أكرم القصاص يكتب: قصف السلام فى كرم أبو سالم ورفح.. مصر تواجه تجارة نتنياهو والمتطرفين

الإثنين، 06 مايو 2024 06:06 م
أكرم القصاص يكتب: قصف السلام فى كرم أبو سالم ورفح.. مصر تواجه تجارة نتنياهو والمتطرفين أكرم القصاص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد جهود استمرت أسابيع من كل مؤسسات الدولة المصرية، وقبل لحظات من التوصل لوقف إطلاق النار، أقدمت حماس على قصف معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الاقتصادى الأكبر بين قطاع غزة ومصر وإسرائيل، وهو الباب الأهم لدخول المساعدات، وكان مجالا للتلاعب الإسرائيلى على مدى شهور، وعرقلة دخول المساعدات، قصف المعبر كان يتوقع أن يتم من قبل الاحتلال لاستمرار عملية التجويع والحصار، وهو ما يجعل القصف من قبل حماس خارج أى حسابات تكتيكية أو استراتيجية، ومجرد قفزة فى الفراغ والمجهول، تفتقد إلى أى تبرير وتبدو كأنها تمهيد يمنح الاحتلال ونتنياهو الفرصة لتنفيذ تهديداته باجتياح رفح، وتخطى الاعتراضات والتحذيرات التى أطلقتها الولايات المتحدة وأوروبا والدول القريبة من إسرائيل، وهو ما يجعل القصف لصالح الاحتلال ومخططاته، من دون أن يكون له أى نتائج لصالح غزة والفلسطينيين، فهو لا يخدم القضية بل يدعم الاحتلال ويضاعف من حجج نتنياهو والمتطرفين لتنفيذ عملية اجتياح رفح، وقد يكون منطقيا تنفيذ مثل هذه العملية فى كرم أبو سالم لو كانت لها نتائج استراتيجية أو أهداف، لكن كل الأطراف والمحللين يرون أنها لا تخدم أى طرف غير نتنياهو، خاصة أنها أوقعت فقط 4 قتلى بين جنود الاحتلال، وهى لا تمثل خسارة كبيرة تستلزم كل هذا الثمن الذى يتم دفعه.


فى المقابل وبدرجة كبيرة، فقد أصابت عملية قصف كرم أبو سالم اتفاقات الهدنة وتبادل المحتجزين التى كانت تقترب من خطواتها الأخيرة، بعد جهود كبيرة بذلتها الدولة المصرية مع الأطراف ومع الوكلاء والموكلين فى هذا النزاع المعقد، لكن يبدو أن هناك أطرافا وجدت فى السلام خطرا عليها، ومصالحها، وبالتالى طلبت تنفيذ العملية، التى تفتح الباب لمجازر فى رفح حال أقدمت إسرائيل على الاجتياح، خاصة وقد مهد الاحتلال للعملية التى تأخرت أسابيع بسبب الرفض والخطوط الحمراء والاعتراضات والتحذيرات التى يبدو أنها تساقطت مع القصف.


وقد حذرت الأمم المتحدة من أن أى اعتداء إسرائيلى على مدينة رفح جنوبى قطاع غزة قد يتسبب فى مذبحة للمدنيين، ويعرض حياة مئات الآلاف من سكان قطاع غزة للخطر، خاصة وقد وصل حجم الدمار فى القطاع إلى مستوى غير مسبوق مع استمرار حصد القصف الإسرائيلى لأرواح الشهداء، وأعلنت القائم بأعمال مدير مكتب الإعلام بـ«الأونروا» فى غزة، إيناس حمدان، أن أى اجتياح برى محتمل لمدينة رفح جنوب قطاع غزة، سيؤدى لمزيد من الخسائر والكوارث فى القطاع، خاصة أنه يوجد أكثر من مليون ونصف المليون مواطن فى مدينة رفح ينذر بكارثة إذا ما تم اجتياحها بالنسبة للمدنيين، كما سيؤدى الاجتياح أيضا للمزيد من الكوارث بالنسبة لدخول المساعدات، لأن معابر إدخال المساعدات والمواد الإغاثية موجودة فى رفح.


وحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، فإن ذلك سيؤدى إلى زيادة حجم الخراب الهائل الذى حل بغزة جراء الهجمات الإسرائيلية على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضى، حيث استشهد أكثر من 34500 فلسطينى فى المنطقة - كثير منهم من النساء والأطفال - وأصيب نحو 5 % من سكان غزة، ووفقا لتقرير للأمم المتحدة فإن الخوف المحيط برفح الفلسطينية وعدم اليقين بشأن وقف محتمل لإطلاق النار يتعارضان مع الواقع الذى يلوح فى الأفق بشأن مدى الصعوبة التى سيواجهها قطاع غزة للتعافى، حيث تم تدمير أكثر من 70 % من جميع المساكن وأبطلت الحرب 40 عاما من التنمية، وتقدر تكلفة إعادة الإعمار، فى هذه المرحلة، بين 40 و50 مليار دولار.


وأعلنت الخارجية الفرنسية، فى بيان لها، أن أى تهجير قسرى للمدنيين الفلسطينيين يمثل جريمة حرب، وقالت: نجدد معارضتنا الشديدة للهجوم الإسرائيلى على رفح الفلسطينية التى تأوى أكثر من 1.3 مليون شخص.


كل هذه الخطوات والتقاطعات تشير إلى أن أطرافا مختلفة سعت لإنهاء فرصة السلام ووقف الحرب، وساعدت تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلية فى رفح الفلسطينية بما يهدد أى مسار لمفاوضات التهدئة، التى وجدت استجابات من أطراف الاحتلال وباقى الأطراف، لكنها تكاد تكون انهارت وأفسحت المجال لمزيد من التصعيد، حيث وظف نتنياهو وحكومته الهجوم على قاعدة عسكرية فى محيط معبر كرم أبو سالم، كذريعة وأيضا نجح فى كسب الأصوات داخل الحكومة وجيش الاحتلال، والتى كانت تتحفظ أو تعارض الاجتياح، كما أنه يمنح نتنياهو مبررات أمام الولايات المتحدة بأن العملية أصبحت ضرورية، لضمان إنهاء القدرات العسكرية لحماس، بل إن الخطاب الأمريكى أصبح يحمل دعاوى بحماية المدنيين وليس اعتراضا تاما على الاجتياح، بل يمكنها الآن تحميل المسؤولية لحماس ومنفذى عملية كرم أبو سالم. ولعل هذا هو ما دفع بعض المحللين الفلسطينيين لاعتبار قصف معبر كرم أبو سالم، غباءً سياسيا، أضاع جهدا كبيرا لصالح أطراف أخرى لا تمثل الشعب الفلسطينى.


فى المقابل فإن مصر بقدر ما قدمت ولا تزال من جهود لدخول المساعدات ومواجهة أكاذيب إسرائيل، تتمسك بخطوطها الحمراء تجاه أى اتساع للصراع بما يهدم اتفاقات السلام، التى تحترمها مصر بقدر ما تحفظ أمنها القومى.

p
 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة