أكرم القصاص - علا الشافعي

إسماعيل الخيـط يكتب: صلاحية الأفكار

الأربعاء، 26 يوليو 2017 04:00 م
إسماعيل الخيـط يكتب: صلاحية الأفكار صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من منا لم يذهب ذات مرة إلى السوبر ماركت؛ ليقوم بشراء حاجياته ومستلزماته لاستهلاكه وذويه تلك المهمة المرهقة أسبوعيًا أو شهريًا، وبينما هو بصدد عملية اتخاذ قرار شراء سلعة ما، فإذ به يقرأ تاريخ صلاحية ما يشتريه من منتجات كإجراء سابق لقرار الشراء وذلك متوقف على درجة وعيه. هذا، وبعد الرحلة الشيقة داخل أجنحة السوبر ماركت نريد أن نسقط المفهوم سابق التعريف – الصلاحية - على الأفكار، فما هى الأفكار وما أنواعها؟، وما ضروراتها وجدواها للفرد والمجتمع؟، وما جرعتها ومرجعيتها؟، وما النتائج المترتبة حال غيابها أو تغييبه ؟، وبالمثل ما يترتب حال تدفقها بكثرة وعنفوان كالإعصار؟ ما سبق من أسئلة كثيرة سوف نحاول تفكيكها وتبسيط الإجابة عليها من خلال السرد المنهجى الآتى:
 
أنواع الأفكار.. يتوقف قرار شراء سلعة فى الوصف السابق على متغيرات عدة أهمها: كميتها وفترة استهلاكها، سعرها.. إلخ، وهذا المفهوم تطور ليشمل الخدمة فيما بعد؛ نظرًا لأن المنتج أسبق من الخدمة وجودًا، ونضج مؤخرًا ليشمل الأفكار. فالفكرة تخدم زمان ومكان معينين، فإذا زال أحدهما أصبحت ميتة، ودعونا نتطرق لتعريف الأفكار وتصنيفها.
 الأفكار.. كما يشرحها الفيلسوف الجزائرى مالك بن نبى هى الحقائق فى إطارها الكلى، وتنقسم إلى: الأفكار الميتة وتعرف بأنها "فكرة خذلت أصولها وانحرفت عن نموذجها المثالى ولم يعد لها جذور فى محيط ثقافتها الأصلي، والفكرة المُمِيتة "هى فكرة فقدت شخصيتها وقيمتها الثقافية بعد أن فقدت جذورها التى ظلت فى مكانها فى عالمها الثقافى الأصلي"..
 
صوبة الأفكار... عندما نريد زراعة محصول شتوى فى موسم صيفى لاحتياج السوق الاستهلاكى له صيفًا فنزرعه فى صوبة بلاستيكية؛ بدرجات معينة من الرطوبة والحرارة والضوء وكافة الظروف الملائمة للمحصول، ونفس الشىء بالنسبة للأفكار عندما يصعب نشر أفكار معينة فى وسط اجتماعى ما يتم تخليقها كأفكار جنينية ( بذور) أفكار فى صوبة، تضمن لها مستوى معين من النمو فى وسط محدود بظروف تضمن الحدود المثلى من التكيف، وبعد ذلك تُطرح للاستهلاك أو للإهلاك... ويؤخذ فى الاعتبار أنه فى حالة المثال الأول – محصول الصوبة - تكون الانتاجية منخفضة ومرتفعة التكلفة فى آن واحد، وبالتبعية فإن السعر للمستهلك يكون عالى جدًا هذا فى أحسن الأحوال، أما فى أسوأها يكون فشل المحصول . أما المثال على مستوى الأفكار فتكون النتيجة فى حدها الأعلى "فكرة ميتة" وفى حدها الأدنى "فكرة مميتة" قاتلة سبق سرد تعريفهما .
 
لاستيضاح تصنيف الأفكار يمكن تشبيه الفكرة الميتة بجرعة الدواء منتهى الصلاحية قد لا يضرك نعم بل إنه حتمًا لا ينفعك. أما الفكرة المميتة (القاتلة) أشبه بالجرعة الزائدة من دواء خطير فهى إذن أخَذت شكل جرعة السُم القاتل، بالمناسبة فكرة الخلافة المزعومة أستطيع وضعها فى تصنيف الأفكار الميتة . 
فقر الأفكار.. مشكلة تخلف المجتمعات مشكلة أفكار فى المقام الأول، ففى المجتمع المتخلف ليس شرطًا لتخلُفه كونه فقيرًا.. بل هو فقير لكونه مُتخلفًا...فهو بهذا لا يعانى من نقص – فقر- فى أشيائه (أدواته) إنما يعانيه مدقعا فى أفكاره، وما يعزز استدامة هذا الفقر السقوط فى هوة الاستهلاك لما يعجبه وليس لما يحتاجه، وهذا ينطبق على الأفراد والمجتمعات على حد سواء .
 
صلاحية الأفكار.. أعنى بالصلاحية تمركز الأفكار فى الزمان والمكان واستدامتها وتجددها معهم، ليتم استيلاد الأفكار النافعة وتعقيم أمهات الأفكار الضارة (الميتة والمميته)؛ كى لا تنجب صغارًا يزعجونا مستقبًلا، وقد تكون الفكرة الميتة حية فى مكان آخر – نقاط الارتكاز لتنظيم داعش الإرهابى تغيرت – لأنه تم القضاء عليها فى هذا المكان، والفكرة المميتة فى زمان قد تكون عنصر حياة فى زمان آخر – تطور المضادات الحيوية وتعرُف العلم تدريجيًا على الجرعة المثلى وفق الحالات المرضية التى تستدعيها. النسبية تسيطر على كل شىء ويجب علينا التفكير فى النسبى بما هو نسبى حسب توصيف الفيلسوف المصرى د . مراد وهبة .
 
جسر الأفكار...حسب نظرية مالك بن نبى حول العوالم الثالث (الأشياء، الأشخاص، الأفكار)، يكون عالم الأشخاص بمثابة الجسر الذى ينقل المجتمع من عالم الأشياء إلى عالم الأفكار، وغالبًا ما يتشكل عالم الأشخاص من النُخب المثقفة الواعية. وهنا لنا وقفة فإذ لم يتشكل عالم الأشخاص على نحو منهجى سليم – أى إذا لم يتم التأكد من صلاحية الأشخاص القائمين بدور الجسر- قد تلتصق فكرة ما أو توجه بشخص ما تنجح بنجاحه وتفشل بفشله، ويتم ربط صلاحية الفكرة أو فسادها بالشخص، وهذا ما يؤكده لنا الواقع، فقد يذهب المدير أو الوزير وتذهب أفكاره معه كلية أو مجتزئة، ويأتى آخر ليبدأ من الصفر على أنقاض فكر سابقيه... وبهذا ضمان ألا نبارح منطقة الصفر الهادئة ؟! وقد تخلق النخبة تابعيها المستعدين للتضحية بحياتهم من أجل تلك الرموز بغض النظر عن أفكارهم، فالشخص قابل للفساد والإفساد والتفاوض معه حول تَبنى أفكار أو التنازل عن أخرى. أما الأفكار غير قابلة للتفاوض معها فهى ثابتة نسبيا؛ لأنها حقائق أن كُذبت اليوم ستظهر براءتها غدًا أو بعد غد وهذا فى إطار نسبيتها. وحال تبِع الشعب أفكار النخبة فالشعب يسهُل تعليمه فهو لديه قابلية مضطردة للتعليم بل للتعلُم، أما النخبة فجراحها عميقة وجهلها صعب علاجه كجراح الشعب السطحية فهُم – أقصد النخبة – أهل عند ومكابرة وأكثر مقاومة للتغيير من خلال إحلال الثابت بالمتغير والعكس عبر جسور التعليم والتعلُم، ففرد النخبه لا يسمع نصيحة ولا يرى ناصح إلا ما رحم ربى .
 
وأخيرًا... ينبغى للأفكار أن تكون أرضية لا سقف؛ حتى لا نحددها فتحددنا وتهددنا.
 
الخلاصة.. "من أدلة الرخاء فى بلد أن تجد زحاماً شديداً فى المكتبات وطوابير على أبواب المسارح، فهذه أشياء لا يفكر فيها الناس إلا بعد أن يشبعوا" د. مصطفى محمود .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة