أكرم القصاص - علا الشافعي

جيلان جبر

ارتفاع فى درجات حرارة الأحداث الصيفية

الخميس، 29 يونيو 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دنيس روس، سفير ومفاوض أمريكى سابق معروف فى الشرق الأوسط، كتب مقالًا نشرته مجلة «بوليتيكو» تحت عنوان «ترامب يسير على مسار تصادمى مع إيران»، استهله قائلًا إن الشرق الأوسط لم يكن أكثر إثارة للحيرة مما هو عليه الآن، إذ تبيع الولايات المتحدة طائرات مقاتلة إلى قطر التى يتهمها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب برعاية الإرهاب! وتعتمد الولايات المتحدة فى سوريا على مقاتلين أكراد تعتبرهم تركيا، وهى عضو فى حلف شمال الأطلسى وتتحالف بشكل وثيق مع قطر، إرهابيين، وتدعم جهودهم للاستيلاء على الرقة، عاصمة تنظيم «داعش»، عن طريق غارات جوية تشنها من قاعدة أمريكية ضخمة تقع خارج الدوحة. كما تتهم الولايات المتحدة روسيا بالتواطؤ فى الهجمات الكيميائية التى تشنها الحكومة السورية على شعبها، وتضرب القوات السورية، لكنها تأمل فى التعاون مع موسكو لمحاربة «داعش». وفى خضم هذه الحيرة، تمضى إيران قُدمًا نحو تعزيز قبضتها على سوريا، حتى بينما يحارب ترامب «داعش» هناك. وللأسف، إذا لم تتمكن إدارة ترامب من القيام بمزيد من الجهود لمواجهة التحركات الإيرانية فى سوريا، فلن تتمكن على الأرجح من تدمير «داعش»، والحيلولة دون عودته، إذ تستخدم إيران ميليشياتها الشيعية لمكافحة «داعش»، وتحدى الجهود الأمريكية لتدريب القوات المحلية فى جنوب شرق سوريا، كما يتضح فى هجوم الطائرة بلا طيار الإيرانية الصنع على منطقة «التنف» الأسبوع الماضى، حيث تدير القوات الخاصة الأمريكية برامج تدريب. وأشار بيان البيت الأبيض بعد الهجوم إلى أن الولايات المتحدة احتفظت بوجودها فى «التنف» طيلة العام الماضى، وأن هذا الموقع كان جزءًا من التفاهم مع الروس بشأن نزع فتيل الصراع، لكن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران فى سوريا قد تحركت ضد هذه المنطقة، وأطلقت النار على الأمريكيين على أى حال.
 
ويوضح الكاتب أن إيران تسعى بنشاط إلى إقامة ممر برى عبر العراق وسوريا إلى لبنان، وتضغط إيران من أجل تحقيق هذه الغاية من داخل العراق وسوريا، وذلك باستخدام ميليشيات شيعية على جانبى الحدود.
 
وعلى الجانب العراقى، تمكنت الميليشيات الشيعية من طرد «داعش» بشكل كبير من المعابر الحدودية، وداخل سوريا أرسلت إيران قوات كبيرة من «حزب الله» شرقًا إلى دير الزور، وهى مدينة سورية رئيسية على طول نهر الفرات. وفى ظل الجهود الجارية التى تدعمها الولايات المتحدة لتحرير الرقة، تريد إيران منع أى جماعات مدعومة من الولايات المتحدة من ترسيخ وجودها فى شرق سوريا، وهو ما يمكن أن يحول دون الهدف الإيرانى، المتمثل فى السيطرة على الحدود السورية مع العراق والأردن.
 
ويشير الكاتب إلى أن موقف إدارة ترامب لم يكن سلبيًا فى وجه التحركات المدعومة من إيران، للتوسع فى المناطق التى تنتشر فيها القوات الخاصة الأمريكية، حيث إنها قصفت يوم 18 مايو قافلة تابعة لميليشيات مدعومة من إيران، ثم دمرت طائرة بلا طيار أطلقت النار على القوات الأمريكية يوم 8 يونيو. لكن من الجدير بالذكر أن بيان البيت الأبيض الذى أعلن تدمير الطائرة الإيرانية الصنع أوضح أن التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة «لا يسعى إلى محاربة القوات الموالية للأسد، لكنه سيدافع عن نفسه ضد تلك القوات إذا تحركت نحو منطقة محظورة معترف بها».
 
وتتلخص رسالة البيت الأبيض فى أن أولوية واشنطن هى محاربة «داعش»، وليس محاربة إيران ولا عملائها من الميليشيات الشيعية أو نظام الأسد. ويوضح الكاتب أن الإدارة تريد مواصلة التركيز على «داعش»، وتجنب التورط فى صراع مع الإيرانيين أو الروس، ولكنها تحتاج أيضًا إلى بث رسالة أخرى، هى أنها لن ترضخ لجهود إيران لإنشاء جسر برى عبر بلاد الشام. وبصرف النظر عن العواقب الاستراتيجية الأوسع نطاقًا التى قد تحل على المنطقة نتيجة هذا الممر، يجب على الإدارة النظر أيضًا فى الأثر الذى سيتركه على هدفها المتمثل فى القضاء على «داعش»، إذ ستخضع استراتيجية ترامب المناهضة لتنظيم «داعش» للاختبار، عندما تهزم القوات التى تدعمها الولايات المتحدة «داعش» فى الرقة. ويعزو ذلك إلى أن الولايات المتحدة تتحالف مع القوات الكردية، المعروفة باسم «وحدات حماية الشعب»، التى ثبت أنها القوة الأكثر فعالية ضد «داعش»، لكنها تحتفظ أيضًا بعلاقات مع نظام الأسد الذى يتحكم فى قدرتها على الوصول إلى المناطق الكردية الأخرى فى شمال سورية، التى تأمل «وحدات حماية الشعب» أن تصبح جزءًا من إقليم كردى مستقل، ومن ثم هناك خطورة بأن تسلم «وحدات حماية الشعب» الرقة إلى قوات الأسد فور تحريرها. وإذا عاد نظام الأسد وميليشياته الطائفية إلى الرقة، فمن المؤكد أن قمع السنة الذى أنتج «داعش» فى المقام الأول سيُمارس من جديد، ولذلك يحتاج فريق ترامب إلى التركيز على ما سيأتى بعد «داعش» فى الرقة، إذ يجب أنه تعدّ الولايات المتحدة خطة حول إعادة الإعمار والأمن والحكم وإدماج السنة بمجرد خروج «داعش»، مع الضغط من أجل تنفيذها. ويتعين على السعوديين والإماراتيين وعرب الخليج الآخرين القيام بدور رائد فى هذا الصدد، إذ يمكنهم تقديم المساعدة اللازمة لإعادة الإعمار والحكم، مع تقويض أيديولوجية «داعش» الملتوية، ولكن الخلافات المريرة الحالية فى منطقة الخليج ستعقد هذه الجهود، إذ يركز السعوديون والإماراتيون فى الوقت الراهن على حصارهما المفروض على قطر، وليس على سوريا، ويرون أن قطر تتبع نهجًا مزدوجًًا من خلال استضافة قاعدة «العديد» الجوية الأمريكية، بينما توفر دعمًا ماديًا ومنصة إعلامية عبر قناة الجزيرة الفضائية لجماعة الإخوان، وحركة حماس، وجماعات إسلامية أخرى، بعضها يتبع تنظيم «القاعدة». وتشعر قطر بوطأة المقاطعة، لكن تركيا تزودها بإمدادات لتخفيف الضغط، ونتيجة لذلك تسهم تركيا فى تعميق الفجوة بين الدول السنية، وهو آخر ما تحتاجه الحملة المناهضة لـ«داعش» وإيران.
 
ويرى الكاتب أن وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، يحتاجان إلى إقناع السعوديين بالمساعدة فى تشكيل واقع ما بعد تحرير الرقة والموصل، وإقناع الأتراك للعمل معًا وليس ضد التحالف المناهض لـ«داعش». أما بالنسبة للسعوديين والإماراتيين، فإن معرفة أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع الدعم القطرى للجماعات الإسلامية ستكون مفتاح إقناعهم بالتركيز على «داعش»، ولإقناع تركيا بأن تغدو جزءًا من الجهد المشترك، والكف عن تقسيم القوات السنية، سيتعين على «تيلرسون» و«ماتيس» أيضًا أن يعالجا قلق الرئيس رجب طيب أردوغان من التهديد الذى يشكله نمو وجود وحدات «حماية الشعب الكردية» بالقرب من الحدود التركية، موضحان أن الولايات المتحدة لن تسمح لهم بالبقاء فى الرقة ولا بجلب الأسد والإيرانيين إلى المدينة، ويجب أن تتحمل القوات العربية المحلية مسؤولية الحكم فى أعقاب هزيمة «داعش» فى الرقة. ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أنه فى هذا المشهد المحير يجب ألا تدع الإدارة الأمريكية مجالًا للشك فى أهدافها وأولوياتها، وإلا فقد توسع إيران نطاق نفوذها فى سوريا، وقد يظهر تنظيم آخر يخلف «داعش» بمرور الوقت، وسوف تواصل قطر اتباع نهجها المزدوج؟!
 
وهنا يتضح أمامنا مدى التنسيق والتفاهم الأمريكى الروسى المتوقع لتقسيم النفوذ فى المرحلة المقبلة، والمقايضات بين تركيا وقطر، والمفاوضات من تحت الطاولة مع إيران، وتبقى إسرائيل خلف الستار ترتب أوراقها قبل مؤتمر السلام المحتمل بعد التصعيد المنتظر فى هذا الصيف الساخن الذى تواكبه حرارة الأحداث السياسية.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

ارتفاع حرارة الاحداث

الأمور متشابكه والمصالح متناقضه ولكن مهما ارتفعت حرارة الأحداث ستبقى التكييفات العربيه شغاله ولن تهتز .. ماما امريكا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة