أكرم القصاص - علا الشافعي

علا الشافعى

أسف على الإزعاج.. صدمة مدروسة بذكاء

الجمعة، 08 أغسطس 2008 01:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ 3 سنوات عندما عرض المخرج داوود عبد السيد على النجم أحمد حلمى بطولة فيلم "رسائل البحر"، الذى كان سيجسده الراحل أحمد زكى..وقتها رفض حلمى العمل..وعندما سألته: لماذا رفض العمل مع مخرج بحجم داوود عبد السيد الذى يرى أنك أكثر نجوم جيلك موهبة؟..وقتها صمت حلمى للحظات وقال لى: "أنا بجد ندمان على رفضى لتلك الفرصة..ولكن جمهورى معظمهم من الأطفال الذين كبروا معى منذ كنت أقدم برنامجى (لعب عيال، ومن سيربح البونبون) ولو غيرت جلدى فجأة..بالتأكيد سأخسر الكثيرين منهم".

وأثبتت الأيام أن حلمى يمتلك وجهة نظر صائبة..فها هو وبعد نجاحات متتالية وصعود مدروس فى سوق السينما، حيث تربع على عرش شباك التذاكر لـ 3 مواسم متتالية وصار النجم الذى يخشى الكثيرون منافسته. حلمى الذى درس الديكور فى المعهد العالى للفنون المسرحية ويعرف جيداً هندسة المناظر، استطاع رسم ملامح واضحة وتحولات مدروسة لمشواره السينمائى، الذى بدأه بفيلم "الناظر"، ثم "55 إسعاف"، و"سهر الليالى"، حيث أراد أن يلفت النظر إلى أنه ليس كوميدياناً فقط، بل يملك موهبة حقيقية كممثل، ومن بعدها قدم حلمى عدداً من الأفلام الكوميدية الأسرية التى تستطيع الأسرة أن تشاهدها مع أبنائها ويتفاعلون مع الشخصيات التى قدمها حلمى بخفته، بداية من ميدو مشاكل وزكى شان ومطب صناعى وجعلتنى مجرماً وصولا إلى كده رضا، وبنفس القدرة على المراقبة والذكاء أفلت حلمى من فخ الكوميديا، خصوصا بعد تراجع الأفلام الكوميدية فى السنوات الثلاث الماضية، بعد أن ظلت تتصدر المشهد السينمائى لأكثر من 3 سنوات، لكن خفت نجم الكثير من رموز هذه المرحلة مثل هنيدى وسعد وتراجعت إيراداتهم.

ومن هنا فاجأ حلمى جمهوره بذلك "التويست" أو النقلة فى مشواره الفنى فى فيلمه الأخير"آسف على الإزعاج"، حيث قدم فيلماً ينتمى إلى نوعية الدراما النفسية، فبطل الفيلم مهندس طيران عبقرى، شديد الارتباط بوالده ويملك مشروعاً لتطوير هندسة الطيران ـ تحديدا فيما يختص بتوفير الوقود للطائرات ـ ويعانى من مرض الفصام، ونجح المؤلف أيمن بهجت قمر الذى قدم نفسه كمؤلف موهوب لأول مرة بعيداً عن تجاربه السابقة فى بناء سيناريو شديد الإحكام والتميز، وهناك شخصيات واضحة الملامح، تفاصيلها مرسومة بدقة، تملك المبررات الدرامية لكل تصرفاتها وأيضاً تمكن أيمن من غزل تفاصيل العلاقة بين الأب الذى جسده محمود حميدة، وابنه بإنسانية متناهية، حيث جمعتهما علاقة صداقة قوية، وتضافر مع السيناريو المرسوم قدر كبير من الإحكام والانضباط والقدرة على صياغة مشاهد تعتمد على كوميديا الموقف بعيداً عن الإفيهات والإسكتشات، وتأكد ذلك فى النصف الثانى من الفيلم عندما فوجئنا بأن عالم البطل فى النصف الأول من الفيلم كان من نسج خياله، حيث كان يتعايش مع شخصيات ليس لها وجود مثل شخصية والده المتوفى وحبيبته التى اخترعها للخروج من حياة الاضطهاد. توافق كل ذلك مع براعة المخرج خالد مرعى، الذى جاء إلى الإخراج من المونتاج، فالمشاهد جميعها مشدودة الإيقاع، وثرية بصرياً، لا يوجد بها ملل أو "رطرطة"، وأدار مرعى ممثليه بكفاءة عالية بدءاً من حلمى وحميدة الذى فاجأ الكثيرين بتجسيده لشخصية جديدة عليه تماما، ودلال عبد العزيز.

وتلك الرؤية الإخراجية الواضحة ساعدت حلمى على الإلمام بكل تفاصيل الشخصية، حيث ظهرت براعته فى تجسيد دور المريض بالفصام، الذى أصيب به بعد صدمة وفاة والده وأصبح يشعر بالاضطهاد من الجميع فى العمل والشارع حتى الكافيه الذى يجلس عليه، وإرساله خطابات متتالية إلى رئيس الجمهورية لينقذه من كل هذا الاضطهاد، والتى حملت سخرية ممزوجة بالمرارة، وأكدت حالة الفصام التى يعانيها الشعب أيضا مع رئيسه، وليس بطلنا فقط، حيث جاء الخط الدرامى السياسى فى الفيلم دون مباشرة بل برؤية أكثر عمقاً، تأكد ذلك فى مشاهد ذهابه للقصر الجمهورى لزيارة الرئيس حاملاً تورتة عليها صورته مع مبارك، ومشهد لقائه شخصية مسئولة فى القصر الجمهورى، ومشهد صندوق البريد المملوء بخطاباته للرئيس، التى لم تصل أبداً إليه. حلمى بهذا الفيلم أثبت أنه من أكثر نجوم جيله موهبة وجرأة، وبالتأكيد لن يخذله جمهوره، حيث حقق الفيلم إيرادات عالية حتى الآن رغم صدمة البعض الذين كانوا ينتظرون من حلمى الإضحاك فقط.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة