محسن الفحام

مسئولية من....؟

الإثنين، 06 مايو 2024 07:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على مدى عقود طويلة من الزمن لم تتحمل آى دولة عربية مسئوليتها تجاه القضية الفلسطينية مثلما تحملتها مصر التى قدمت الآلآف من الشهداء والمصابين من رجال الجيش المصرى منذ عام 1948.

وحتى اليوم، تحملت مصر مسئولية الدفاع عن الأراضى الفلسطينية واستضافت مئات الآلآف من الشعب الفلسطينى ضيوفاً مرحبا بهم فى الدولة المصرية، لا فرق بينهم وبين أى مواطن مصرى، فى الاستفادة بجميع متطلبات الحياة، من تعليم وصحة وخدمات إجتماعية أخرى .

وحتى على صعيد المفاوضات السلمية التى بدأت بعد انتصارات أكتوبر 1973 كانت مصر الشريك الرئيسى بين الطرفين، حيث بدأها الرئيس أنور السادات، واستمرت إلى أن تحمل الرئيس عبد الفتاح السيسى هذه المسئولية بكل حكمة وموضوعية حيث لم تقتصر المفاوضات على الثوابت التى ينادى بها الرئيس والتى تتمثل فى ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ورفض عمليات الإستيطان وكذلك رفض عمليات إسرائيلية أحادية تعرقل إقامة الدولتين، بل إنها  تضمنت أيضاً العمل على إنهاء حالة الإنقسام ورعاية الحوار الفلسطينى – الفلسطينى .


وأمام تلك الثوابت المصرية وافقت إسرائيل على الدخول فى مفاوضات مع حركة حماس لوقف الإعتداءات على المدنيين العزل فى قطاع غزة والتى راح ضحيتها حتى الآن ما يقارب من 36 ألف شهيد فلسطينى ...من خلال مبادرة تقدمت بها مصر على الرغم من أن تلك الحركة هى من بدأت فى الإعتداءات على إسرائيل فى السابع من أكتوبر الماضى مما ترتب عليه نزوح الشعب الفلسطينى الأعزل من مدنهم ومنازلهم أملاً فى اللجوء الى مكان آمن يحافظون فيه على حياتهم وكرامتهم نتيجة ما قام به الكيان الصهيونى من التنكيل بهم وممارسة كل صور الإبادة الجماعية غير المشروعة من قتل وترويع دون التمييز بين رجل وإمرأة أو بين إمرأة وطفل.


وعلى الرغم من ان هذا العدوان الإسرائيلى كان له انعكاسات سلبية  كبيرة على الأوضاع الإقتصادية والأمنية فى مصر إلا أن القيادة السياسية أبت إلا أن تتدخل لوضع حد لتلك المعركة غير المتكافئة وإستضافت وفوداً من حماس وإسرائيل.. وأرسلت وفداً أمنياً مصرياً ليلتقى مع قيادات الجانبين، وبدأت تلوح فى الأفق بوادر إنفراجة عندما بدأ الجميع يدرسون  المبادرة  والتى كان من الواضح إنها اصبحت محل إهتمام من الجانب الإسرائيلى بصفة خاصة حيث طلب وزير الدفاع الإسرائيلى يوأف جالانت من رئيس وزرائه بنييامين نتنياهو الاهتمام بالمبادرة المصرية وقبولها كحل مؤقت لتهدئة الرأى العام العالمى وأيضاً الداخلى، وحضر وفد من حركة حماس الى القاهرة لمناقشة محاور المبادرة حيث أكدوا إنها سوف تكون محل إهتمام قيادتهم فى قطر. ونفاجأ جميعاً بقيام كتائب القسام الذراع العسكرى لحركة حماس  فى نفس توقيت دراسة المبادرة بالهجوم على معبر كرم أبو سالم وإطلاق 14 صاروخاً على القوات الإسرائيلية المتمركزة هناك ليسقط 4 قتلى بالإضافة الى 14 إصابة من الجنود الإسرائيليين.

وسرعان ما إتخذت إسرائيل من هذا العدوان ذريعة لتعليق المفاوضات والإعلان عن القيام بعملية عسكرية واسعة فى رفح الفلسطينية ووجهت تحذيراً للسكان النازحين فى تلك المنطقة للتحرك فى إتجاه مناطق الإيواء فى خان يونس ودير البلح تمهيداً لتوجيه ضربة عسكرية قد تؤدى الى تعرض ما يقارب من مليون ونصف المليون من أبناء الشعب الفلسطينى لمذبحة جماعية جديدة...وقد تسلح رئيس الوزراء الإسرائيلى بموافقة الحكومة بالإجماع على توجيه هذه الضربة بعدما كانوا يطالبونه بقبول المبادرة المصرية وتهدئة الأجواء .
وهنا يثور السؤال ...لماذا أقدمت حركة حماس على الهجوم على تلك الوحدة العسكرية عند معبر كرم أبو سالم فى هذا الوقت تحديداً و الذى كادت المبادرة المصرية تؤتى ثمارها لصالح الشعب الفلسطينى الجريح؟


هل من اتخذ هذا القرار لم يكن يعلم إنه يعطى صكاً للجيش الإسرائيلى بتدمير ما تبقى من قطاع غزة؟ هل من قام بهذا التصرف غير المسئول لم يكن يدرى أن الآلة الإعلامية الإسرائيلية سوف تنجح فى تأليب الرأى العام العالمى وتعاطفة مع إسرائيل بعدما كانت المعطيات كلها تشير الى أن زيادة الضغوط الدولية والداخلية على إسرائيل قد أجبرتها على الإهتمام بالمبادرة المصرية؟ هل تريد حركة حماس بالفعل إستقرار المنطقة أم إنها تسعى لتحقيق أغراض أخرى لحساب دول وأنظمة إقليمية أخرى لا تريد أن يسود الإستقرار بالمنطقة؟
ونكاد هنا أن نشير الى هذه الدول وتلك الأنظمة وهو ما سوف تثبته الأيام خلال الفترة القليلة القادمة.


ومازالت مصر تواصل جهودها المخلصة الجبارة لنزع فتيل الأزمة التى تسببت فيها حركة حماس وأضاعت فرصتها لكى تثبت للعالم إنها على حق وإنها تريد السلام حيث أصدرت مصر بياناً حذرت فيه من خطورة التصعيد الحالى وتؤكد على ضرورة العودة للمفاوضات على ضوء ما تحقق من تقدم كبير فيها...وها نحن نترقب نتائج العدوان الإسرائيلى على ما تبقى من قطاع غزة وما تبقى من أبناء الشعب الفلسطينى فى عملية عسكرية إسرائيلية وشيكة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة