أكرم القصاص - علا الشافعي

4 تجارب صنعت نجم السيد ياسين.. الفلسفة والإخوان والقانون وعلم الاجتماع

الأحد، 19 مارس 2017 01:25 م
4 تجارب صنعت نجم السيد ياسين.. الفلسفة والإخوان والقانون وعلم الاجتماع السيد ياسين
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الإنسان ابن التجربة.. ليست شعارًا نردده للتحفيز على خوض تجربة من تجارب الحياة المتعددة، هكذا يمكننا أن نرى السيد ياسين، الإنسان الذى فتح نوافذ بيته – عقله وروحه - لكى تهب عليه رياح الثقافات بشرط أن لا تقتلعه من جذورى، كما كان يقول "مهاتما غاندى" الزعيم الروحى للهند.

 

كانت الفلسفة هى أول النوافذ، التى فتح السيد ياسين نافذتها، لتغير حياته رأسًا على عقب، فلم يكن يعلم وهو يفتح كتاب "مغامرات فكرية" للفيلسوف الإنجليزى ألفريد نورث وايتهيد، عالم الرياضيات "15 فبراير 1861- 30 ديسمبر 1947"، بأنه سيكون صاحب الأثر الأكبر عليه فى حياته، ليجعل من كتابه هذا، قرآنًا وإنجيلاً خاصًا به طيلة حياته، كما كان يقول.

 

وإذا كانت الفلسفة هى صاحبة أول تغيير وأثر على المفكر الكبير الراحل السيد ياسين، فإن جماعة الإخوان المسلمين، فى منتصف القرن الماضي، كان لها أثر عليه شخصيته، فعندما انضم إليها، وتم ترشيحه ليكون دارسًا فى مدرسة الدعاة بمحرم بك، تعلم القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه والسيرة، المذاهب السياسية المعاصرة، كما تتلمذ على يد الشيخ مصطفى الشمارقة، والذى كان يقرأ له مناهج كلية الآداب مع تلامذة آخرين للشيخ الأزهرى الضرير، وكان لهذه التجربة أثر مختلف أضاف لشخصية السيد ياسين، والذى يمكننا أن نراه ونحن نقرأ هذه السطور، كالسائر فى طريق كلما تقدم خطوة اكتسب شيئًا جديدًا لما سيكون عليه فيما بعد، فقد كانت التجارب بالنسبة له، مرحلة تأهيل ليصنع نجمه بنفسه وبفكره ووعيه، فمدرسة الدعاة، غيرته بالكامل –كما قال- "من صبى خجول منطوٍ يقبع بالساعات فى غرفة منفردة لكى يقرأ، إلى صبى يتسم بشخصية انبساطية لديه القدرة على مواجهة الجماهير فى صلاة الجمعة من كل أسبوع"، وهو الأمر الذى وصفه بعد خروجه من الجماعة بـ"التدريب المبكر على الخطابة"، هذا التدريب وجد أثره الإيجابى فى شخصيته حينما أصبح باحثًا يقوم بإلقاء "البحوث فى المؤتمرات العلمية أو محاضرًا فى جامعة القاهرة والجامعة الأمريكية بالقاهرة".

 

وشيئًا فشيئًا كان السيد ياسين، لا يزال مؤمنًا فى داخله بضرورة فتح النوافذ، فحينما أعلنت مؤسسة الأهرام، فى عام 1957، عن حاجة المعهد القومى للبحوث الجنائية -المركز القومى للبحوث حاليًا- إلى باحثين مساعدين من خريجى الحقوق، كان السيد ياسين واحدًا من ضمن ثلاثة تم قبولهم من أصل 300 شخص تقدم لنفس الوظيفة.

 

ولأنه أيضًا مازال يبحث عن اللغز الكامن فى شخصيته، وما تضيفه التجارب إليه من خبرات ورؤى، فقد ترك السيد ياسين المركز القومى للبحوث بعدما أمضى فيه 18 عامًا، ليصبح مديرًا لمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية فى مؤسسة الأهرام عام 1975.

 

كان السيد ياسين يدرك جيدًا أن يصعد سلمه ليصل إلى نجمه، فبعدما درس القانون الفرنسى فى باريس، وتعمق فى علم الاجتماع الأدبى والسياسى، شعر بأن التجربة ليست مجدية، أو أن الهدف منها لم يكن كما يتوقع، فقرر ترك القانون لأنه «ليس من المعقول أن يضيع باحث مثلى ثلاث سنوات من عمره يتعقب أحكام محكمة النقض»، كما قال.

 

وفى عام 1967 عام النكسة، عكف السيد ياسين على دراسة المجتمع الإسرائيلي، لينضم إلى مركز الدراسات الفلسطينية والصهيونية فى مؤسسة الأهرام، لكن الأستاذ الراحل محمد حسنين هيكل، قرر حينذاك تحويل المعهد إلى مركز للدراسات السياسية والإستراتيجية، ليتجه السيد ياسين إلى البحث فى مناهج ونظريات البحوث الإستراتيجية.

 

حياة حافلة بالتجارب خبرها وأدرك مغزاها عن قرب، ومن المؤكد أنها ليست كما نتتبعها نحن الآن، فى يوم رحيله، بعد رحلة طويلة من المرض، حياة جديرة بالتأمل، لم يكن يسع فيها إلى شغل المناصب بقدر ما كان باحثًا عن نفسه أولاً وأخيرًا.

 

وقبل رحيله كان السيد ياسين عضوًا فى لجنة الدراسات الاجتماعية بالمجلس الأعلى للثقافة، وحصل على الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية عام 1996، وكذلك وسام الاستحقاق الأردنى من الطبقة الأولى عام 1992، ووسام العلوم والفنون والآداب عام 1995.1

 

وكان آخر ظهور للسيد ياسين، قبل أن يقضى أيامه الأخيرة فى المستشفي، فى صالون الأهرام الثقافى الشهري، حيث أكد خلال الندوة التى عقدت فى السابع والعشرين من ديسمبر 2016، على أنه لا بد أن نلتفت إلى ضرورة تبسيط العلوم فى ظل ما يحدث فى عصر العولمة، أو ما بعد العولمة، لو أردنا الدقة، وأن علينا أن نسأل أنفسنا ما هى المشكلات الدائرة على مستوى العالم، وعلى المستوى الإقليمى، وهى مسألة بالغة الأهمية، وما هو معيار المشكلات التى يتم اختيارها فى هذا الصالون.

 

وطالب السيد ياسين خلال الندوة أن نحاول الإجابة على سؤال: فى أى زمن نعيش؟، مضيفًا: لو تم سؤالى هذا السؤال لأجبت بأننا نعيش فى عصر الاضطراب العالمى، ولا بد وأن يتم الاهتمام بها، وعصر الاضطراب، وما يمكننا قوله أننا مقبولون على عصر صراع الحضارات، الصراع الثقافى، موضحًا أنه يمكننا فهم عصر الاضطراب العالمى من خلال ما يحدث فى سوريا، فلا يمكننا أن نعرف من يحارب من، مضيفا: إننا نعيش فى زمن أصبح الإرهاب فيه "فكرة طائرة فى الهواء"، مشيرًا إلى أنه من بين دلالات عصر الاضطراب العالمى، هو تفكك المجتمعات.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة