أكرم القصاص - علا الشافعي

مجدى الزغبى يكتب: عفواً.. أيها الأجداد

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017 10:00 م
مجدى الزغبى يكتب: عفواً.. أيها الأجداد رجل يصطحب طفلا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد صلاة الجمعة وكالعادة الجميلة التى تعودناها يأخذ الجد الحفيد لأداء الصلاة، ويقوم الحفيد بتقليد الجد فى كل حركاته دون وعى، وبعد خروجهم من محراب الإيمان تبدأ حكاوى الزمان وحكاوى الأجداد لاتنتهى وترتبط غالباً بالمناسبات، "دخول المدارس الأعياد المولد النبوى مولد المسيح"، وهنا قام الجد بشراء جريدة الجمعة المعتادة التى تعود أيضا أن أبوه اشتراها أمامه، وهنا تقع عيناه على العنوان الصادم "المعلمون لصوص".

 وصدم الجد من العنوان، ولكنه كعادة أجدادنا لم يظهر ما بداخله من ضيق وتبسم فى هدوء ونظر لحفيده نظرة حصرة وألم خوفاً على مستقبل جيل كامل، وقال لحفيده جدك عليه رحمة الله كان معلماً محترما كباقى معلمى جيله، كان إيمانه برسالة العلم لا تختلف عن إيمان الطبيب برسالة الطب ولا الضابط برسالة الأمن، كان كل شخص فيهم يعلم قيمة عمل الآخر، كان كل منهم يعشق عمله، كان كل شخص فيهم له هيبته، وكان يعرف دوره.

 كان جدك يعود من عمله ليقف كثيراً ليضع بدلته على الشماعة حتى لا تكون بها عيب والقميص الأبيض زاهى اللون ورابطة العنق لها مكانها وألوانها بألوان المناسبات، الأحمر للأفراح والأسود للعزاء، أما عن الحّذاء فكانت لمعته هى بوابة الخروج من المنزل، ونظر للطفل البرئ الذى لم يرى هذا النموذج، وبخبرته عرف أين هو شارد؟، ولكنه بسرعة لحقه بسؤال عارف جدو إسماعيل إللى فوق ده كان دكتور كبير ولما كان حد بيتعب عندنا كان بيعدى علينا قبل ذهابه للمستشفى ويطمئن ويطمنا، وعند عودته كان بيعدى علينا ليطمئن على المريض وساعات كتير كان يجيب علبة دواء معاه ويقولنا اعطوه من ده 3 مرات فى اليوم، وكان معانا عمو محمد ده كان ضابط فى القسم وكنا نتجمع كلنا بعد الصلاه وبالليل ننزل مع بعض ولكنه استشهد فى مطاردة مع مجرمين فى الأراضى الزراعية وأحمد صاحبك ده يبقى هو جده ولما نروح البيت حفرجك صوره وعارف طنط انشراح ابنها كان جندى استشهد فى حرب أكتوبر، وكنت بذاكر له وهو فى ثانوى.

 ولكن نظر الجد للحفيد فى حسرة لم نعلم أجيالكم أن يكون المعلم لصاً ولا الطبيب جزاراً وسارقا للأعضاء ولا المهندس سارقاً للأسمنت والحديد ولا الضابط قاتلاً ومعذباً، ولكن نظر ثانية للحفيد هناك خطأ حدث هناك خلل لو عالجناه ستعود الحياة كما كانت، فهناك فرق بين الطبيعة وبين الظروف وبين الأخطاء.

 وبدأ الصغير يتململ فهو لا يفهم شيئا، ولكن الجد يعرف أنه يحفر فى ذاكرته تاريخ أجداده الذى ينساه الكثيرون، نسوا جميعا من كان يزرع القطن قبل الثورة "الذهب الأبيض"، وتناسوا من بنى مصانع الحديد والصلب والكارثة أنهم لا يتذكرون من دافعوا عن أرضهم وعرضهم فى أعظم حروب العالم "حرب السادس من أكتوبر ـ العاشر من رمضان" صمم يا ولدى اجدادك على العبور وهم صائمون لا يتذكرون متى آخر مرة تناولوا فيها طعامهم، كان بينهم المدرس والطبيب والمهندس والضابط والعامل والحلاق والموظف، لم يسرقوا شيئا لأن الهدف كان أسمى من أى شىء.

هؤلاء هم أجدادكم العظماء من يشوههم فهو المشوه ومن يشوهكم فالعيب فيه، لا يوجد زرع بدون بذرة ولا تنبت البذرة بدون رى ولن تكون ثمرة جيدة بدون مراعاتها، ازرعوا وارووا الزرع وتابعه سيكون حصادك رائعاً، البيئة النظيفة رائحتها مسك والبيئة الرديئة رائحتها نتنة، وفى نظرة من الطفل لا تتفهم المعانى هناك دمعة فى عين الجد لا يستطيع أن يداريها، وجعلها تسقط لتروى هذه الأرض بدموع تتباكى ليس على تاريخ صنعوه فهم ماضى، ولكن على مستقبل أحفاد لم نستطيع أن نحافظ لهم على تاريخ عظيم، وهنا اتكأ الجد على عصاه فلم يعد قادراً على المشى، وقال لحفيده قدماك الآن أقوى منى فالأمانة بين يديك إذا لم تستطع أن تغير القادم فاحكى لأبنائك أن أجدادهم كانوا عظماء.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة