أكرم القصاص - علا الشافعي

جيلان جبر

الرحمة بالدول والشعوب

الجمعة، 16 فبراير 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أحداث يومية تطفوا على السطح لتجعل خلط الأوراق فى السياسة الخارجية ضمن الهوايات التى يصنعها المحترفون من السياسيين.. اتهام وتشكيك وتركيز مع مصر ولا نظرة فى الملفات الأخرى..

 

فالتطور والتمادى فى الملف السورى يجعل الرسالة واضحة بأن قد تم التعدى على عدد من الخطوط الحمراء، فوجب عليهم التصعيد لهذا الوضع لتكون هناك محاسبة بإعادة تحجيم الأمور لكل طرف كل منهم على قدر مكانتة وقدراتة الإقليمية والدولية .

 

نعم فهناك التنافس الروسى الأمريكى وهناك على نفس الأرض إرهاب.. وإسرائيل وإيران من جهة أخرى.. ومثلث وهمى بين روسيا وتركيا وإيران تتقاطع فية المصالح ولا تخفى بينهما المنافسة فهم تجدهم ظاهريا من فريق عمل منظم ولكن هم متنافسين وخصوم مذهبيين فى الباطن على اختلاف  القدرات والمسارات والمصالح.

 

المهم المطلوب على الأرض هو ضرورة التحجيم وتقليم أظافر للجميع وعدم السماح لإيران وحلفائها من مليشيات حزب الله إلى السعى فى التمدد لمناطق تهدد إسرائيل ولا يهم الباقى من الشعب والسلطة السورية فالمهم إسرائيل؟!

 

ولا يترك لروسيا الانفراد بهذا الملف السورى ولا أيضا الحق لتركيا فى التباهى بالتدخل من الشمال والإقدام على عمليات أكثر من المطلوب تحت بند  الدفاع عن مخاوفها من الأكراد.. إذا فإسرائيل والاأمريكان هم يرصدون ويراقبون الأمر على الأرض السورية بحذر واهتمام ...والشعب السورى وحدة هو من يدفع ثمن الصراع وأصبح يعيش فى وطن مشرع على كل الجهات.

 

قال راميش راجاسينجام نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمى للشئون الإنسانية لسوريا إن منطقة الغوطة الشرقية على وجه الخصوص عرضة للخطر، مع وجود 400 ألف شخص تحت الحصار فى منطقة منعزلة بشكل كبير عن أى مساعدة خارجية، وقال: ما نود تحقيقه هو وقف فورى لإطلاق النار - وأعتقد أنه ممكن جدا - توصلنا لذلك من قبل والأمر ليس مستحيلا.

 

وأضاف أعرف أننا نشارك فى كل الجبهات، على أعلى مستوى أيضا، لضمان التوصل إلى وقف إطلاق نار فى أنحاء سوريا، إذا كانت هناك إرادة فمن الممكن تحقيقه، بالتأكيد، وهذا ما تحاول الأمم المتحدة جاهدة تحقيقه فى جميع مبادراتها السياسية.

 

وتعليقا على الوضع فى الغوطة الشرقية، وهى منظقة مهمة  تسيطر عليها المعارضة التى يقع نفوذها على مشارف العاصمة السورية دمشق، قال إن مئات المرضى بحاجة ماسة إلى إخلاء طبى وإن الكثيرين يموتون بينما ينتظرون.

 

وقال "نقطة الانفجار حين يموت الناس دون داع، حين يكون من الممكن إنقاذهم.. لذا فنحن أمام نقطة الانفجار".

 

وقال راجاسينجام إن محافظة إدلب، فى شمال غرب سوريا قرب الحدود التركية، تواجه "كارثة بكل المعانى" الإنسانية والطبية والسياسية والعسكرية.

 

إذا فإسقاط طائرة إسرائيلية بصاروخ أرض ـ جو أطلق من الأراضى السورية فى سياق مواجهات مستمرّة من جانب إسرائيل وشعارات سورية من الجانب الآخر، فمنذ سنوات تدخل إسرائيل وتخترق السموات ونسمع أن الرد والشعار سيكون فى الوقت المناسب، لكن التطور فى هذه المرة يحول  المواجهة إلى احتمال فيه خطر قد تقود المنطقة لنيران وانتقام كبير ..وربما إلى حرب غير مباشرة بين كل من إسرائيل وإيران على أرض سوريا، وبالتالى تقرر أنه لن يسمح لإيران أن تبقى طويلا فى الجنوب السورى، إن كان عبر الحرس الثورى أو ميليشياتها المذهبية؟ .فأن إسقاط الطائرة الإسرائيلية من نوع أف- 16، يعتبر مرحلة تحوّل. يعود ذلك إلى أنّها المرّة الأولى منذ سنوات طويلة التى تسقط فيها طائرة حربية عسكرية على هذا المستوى من الطائرات الحربية. والموشرات هنا  تجدها تتهم دعم ايرانى من جهة والتدريب الروسى لرفع اداء الجيش من جهة أخرى فالصاروخ روسى والموقع إيرانى والأداء من الجيش السورى   .

 

وإسرائيل بدورها أصبحت مقتنعة أن الجانب الروسى لم يعد قادرا على التزام التفاهم القائم بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو فى شأن الجنوب السورى الذى يضمن لإسرائيل أن يكون خاليا من هذا التواجد الإيرانى المباشر وغير المباشر.

 

اقتنعت الإدارة الأمريكية أن روسيا لم تنجح فى ضبط الإيقاع الإيرانى داخل سوريا.. إذا هناك تصعيد لحرب النفوذ التى بدأت تتشكل من جديد...فالثابت حتى الآن أنّ اللعبة تحولت وتغيّرت فى سوريا وأن التفاهمات التى كان معمولا بها فى الماضى لم تعد موجودة، خصوصا مع دخول تركيا على الخط وبدء عملية عفرين بالتفاهم  والتنسيق مع الروس وذلك كى تحجز مقعدا لها هى ايضا  فى المرحلة المقبلة، وهى مرحلة تقرير مصير سوريا وتقاسم مناطق نفوذ فيهاليكون لها حصة من الكعكة.

 

أما الأميركيين بدورهم يسعون أن تكون سوريا تحت سيطرتهم. لذلك كانت عملية  ضرب أى قوة تابعة للنظام أو لإيران لدى اقترابها من شرق الفرات. وهذا واضح فى  عملية دير الذور.

 

ومن وراء الكواليس كانت هناك خطوط تفاهم عريضة لتفاهم أميركى - روسى. يحتم بالتنسيق المسبق بين الجانبين من أجل تفادى الصدام والخسائر للجانبين، لكن الهجمات التى تعرّضت لها قاعدة حميميم أواخر العام الماضى تكشف ايضا مدى التنسيق الروسى الإيرانى فهم لا يتنازلان عن  جزء من الكعكة السورية فيما بينهما وليس مستبعدا فى الفترة القادمة أن تكون إيران تريد هى بدورها وأدواتها اشعال حربا فى المنطقة لتخاطب برسالة واحدة عدد من دول العالم انة سيكون ثمنا باهظا دائما اذا أراد أحد من الأطراف التفكير فى احتمال خروج إيران من سوريا.. نعم الثمن غاليا جدا لإسرائيل وغيرها..  وغير مستعدين لدفع هذا الثمن، بما فى ذلك الأمريكان والروس ويظلّ فى النهاية السوال :هل وارد إسرائيل خوض معارك برّية أم فقط تستمر بضربات جوية فهى عير قادرة على تكلفة مع ما يعنيه ذلك من الخسائر البشرية؟

 

وكما يقول عدد من المحللين إن الإجابة للمشهد الآن: أن العقيدة الإيرانية فى السياسة الخارجية هو التمدد والتدخل لتطويق الدول العربية ومنافسة الآخرين على الدول المطلة على البحر المتوسط وأن إسرائيل عاجزة عن خوض مثل هذه المغامرة التى ستكلّفها مقتل المئات من جنودها وسترضخ، هى وغيرها، فى نهاية المطاف لواقع يتمثّل فى أن إيران وجدت فى سوريا لتبقى فيها وأن هناك تكاليف استثمارات وخسائر مادية ومعنوية دفعت منذ سنوات  لحماية  نظام بشّار الأسد وخسرت بدورها العديد من الأرواح لهدف واضح يصبّ فى حماية النظام الملالى فى طهران  أولا وأخيرا.

 

أما أوروبا فهى تميل إلى تخفيض التوتر مع إيران من جهة المحافظة على الاتفاق فى شأن ملفّها النووى، لا يمكن أن تقبل دولها باستمرار الوجود الإيرانى فى جزء من الأراضى السورية وسعى الميليشيات التابعة لـ"الحرس الثورى" إلى التمدّد فى اتجاه إدلب والشمال السورى ومناطق أخرى لأن هناك  هذا الداخل الإيرانى الذى يشتعل أكثر من كل سنوات الماضية، النظام الإيرانى تفوق على كل المحاور الأساسية التى كانت سببا لمصائب أمتنا بمقياس التنافس على احتلال الأراضى العربية أو ارتكاب الانتهاكات وتسخير كل الطاقات حد إفقار الشعب الإيرانى لتنفيذ مخططاته خارج حدوده، ابتداء من العراق بعد استثمار ضعف وتفتيت العراق بسبب  الاحتلال الأمريكى. ولا رحمة بالدول والشعوب.

 

إيران تؤدى مهمة الإجهاز على بقايا الدولة السورية، فالجولان المحتل بجغرافيته السورية المحدودة أجهزت عليه الطموحات الإيرانية بالاستيلاء على سوريا كدولة، ونَسَخَتها إلى أفغانستان أخرى وبذات المصادر الروسية والإيرانية والأمريكية وأيضا التركية وذلك بتمويلها لميليشياتها الطائفية بما وفر لإسرائيل حجة حماية أمنها الحيوى، لأن إيران تتحدث عن أهمية القتال على الأرض السورية كجزء من دفاعها عن أمنها الوطنى ، أى عن إيران أولا، وكذلك تفعل روسيا فى مبرراتها للقضاء على إرهاب الجماعات المتطرفة على حدودها أو داخل أراضيها، وأميركا أيضاً تدحر الإرهاب كى لا يستهدف مرة أخرى.

 

إنّها مسألة أكبر بكثير من صاروخ روسى أطلقه السوريون أو دفع به من الخلف الإيرانيون؟

 

وتعترف أميركا بوجود مصالح روسية هنا وهناك لكن ليس وحدها على الأرض الآن، فقد ضمت إسرائيل الجولان نهائيا مقابل استمرار حكم الأسد وعائلتة العلوية منذ عقود دون مقاومة سورية وأن الموقف الإسرائيلى الطامع ليس بعيدا لا عن التفكير الأميركى ولا عن التفكير الروسى، ولا التفكير التركي.فالجميع يطمح فى جزء  من الكعكة . من هذا المنطلق، يبدو الاستثمار الإيرانى فى نظام بشّار الأسد فى غير محلّه. لن يكون هناك قبول إقليمى أو دولى بوجود إيران فى سوريا، حتّى لو كانت حجة طهران أنّ سوريا جسر إلى لبنان الذى باتت تعتبره محافظة من محافظاتها فى ظل الهيمنة التى يمارسها حزب الله على البلد.

 

أوروبا نفسها التى تميل إلى صفقات تجارية مع إيران من خلال  مبادىء المحافظة على الاتفاق المبرم المعروف بخمسة + واحد مع إيران وملفّها النووى، لا يمكن أن تقبل دولها باستمرار الوجود الإيرانى فى جزء من الأراضى السورية وسعى الميليشيات التابعة لـ"الحرس الثورى" إلى التمدّد فى اتجاه إدلب والشمال السورى ومناطق تهدد المصالح الاخرى لها .

 

وما الذى سيخرج به وسيفعله حزب الله فى حال استمر التصعيد بين إسرائيل وإيران فى سوريا شاهد أم مشارك ومتورط، وهل سيفتح جبهة جنوب لبنان وأدخل حكومة الحريرى فى مغامرة لن تؤدى سوى إلى مزيد من الخسائر والدمار تلحق بالوطن الصغير الذى يعيش فى ظلّ ديون وتهديد واستقرار وهمى ودولة  ضعيفة لا تملك مستقبلها؟

 

إذا إسقاط الطائرة الإسرائيلية وإطلاق إيران طائرة من دون طيّار من مطار سورى فى اتجاه إسرائيل يعنى وجود رغبة فى ممارسة لعبة التصعيد مع طرف يهوى هذه اللعبة السياسية ان تكون دائما مشتعلة على نار حامية تحرق الجميع.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة