أكرم القصاص - علا الشافعي

كرم جبر

«الجماعة».. الأحداث المنسية!

الإثنين، 19 يونيو 2017 07:16 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جمال عبدالناصر لم يكن إخوانيا، وكان بالغ القسوة فى الرد عليهم، الذى أعادهم للحياة هو الرئيس السادات، وكان ينوى ذلك وهو نائب الرئيس، وعقد العزم على أن يكونوا رجاله وأنصاره، فى سنوات حكم عبدالناصر الأخيرة، وبدأت الصفقة الكبرى أثناء سفر عبدالناصر للعلاج فى موسكو قبل رحيله، واختار السادات اثنين من قيادات الإخوان، لأحياء الجماعة، وهما محمد عثمان إسماعيل فى أسيوط، ومحمود جامع فى طنطا.
 
اعرف الاثنين جيدا، باعتبار الأول، رحمه الله، بلدياتى، والثانى، محمود جامع، أجريت معه حوارات فى منتصف التسعينات أخذت شكل المذكرات، وكنت أذهب إليه فى طنطا أسبوعيا، وقال لى: إن السادات زاره فى منزله بطنطا قبل وفاة عبدالناصر بشهور، وكلفه بإعادة أحياء جماعة الإخوان فى وجه بحرى، ولما عاد عبدالناصر من موسكو أبلغه محافظ الإقليم فى ذلك الوقت وجيه أباظة بالزيارة السرية، ولكن ناصر لم يحرك ساكنا، بسبب آلام المرض وأوجاع العروبة.
وفى أسيوط أكمل المهمة محمد عثمان إسماعيل، أمين عام الاتحاد الاشتراكى بالمحافظة فى ذلك الوقت، وفور وفاة عبدالناصر وتولى السادات، بدأت عملية تطهير جامعة أسيوط من الناصريين والشيوعيين فى معقلهم الأكبر، وساعد فى ذلك سيد مرعى أمين عام الاتحاد الاشتراكى على مستوى الجمهورية، ونجح شباب الإخوان فى السيطرة على الجامعة، وكانت تلك هى النشأة الأولى للجماعة الإسلامية التى حلت محل الجناح العسكرى للإخوان.. وخطوة خطوة انتقلت السطوة من مواجهة «المنكر»، باللسان والموعظة الحسنة، إلى الشوم والعصى والخناجر والجنازير، وغضت الدولة الطرف طالما «هم» مخالبها وأنيابها، فى مواجهة الشيوعيين والناصريين، ألد أعداء السادات.
 
وبدأ الصدام العنيف يخرج من أسوار الجامعة إلى الشوارع، فى مظاهرات إخوانية حاشدة، تهاجم السادات بعنف لقبوله استضافة شاه إيران محمد رضا بهلوى، بعد أن تنكرت له الدنيا وتخلت عنه حليفته الكبرى أمريكا، وتركته يهيم وأسرته بطائرته فى الجو، بعد أن رفضت كل دول العالم استقباله، وكان الشاه شديد العداء لمصر والحليف الاستراتيجى لإسرائيل، ولكن السادات كان معجبا به ووطد صداقته معه فور توليه الحكم.. ومن الشاه إلى الهجوم على السادات بعد كامب ديفيد، وإشعال الفتن الطائفية وأضخمها الزاوية الحمراء استهدافه شخصيا، واكتشف السادات أنه «غلطان» وقال ذلك فى خطاب علنى، شن فيه هجوم غير مسبوق على الإخوان، وحملهم مسؤولية كل المؤامرات التى تحاك ضد مصر، ولكن بعد فوات الأوان وانتهت العلاقة بالدم والرصاص فى المنصة.
 
الدروس المستفادة: إن من يحضر عفريتا ليس بالضرورة يكون قادرا على صرفه.. وإذا ربيت وحشا للقضاء على خصومك، فلن تضمن إلا ينقض عليك.. وفى اختلاط الدين بالسياسة والسياسة بالدين مفسدة للاثنين.. ولا تعطى الفرصة لخصومك أن يتكتلوا جميعا ضدك.. وكلها أخطاء وقع فيها السادات ودفع ثمنها الوطن كله، ووقفت عناية الله بجوار المصريين بعد اغتيال السادات، ولم تسقط مصر.
 
ولُدغنا من نفس الجحر بعد 25 يناير، وارتدى الوحش ثياب الواعظين، وظل يمسح ذاكرة الناس، بزجاجات الزيت وأكياس السكر والأرز والبلح و«المسكنة»، وأسطوانه «دول ناس طيبين ما نجربهم»، وجربناهم دون دموع التماسيح.
 
فى الأزمات تأتلف القلوب وتتحد المشاعر، إلا الإخوان يسعدون للمصائب والكوارث والأزمات، ففى استحكام حلقاتها فرج لهم، وفى اشتعال حرائقها تدفئة لمؤامراتهم، ولكن الذاكرة الوطنية تعانى داء النسيان.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة