يمضى قطار الانتخابات الرئاسية إلى الأمام؛ ويبدو بعض المُرشَّحين كما لو كانوا يمشون داخله بعكس الاتجاه. التجربة شديدةُ الأهمية فى الظرف والدلالة.
كانت الهدنةُ مَخرجًا مُؤقّتا من حالة الجنون. ذهب الطرفان إليها ولَدَى كلٍّ منهما حساباته الظرفية والاستراتيجية، وقد يستمرَّان فيها أو يعودان إلى قواعد الاشتباك السابقة: الاحتلال يزحف بطيئا بشعار «الأرض المحروقة»
أيقنت إسرائيلُ أنها بعيدةٌ من النصر؛ فتقبَّلت الهُدنة التى كانت ترفضها وتُماطل فى مُفاوضاتها، وقد ارتضت «حماس» ترتيباتٍ مرحليّةً أقلّ ممّا كانت تتطلَّع إليه.
لم تكن مصر زائرًا عابرًا لجبهة القضية الفلسطينية فى أيّة لحظة؛ بل اشتبكت معها من النقطة صفر، وظلَّت على اتصال وثيق بها إلى الآن. وانطلاقًا من ثقلها الإقليمى.
كلّما تمدَّدت إسرائيل فى غزّة؛ تتآكل الأرض تحت جنازير دباباتها. لقد كانت تُخطِّط لحربٍ طويلة ثم تباطأت عقارب الساعة؛ فاستهلكت ما أرادته فى شهور خلال عدّة أسابيع.
قطعت الانتخابات الرئاسية أطول أشواطها؛ ويتبقّى أقلّ ممّا انقضى. وسواء رأى البعض أن المنافسة شبه محسومة، أو لا يزال فيها هامش للمُناكفة على أمل الفوز أو تحديد مراتب المرشحين
لا نتيجةَ فى غزَّة. فالأزمةُ أن فريقين يتصارعان على صيغةٍ خلافية: القوىُّ يخوضها بمنطق الضربة القاضية، والضعيف يُريدها بالأشواط والنقاط.. تعجَّلت إسرائيل هدفَها الاستراتيجى وافترضت نهاية الخصم، وتأخَّرت «حماس» فى إبداء المُرونة التى تُجنِّبها الانكسار.
«جئتُكم بغُصن الزيتون مع بندقيّة ثائر؛ فلا تُسقِطوا الغصنَ الأخضر من يدى».. مرّت نحو خمسين سنة على الجُملة البليغة، وانقضت حياةُ قائلها؛ إنما لم تنقضِ مفاعيلها، وما تزال صالحةً لإنزال فلسطين منزلتها الواجبة لدى العالم
تُؤمن أغلب الدائرة العربية بالدبلوماسية، وينحاز آخرون للخطابة. «غزّة» فى حاجة ماسّة لجهود الجميع؛ لكن المُهم أن يتلاقى الفريقان على رؤيةٍ جامعة. عندما دعت مصر إلى «قمّة القاهرة للسلام».
بعيدًا من حِلف المزايدة، ولا أحد فيهم يُقدّم لفلسطين إلّا الفتنة والانقسام والشعارات الجوفاء؛ ليس فى جعبة المنطقة غير الدبلوماسية وحلول السياسة، البديل عن ذلك أن تتّسع المُواجهة إلى حربٍ شاملة.
ليست «غزّة» أشدَّ المُتضرّرين من العدوان الإسرائيلى الراهن؛ إنما يختبر العالم جُرحًا أخلاقيًّا قد لا يُطبّبه الزمن، ناهيك عن احتمال أن يتطوَّر إلى قُرحٍ وندوب ظاهرة فى وجهه، وما خطر الانزلاق لخشونةٍ واسعة المدى ببعيد..
الحقيقة الوحيدة إلى الآن أن «غزّة» تحت النار: الجغرافيا والبشر وصلاحية الحياة، وليست «حماس» وحدها.. فى هذا المناخ يتساوى حامل السلاح مع الحنجورى.
إسرائيلُ ليست دولةً طبيعية. لا أقصد الإلغاء القانونى على طريقة المُستمسكين بوصف «الكيان الصهيونى»؛ إذ إنها تظلّ بلدًا مُعترَفًا به وعضوًا بالأمم المتحدة؛ إنما المعنى أنها «دولةٌ وظيفيّة»
شعبٌ كامل يختفى فى غمضة عين؛ كأنهم أُزيحوا إلى ثقبٍ أسود. هكذا بدا مشهد «غزّة» على رادار العالم؛ عندما قرَّر الاحتلال أن يقطع آخر روابطهم مع الحياة.
نحو خمسة أسابيع تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية؛ إذ ينطلق تصويت المصريين بالخارج مطلع ديسمبر المقبل.. ربما ألقت الأحداث الإقليمية، والعدوان الواقع ضد غزّة، ظلالًا كثيفة على الأجواء العامة،
100 مليون دولار تكرّم بها العجوز «بايدن» على الفلسطينيين فى غزّة والضفة الغربية. يمدُّ الرجل يدًا بالمساعدات للضحايا، ويبسط الأخرى بالموت
قصَّت قمَّة القاهرة للسلام شريطها صباح أمس السبت، بالتزامن مع فتح معبر رفح بعد أسبوعين من المُماطلة الإسرائيلية.. قد لا تكون هناك علاقة سببيّة بين الحدثين.
«نُقاتل حيوانات، ونتعامل معهم وفقًا لذلك».. هكذا وصف وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت مليونى فلسطينى فى غزّة، صحيحٌ ليس غريبًا على الاحتلال؛ لكن الصادم أن الغرب المُتحضّر يُشارك فى المقتلة
فلسطين قضية عادلة؛ ولن يهنأ الاحتلال بتصفيتها مهما توحَّشت آلته القمعية، أو تطرَّف فى شهوة الدم وصناعة الموت؛ لكن العدالة وحدها لا تكفى للعبور الآمن. العالم ليس ملائكيًّا بأيّة درجة
كانت البداية من فلسطين؛ ثم توسَّعت شهوة التمدُّد لتقضم أطرافا من سوريا ومصر والأردن ولبنان، أخفقت الأولى ونجح الباقون فى تحرير أراضيهم، وصار الوضع إلى تهدئةٍ حرجة؛ إلا أن القانون الوحيد الثابت منذ اليوم الأول.