أكرم القصاص - علا الشافعي

أميرة خواسك

قسوة المرأة على المرأة

الثلاثاء، 31 يناير 2023 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى صفحة خاصة بالمرأة وبالمشكلات التى تواجهها السيدات والفتيات كتبت سيدة تشكو حالها وحال أسرتها بسبب متاعب الحياة وقلة الدخل وصبرها وبكائها طالبة دعوات باقى السيدات لها بالصبر على هذا الابتلاء، فلديها أربعة من الأبناء وزوجها يعمل جاهدا لكن متطلبات الحياة شديدة الصعوبة، حتى أنها كثيرا ما لا يتوفر لديها الخبز الحاف ! 
   كان أول تعليق للسيدة من فتاة وجهت لها اللوم على كثرة إنجابها لأطفال لا ذنب لهم، خرجوا للحياة فى أسرة غير مستعدة لتوفير سبل العيش الأساسية، وانه كان عليها أن تكون أكثر وعيا فى ترتيب حياتها والاكتفاء بعدد أقل من الأطفال.
   لم تكد هذه الفتاة تدلى بهذا الرأى حتى خرج عليها سيل من التعليقات شديدة القسوة، فكيف تعترض على إرادة الله ورزقه للسيدة الشاكية بأطفال سيتباهى بهم رسول الله يوم القيامة، فواحدة تقول لها : " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق "، وأخرى تهاجمها أنها تعترض على مشيئة الله، والثالثة تدعوها إلى الاستغفار لأن ما تقوله هو الكفر بعينه، وتحول الأمر إلى هجوم ضار على الفتاة التى هى كل جريمتها أنها تنبه هذه السيدة وغيرها مسئولية ما وصل إليه الحال بسبب كثرة الأطفال وعجزها عن تلبية أبسط مطالبهم ! ناهيك عما أنكروه من الأخذ بالأسباب والاستعانة بالعلم، أو استخدام وسائل لمنع الحمل، عاصفة من الهجوم صدرت من السيدات فى مواجهة الفتاة التى تحاول أن تقدم رؤية عملية ومنطقية باستخدام العقل قبل التواكل وترك شئون الحياة بلا تفكير أو ترتيب. 
   الحقيقة أننى قد صُدمت وأصابنى الذهول من كم الهجوم الذى انبرت فيه السيدات للفتك بالفتاة التى لم تطلب سوى التعقل والنظرة إلى المستقبل بوعى واعتدال، وتساءلت : إذا كان هذا هو حال السيدات اللاتى يتحملن العبء الأكبر فى التربية والاهتمام والجهد الهائل المبذول من الأسرة لأطفالها فما هو حال الرجال ؟ وإذا كانت السيدة لا تدرك أن أبسط حقوق الطفل أن يتوفر له حياة كريمة قبل المسارعة بإنجاب طفل ثانى وثالث ورابع، وانه على أى زوج وزوجه أن يفكرا جيدا كيف ستكون حياة الطفل وهل هما قادران على توفير المتطلبات الأساسية أم سينجبون ثم يندبون حظهم وتتحول حياتهم إلى دوامة لا تنتهى من أمور يشعرون بالعجز حيالها؟ ثم كيف سيكون حالها هى وكيف ستكون حياتها ؟ لا واحدة منهن تفكر !
   إما الأخطر فى كل هذا انه علينا أن نضع أيدينا على هذا الإرهاب الفكرى والعقلى الذى أصبح يحاصرنا فى كل أمر وفى كل حوار، ونحمّل الدين مالا يحتمل، وأن نقتطع كل آية ونوجه المعانى حسب الأهواء ونفرغ المضمون مما يجب أن يكون عليه وننتقى ما نشاء ونترك ما لا نريد.
    فمن غير الممكن أن يرضى الله عمن يتواكل ويترك حياته سداح مداح، بلا عقل ولا تفكير، لن يرضى الله عن من يسيئ إلى دينه باسم التوكل على الله أو على رزقه، صحيح أننا على يقين بأن الله هو الرزاق، لكننا أيضا على يقين انه لا يكلف نفسا إلا وسعها، اتقوا الله فى أنفسكم التى ستحاسبون عليها، كما ستحاسبون على من أتيتم بهم إلى الدنيا ليعيشون فيها وقد قهرهم الفقر لأن والديهم لا يعقلون. 
  
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة