون من الأئمة وتحفظ عليها العديد من علماء الدين.
عن مسلسل "بدر الكبرى" أتحدث، ففى هذا المسلسل يقوم الفنان أحمد ماهر بتجسيد شخصية "حمزة بن عبد المطلب"، وبالطبع بادر الأزهر الشريف برفض عرض هذا العمل لمجرد أن أحد العشرة المبشرين بالجنة سيظهر على الشاشة، وليس مهماً مستوى العمل أو الصورة الرائعة البطولية التى سيظهر فيها هذا الصحابى الجليل، لقد كان كافياً حين تم العرض على اللجنة المختصة فى الأزهر، أن يرى المسئولون اسم "حمزة" فى السيناريو فيهرعون إلى كتابة تلك الجملة الأثيرة الخالدة: " لايصلح للعرض"!
المدهش أن المسلسل يعرض يومياً على التليفزيون السودانى، ولم ير علماء وفقهاء السودان الشقيق أن هناك ما يخدش صورة بطل الإسلام، ولم يستنكف الجمهور ما يحدث.
وإذا كانت القاعدة الفقهية تقول إن "الاجتهاد" يكون فيما لم يأت فيه نص قرآنى أو توجيه نبوى، وإن كل شخصية يؤخذ منها ويُرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، فإلى متى تظل الفتوى الأزهرية بتحريم ظهور الصحابة على الشاشة سارية المفعول، ألا يحتاج الأمر إلى مراجعة تضع تحفظات وشروطاً، تحدد معايير فنية وفقهية، تؤكد على نوعية "النجم" الذى سيجسد شخصية الصحابى، المهم ألا يكون المنع باتاً وتاماً وفى المطلق.
تجسيد شخصية "حمزة" خطوة مهمة للغاية فى مسيرة الفنان أحمد ماهر، فهو إذا كان قد برع فى أداء الشخصيات التاريخية عموماً، فإنه هنا كان أمامه أكثر من تحد، منها المقارنة التى ستفرض نفسها بينه وبين النجم العالمى "أنطونى كوين" حين جسد نفس الشخصية فى فيلم "الرسالة"، وكذلك النجم عبد الله غيث الذى جسد نفس الشخصية فى النسخة العربية من ذات الفيلم.
التحدى الآخر هو الإمساك بمفاتيح تلك الشخصية وتشخيص ما تتسم به من حرارة وقوة فى الحق، فضلاً عن الفروسية والشجاعة والإقدام، وهى الصورة الذهنية التى يحملها كل مسلم لحمزة بن عبد المطلب.
ولا ننسى تحدياً من نوع آخر يتمثل فى الحذر الشديد فى كل ما يتعلق باختياراته ـ سواءً فى حياته الخاصة أو الفنية ـ فتقديم شخصيات الصحابة، لاسيما العشرة المبشرين بالجنة، ليس فقط مسئولية فنية، بل أيضاً يفرض التزامات معينة على الحياة الشخصية للنجم، حتى لا تقوى مرة أخرى حجة القائلين بالمنع. إنها تحديات عديدة قبلها النجم القدير بكل سرور واجتاز الكثير منها بنجاح لافت، وأنا على يقين أن المستقبل سيثبت نجاحه فى اجتياز المتبقى منها.
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة