أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد حبوشه

مصر تنتصر فى معركة الغاز تزامنا مع احتفالات أكتوبر

الجمعة، 05 أكتوبر 2018 05:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انشغلت الساحة الإعلامية طوال أكثر من عشرة أيام ماضية بمهرجان الجونة السينمائى فى دورته الثانية التى جاءت على جناح كرنفال أزياء يخاصم القيمة والمعنى فى مصر فى لحظتها الفاصلة الآن، ومن بعدها انشغلت وسائل الإعلام ذاتها ومنها على وجه الخصوص "السوشيال ميديا" بقرارات "الكاف والفيفا" بوقف رئيس ناد رياضى اعتاد صناعة الجدل حوله دوما على جناح خروج اعتيادى على النص بألفاظ نابية يعاقب عليها القانون، ولم تنتبه تلك الوسائل المعنية بتوعية الشعب المصرى بالدرجة الأولى لدلالات وقف استيراد الغاز المسال فى مصر، رغم ما يحمله من مؤشرات إيجابية سوف تنعكس على الأداء الاقتصادى فى هذه المرحلة من عمر الوطن.

 

نعم هنالك دلالات مهمة ينبغى أن تسلط عليها أضواء كاشفة تتضح من خلالها الصورة كاملة أمام الموطن المصرى البسيط، ومنها أن وقف استيراد الغاز سيوفر حوالى 20% من البوتاجاز المستورد، كما تلك العملية ستوفر لمصر 2.5 مليار دولار فاتورة استيراد الغاز من الخارج، ما يستدعى بالضرورة تخصيص حصة للمشروعات الصناعية، كالبتروكيماويات والأعمال الملحقة بصناعة الأسمدة، فضلا عن توفير 5.88 دولار للمليون وحدة حرارية، وهو الأمر الذى ينعكس على تحسن الميزان التجارى مع توقف الاستيراد، ما يدفع إلى زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر ضمن فوائد الإنتاج المصرى والاكتفاء الذاتى.

 

وهنا لا بد من توضيح نقطة مهمة للغاية، فصحيح أن وزارة البترول أعلنت منذ أيام قليلة تحقيق مصر الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى، وانتهاء عهد استيراد الغاز المسال من الخارج والاقتراب تدريجيا من تصدير الغاز للخارج، لكن ذلك لا يعنى بالضرورة أن تنخفض أسعار استهلاك الغاز الطبيعى للمواطنين كخطوة تشجيعية لباقى المواطنين لتوصيل منازلهم بالغاز الطبيعى، كما أنه لا توجد من الأساس علاقة بين تحقيق الاكتفاء الذاتى والتوقف عن استيراد الغاز المسال من ناحية، وأسعار الغاز للاستهلاك المحلى سواء المنزلى أو التجارى أو الصناعى من جهة أخرى، فحقيقة الأمر أن أكثر من 65% من استهلاك الغاز الطبيعى يوجه لقطاع الكهرباء، ونحو 23% من الاستهلاك يوجه لصالح القطاع الصناعى، وبالتالى فإن الاكتفاء الذاتى سيقلل فقط من الضغط على ميزان المدفوعات، ويساعد فى رفع الدعم عن الغاز وتوجيهه لقطاعات أخرى.

 

ولذلك فإن قرار زيادة أسعار الغاز المنزلى الأخيرة تهدف بالدرجة الأولى إلى القضاء على أى تشوهات سعرية فى الطاقة البديلة، فى ظل ارتفاع زيادة أسعار أسطوانات البوتاجاز إلى 50 جنيهًا فى يونيو الماضى، وهو ما يعد بديلًا عن الغاز الطبيعى، بحسب قرار مجلس الوزراء الأخير برفع أسعار الغاز المستخدم فى المنازل والنشاط التجارى، بنسبة تتراوح ما بين 33.3 و75%، فى ضوء معدل استهلاك الأسرة الواحدة الذى يصل لنحو أسطوانة ونصف شهريًا، كما أن معدل استهلاكها من الغاز يعادل نحو 35 مترا مكعبا من الغاز الطبيعى، وبالتالى كان يجب رفع سعر الغاز المنزلى حتى يتناسب مع سعر البوتاجاز.

 

وفى إطار إصلاح ما يمكن إصلاحه فى هذه المرحلة الحالية، وضعت وزارة البترول خطة للتوسّع فى توصيل الغاز الطبيعى للمنازل حتى يقلل معدل الاستهلاك من البوتاجاز، وبالتالى تخفيف العبء عن الدولة، حيث كان يتم استيراد نحو 50% من حجم غاز البوتاجاز حاليًا، وخطة الدولة تشمل تكثيف عمليات توصيل الغاز لكل المنازل المصرية ليُستخدم كبديل لأسطوانة البوتاجاز "المدعمة"، وتتضمن خطة عمل الوزارة على توصيل الغاز إلى 13 مليون وحدة سكنية خلال الـ3 سنوات المقبلة بحلول 2021، حيث جرى التوصيل إلى نحو 9 ملايين وحدة سكنية، وجارٍ العمل على تكثيف عمليات توصيل الغاز للمنازل ليُستخدم كوقود بديل لأنبوبة البوتاجاز "المدعمة" بكافة محافظات مصر، وهو مايعنى أن تخفيف العبء عن كاهل المواطن البسيط سيتم تدريجيا بحلول عام 2021، مع مرعاة عدم زيادة الأسعار خلال الفترة القادمة.

 

الإنجار المصرى الذى تحقق خلال السنوات القليلة الماضية وتوج بانتصار كبير فى حرب الغاز تزامنا مع احتفالات أكتوبر العظيم فى الذكرى الـ45، يحتاج من وسائل الإعلام المصرية إلى نظرة موضوعية وواعية لخطورة الحدث، بحيث توضح تلك الوسائل "السموعة والمرئية والمكتوبة" جسارة القيادة السياسية فى التحدى لدول بعينها فى المنطقة وعلى رأسها قطر، حيث كانت تحاك مؤامرات كبرى ضد مصر منذ عشرات السنين، وذلك بسبب رفض عدد من دول المنطقة دخول مصر سوق الغاز الطبيعى، وعندما كانت تحاول مصر جاهدة تسويق وبيع الغاز لبعض دول المنطقة، كانت قطر تعرض غازها للبيع دون مقابل، من أجل منع مصر من دخول السوق، حتى لا يكون لمصر أى عقود للبيع.

 

هى حرب ضروس إذن - دبرت بليل - ضد مصر حتى لا تدخل هذا السوق الواعد، ولقد جاءت فرصتهم الذهبية فى 2011، عندما حاولوا التوغل داخل مصر ودفعت الشركات التى تنقب عن الغاز إلى الهجرة منها، وبالفعل نجحت خطتهم العدائية فى توقف العديد من تلك الشركات عن العمل، وكانت للأسف بفعل فاعل، ونجحوا فى بعض البلدان وتمنكوا من خروج ليبيا من السوق لمدة 10 سنوات، بعد الخراب الذى حل على هذا القطاع، ولهذا ينبغى علينا جميعا كوسائل إعلام وطنية أن نحيى بفخر الإدارة السياسية للبلاد بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، لأنها تمكنت من العودة إلى السوق مرة أخرى، ومن ثم تمكنت مصر من رسم الحدود البحرية فى البحر المتوسط والبحر الأحمر لتتمكن من الاستفادة من استخراج الغاز وعادت الشركات للعمل بمصر من جديد.

 

وتأكيدا لدور القيادة السياسية فى الحرص على مصلحة المواطن فى ظل التحديات الكبرى التى تواجهها مصر، قالها الكاتب الصحفى والمحلل الاقتصادى الكبير أسامة سرايا، فى فبراير 2018: "بثبات، هذه المرة تنتقل مصر، بكل مكوناتها الاقتصادية والسياسية، إلى أقوى عنصر فى العصر الجديد بأكمله، وأستطيع أن أسميه عصر الغاز، ليس باعتبارها منتجا كبيرا فقط ولكن باعتبارها من أكثر الدول المؤهلة فى المنطقة لموقعها الجغرافى وتوسطها بين معظم الأسواق، وقدرتها على بناء البنية الأساسية، فلديها مصانع تسييل الغاز بـ(دمياط وأدكو)، وشبكة لنقل هذا الغاز، وكانت تحمله إلى آسيا ومنها إلى أوروبا، ثم وقعت تحت سطوة الإرهابيين فى سيناء، وتخصصوا فى تدميرها بذريعة أنها تنقل الغاز إلى إسرائيل!".

 

لقد نجحت القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى بعقلية سياسية ذات خلفية عسكرية تعرف معنى الإرادة والتحدى من العبور بمصر إلى بر الأمان، ووضعها فى قلب "عصر الغاز" بعد أن كسر الطوق المفروض على مصر من جانب تلك الدول ليؤكد - بحسب سرايا - إن معركة الغاز أهم من معركة تأميم قناة السويس، فالقناة فى الأرض المصرية، وقد تضيع سنوات ثم تعود، ولكن حقبة الغاز قد لا تتجاوز فى عمر الزمان عقدا أو عقدين، ثم ينتقل الاقتصاد العالمى إلى طاقة أخرى، بأسعار أقل تجعل تأثير الغاز بلا فاعلية فى مستقبل الطاقة، ونحن نرى المتغيرات السريعة فى تكنولوجيا الطاقة، وخلال سنوات قليلة سنجد تحولات كبرى، قد تكون فى الطاقة الشمسية أو الرياح أو المياه، وهى أرخص وأفضل، ولكن فى السنوات العشر القادمة سيسود فيها الغاز، ومن أصر السيسى بارادته الفولاذية كسب رهان هذا العصر، انطلاقا من إدراكه أن "من تخلف ضاع"!

 

بانتهاء حقبة الاستيراد يا سادة أصبحت مصر تنطلق نحو تصدير الغاز الطبيعى، وبإذن الله سيكون الغاز المصرى موجودا فى الأسواق العالمية مطلع 2019، بعد أن غدت القاهرة مركزا إقليميا للطاقة فى شرق المتوسط، والأردن وإسبانيا أولى محطات استئناف التعاقدات المجمدة، وبوتيرة متسارعة من الإنجازات، يواصل قطاع البترول إحراز العديد من النجاحات بعدما استطاع على مدار السنوات القليلة الماضية التوسع بشكل لافت فى مجال البحث والاستكشاف وإبرام تعاقدات مع شركات عالمية فى هذا المجال، ويقدر إنتاج مصر اليومى من الغاز 6.6 مليار قدم مكعب فى الوقت الحالى، فى وقت يؤكد فيه كل الخبراء، على أن وتيرة الانتاج تتزايد بشكل ملحوظ، حيث أعلن وزير البترول فى تصريحات سابقة أن إنتاج حقل ظهر على سبيل المثال، تضاعف 6 مرات منذ افتتاحه من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى.

 

جدير بالذكر أن الملحمة المصرية فى دخول عصر الغاز من البوابة الملكية كان الغرب يراقبها عن كثب، فقد كان تقرير لموقع "LNG World"، قد توقع بداية سبتمبر الجارى أن تدخل مصر عصر الاكتفاء الذاتى من الغاز بحلول شهر أكتوبر، مشيرًا إلى أن آخر الشحنات التى تستوردها مصر من الغاز المسال ستكون فى الشهر الحالى، وقال الموقع الدولى فى تقريره المنشور - قبل أسبوعين - إن فترة مصر القصيرة كمستورد للغاز الطبيعى المسال وصلت إلى نهايتها فى نفس الوقت الذى تبدأ فيه محطات التصدير المتعطلة فى السنوات الماضية فى زيادة الإنتاج.

 

وتابع الموقع أن وزارة البترول وشركة "يونيون فينوسا" الإسبانية للغاز (UFG)، وهى مشغل لمصنع تسييل الغاز الطبيعى بدمياط فى دلتا النيل، وافقا على إعادة تشغيل الصادرات من المصنع، وذلك بعد أن حصلت الشركة الإسبانية التى تدير المصنع بالشراكة مع شركة "إينى" الإيطالية فى وقت سابق على تسوية بقيمة 2 مليار دولار أمريكى من قبل المركز الدولى لتسوية نزاعات الاستثمار التابع للبنك الدولى (ICSID).

 

وبحسب ما ذكره نفس الموقع فإنه من المرجح أن تتم تسوية المبلغ من خلال تجديد إمدادات الغاز إلى محطة تسييل دمياط بدلاً من النقد، مما يدعم الاستئناف المبكر لصادرات الغاز الطبيعى المسال من المحطة، ولفت التقرير، إلى أن إمكانية قيام كل من مصنعا التسييل فى "دمياط وإدكو" بإنتاج قدراتهما التصميمية للغاز الطبيعى المسال بحلول نهاية عام 2019، والتى تم طرحها فى عدد قليل من تقارير الصناعة، قد يكون أمرا متفائلا.

 

الأمر الذى أصبح مؤكدا الآن، إن قطاع البترول المصرى يعد من القطاعات الواعدة التى جذبت العديد من الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات القليلة الماضية، وخلال مشاركته فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى ممثلين لكبريات شركات البترول العالمية، ومن بينهم "دارين وودز" رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى لشركة "أكسون موبيل"، وكذلك "جون كريستمان" الرئيس التنفيذى لشركة "أباتشى العالمية"، فضلا عن "جون واتسون" الرئيس التنفيذى لشركة "شيفرون"، وأيضا "دان براون" رئيس شركة Andarko Petroleum، وذلك لبحث ضخ استثمارات جديدة فى مجالات البحث والتنقيب.

 

فتحية تقدير واحترام للرئيس السيسى رجل الدولة الصلب قوى العزيمة، الذى يعمل بروح 6 أكتوبر العظيم، والذى نعيش أجواء ذكراه الـ 45 الآن، حيث يستمد تلك الروح القتالية الصلبة النابعة من بسالة الجندى المصرى، بحيث لايتوقف لحظة واحدة عن النهوض بالاقتصاد المصرى جنبا إلى جنب مع حربه الضروس مع قوى الظلام من الجماعات الإرهابية، تلك التى تسعى إلى محاولة زعزعة الاستقرار فى مصر وضرب المصالح الاقتصادية، وأن يخرجوا مصر من تلك السوق الواعدة فى الغاز، وذلك المستقبل الذى يليق لأبنائها الأكثر من مائة مليون من البشر، وذلك بهدف كسر شوكة الدولة التى قدمت للعالم نموذجا يحتذى فى الحرب على الإرهاب.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة