أكرم القصاص - علا الشافعي

يوسف إسحق يكتب: متى تنتهى شخصية "أبو العريف" من حياتنا؟

الأربعاء، 23 أغسطس 2017 12:00 ص
يوسف إسحق يكتب: متى تنتهى شخصية "أبو العريف" من حياتنا؟ ورقة ولقلم أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سلوك مُشين يفسد علينا كثيرا من الأمور، وأحياناً يصل بِنَا لكارثة حقيقية، ولا سيما إن تعلق الأمر بأرواح البشر، ألا وهو ادعاء المعرفة. 
كثير من الناس يمنعهم تعاليهم أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون، فتدفعهم ألمعيتهم وكبريائهم وتباهيهم بالتظاهر بالمعرفة، والإفتاء فى أى أمر يمر عليهم، حتى وإن مر عليهم مرور السائلين، ويظن البعض أن كلمة لا أعلم تقلل من مكانتهم وقدرهم فيغالون فى القول عن عدم معرفة .
دعنا نتفق أن عدم العلم بشىء ليس بالجهل المطلق الذى نستحى منه، فأنت بالفعل تعلم ما لا يعلمه غيرك، وغيرك أيضا يعلم ما لا تعلمه انت، فهذا امر طبيعى، كما قال الكاتب البرازيلى "بالو فريري" 
لا أحد يعرف كل شىء 
لا أحد يجهل كل شىء 
كل منا لديه ما يعطيه 
لا يتعلم أحد بمفرده 
الناس يتعلمون معاً 
انه لمن سبيل الأمانة فى القول أن تعترف بعدم معرفتك إذا سئلت، واعترافك بذلك هو سبيل آخر للاتضاع والاحترام والرقى  
نحن نطمس الحقيقة عندما ندعى المعرفة، انه كذب من نوع آخر، وإنه لصمت مقدس اذا أومأت برأسك مشيرا بعدم معرفتك
 
ستجد فى طريقك شخص يٓدعى انه يمتلك القدرة على إصلاح طرابيزة السفرة ودائرة السخان الكهربائى، وصنبور المطبخ ومكوك الفضاء ديسكفري، ويستطيع القيام بعملية قيصرية لو تسنى له ذلك، ليحتال على أرزاق الغير، طامعاً فى كل ما يصادفه، ليفسد ما يمكن إصلاحه، لعدم ايماننا نحن بالتخصص، او لدفع تكلفة أقل، فنحن أيضا نشاركه الخطأ أحياناً.
ويخيب ظنك فى معلم يخشى على مكانته العلمية بين طلابه حين يسأله احدهم فى امر يتعلق بما يُعلمه، او أمر آخر، حينئذ يفتى بغير علم، ويختار إجابة من بين إجابتين بطريقة "حادى بادي" حرصا منه على كرامته " اذ يقول محدثاً نفسه كيف لمعلم لا يعلم، سألقيها ولعلها تكون اجابة صحيحة، ولو ادرك انه من حراس العلم لرجع عن فعلته سريعاً، ولو أرجأ الاجابة لوقت آخر ليتأكد من صحتها لسوف يُدعى عظيماً، أن جلال المعرفة يتجلى فى اُسلوب عرضها ولسوف تساعدك فى طرحها أن كانت صحيحة دون تردد، وسوف تفضحك أن كانت خاطئة ولو بعد حين .
 كم من طبيب ادعى انه محترف فى تخصص ما، رغم أن تخصصه بعيدا كل البعد عن ذلك التخصص الذى يدعيه ويداعبك بقوله .
" سيبلى نفسك خالص انا عارف بعمل ايه وعارف بديلك ايه" ولعل ذلك من أخطر الامور، اذا أن الامر يتعلق بأجسادنا وارواحنا و "جيوبنا" أيضا، لتستريح بعدها للأبد. 
 كم ضللنا الطريق وضاع الوقت بوصفة الأراجوز عندما وصف للعمدة طريق المتولى فى الليلة الكبيرة، " تدخل يمينك وشمالك، شارعين وفى التالت تكسر، وتخُش من مطرح ما طلعت، وتمشى على طول تتمخطر " لتردد مع العمدة دى وصفة هايلة وتدخل فى حارة سد وتلعنه اذ ضللك الطريق .
اتساءل هل نحن طرفا فيما يحدث فينا، فمنا كثيرا يتهمون غيرهم بالجهل، فقد نلتقى بهم مصادفة فيخشوا أن نكرر اتهامنا لهم، فٓيدعون المعرفة، ويثأرون لأنفسهم بتضليلنا، قد يكون ؟!
لعلها دعوة لنا للبحث والفضول الجيد للمعرفة، ولا نكتفى بأن صحة المعلومة لا تقاس بتكرارها ورواجها بين الناس . 
ان كلمه لا أعلم ليست سُبة أو نقيصة بل قولها رحمة، اذ أن الله يرحم من علم قدر نفسه ولا نستحى أن كنّا لا نعلم . 
فلنقل مع ابى نواس
 " قل لمن يدعى فى العلم فلسفة، حفظت شيئا، وغابت عنك أشياءُ".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة