أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد حبوشه

الغبار العالق بثوب صاحبة الجلالة !

الثلاثاء، 21 فبراير 2017 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من فضلك اختر صحفيًا حقيقيًا تتوفر فيه أقصى درجات المهنية، فالمهنية تبقى من وجهة نظرى المتواضعة -على الأقل- هى المقابل الموضوعى للوطنية، ودونها لا يمكن انتشال مهنة القلم على حالتها الراهنة من براثن الفوضى والعشوائية التى نالت كثيرًا من مقام صاحبة الجلالة أمام الرأى العام، نحن بحاجة لصحفى مهنى يقف على أسباب العصر فى لحظة فاصلة من عمر الوطن تتطلب منا جهودًا مضنية أكثر من أى وقت مضى، فلم تعد الصورة الذهنية للصحفى عند الناس هو ذلك الإنسان الباحث عن المتاعب فى سبيل الحق والعدل والحرية راسخة فى ذهن الجمهور، كما كانت عليه فى عصر الفتوة المصرية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل على مستوى حجم التأثير وعلو المقام القادم على جناح سحر الكلمة وبلاغة الخطاب الفصل فى معالجة القضايا المطروحة والظواهر التى تهدد كيان المجتمع، والصحفى منها مناضل جسور فى محراب العدالة.
 
هذا رجاء خاص لكل زملاء مهنة القلم، فثمة غبار عالق بثوب صاحبة الجلالة، ونحن مقبلون الآن على انتخابات النقابة يوم الجمعة 3 مارس لاختيار النقيب والتجديد النصفى لستة أعضاء بالمجلس، ولعلنا نلحظ حالة التدنى المهنى التى تعيشها الصحافة -الورقية منها والإلكترونية على السواء- فى ظل فيض الحرية الجديدة المشبعة بالفوضى والعشوائية، كما يبدو من خلال البرامج الدعائية للغالبية العظمى من المرشحين، والتى تتسم بالركاكة وكثرة الأخطاء اللغوية وغياب العقل والوعى والمنطق فى تكرار نفس المطالب، حول الحريات والخدمات التى لم تتحقق فى أى دورة سابقة، وربما لن تتحقق فى أية دورات قادمة، طالما نعمل بروح القطيع، فلا المهنية حاكمة، ولا الظروف الاقتصادية الضاغطة التى تعيشها البلاد مواتية للمطالبة بأبسط الحقوق المزمنة.
 
 
 
يبدو لى الأمر غاية فى الخطورة فى هذه الدورة تحديدًا، بعدما زادت حدة الانتحار المهنى على صخرة صراع التيارات السياسية داخل المبنى العريق على كعكة لا تسمن ولا تغنى من جوع، فالمتابع لأداء الإعلام المصرى برمته فى اللحظة الراهنة - والصحافة منه فى القلب - سوف يلحظ حجم خروقات على المهنية والموضوعية لم يشهده التاريخ من قبل، حتى صارت تلك الخروقات بمثابة كرة من اللهب تتدحرج بسرعة لتلتهم الأخضر واليابس، حتى أصبحت تطال ثوب النقابة خط الدفاع الأخير، جراء أفعال لا توصف سوى بالصبيانية، وهو ربما أمر ناجم عن أن لكل فصيل سياسى وسائل إعلامه، أو صحفه التى يتسلح بها، والتى يحشدها بالضرورة لمصلحته الخاصة، دون مراعاة الحق العام لسائر الفصائل الأخرى فى المجتمع، يفعل ذلك الإعلام الرسمى بكفاءة، بينما تفعله القنوات والصحف الخاصة بكفاءة أكبر، والضحية فى النهاية هو الوطن والشعب الذى لا يعلم أين الحقيقة فى ظل ضياع المهنية.
 
 
 
نحن نشهد حالة ارتباك واضحة للعيان، فلا أحد يعلم أين الخطأ وأين الصواب، فالواضح جليًا أن كل يعمل لمصلحته الخاصة ولا يعلى من شأن مصر الوطن، ولا يسعنى القول بأن وسائل الإعلام وحدها هى السبب لأن مجتمعنا معتل، وهى ربما تتحدث وتقول إن هناك مشكلة ولا تجد صدرًا يتسع لها، ولكن هذا لا يمنع أن بعضها بل غالبيتها تصنع الإثارة وتبالغ أيضًا ما يزيد من مشاكل المجتمع، فمن أهم أخلاقيات العمل الصحفى والإعلامى المتعارف: (احترام حق الخصوصية - عدم انتهاك حرمة الأماكن الخاصة، أو الملكية الخاصة - عدم نشر معلومات عن حياة الإنسان الخاصة بدون موافقته - عدم استخدام أجهزة التنصت والتصوير الدقيقة - عدم البحث فى الأوراق الخاصة للشخص أو الوثائق أو ملفاته الإلكترونية بدون موافقته - عدم وضع الأشخاص تحت ضوء زائف - احترام الكرامة الإنسانية للفرد - عدم الإساءة إلى الإنسان أو سمعته - تجنب السب والقذف - تجنب ما يمكن أن يزيد معاناة الأشخاص أو آلامهم، أو يسبب لهم ضرراً مادياً أو معنوياً - احترام حق الأفراد فى الرد على ما ينشر عنهم).
 
ولاشك فى ضرورة الالتزام بتلك الأخلاقيات، وتطبيقها روحًا ونصًا، حتى نلقى بالمسئولية على الإعلاميين والصحفيين تجاه الوطن والمجتمع وأفراده من جانب، ونضمن - من جانب آخر- الحفاظ على أهمية الدور الذى تقوم به وسائل الإعلام فى التربية والتوجيه والتثقيف والتعليم وتدفق المعلومات وتشكيل الرأى العام، والحقيقة أن هذا يسهل تطبيقه على مستوى النشر الورقى الذى حظى باهتمام غالبية المرشحين على منصبى النقيب والعضوية، لكن لم يكلف أحد منهم نفسه فى ظل تمدد طوفان النشر الإلكترونى بوضع أسس عملية لكيفية السيطرة على ساحات الفضاء التخيلى "الإنترنت"، ذلك الماموث الشبكى الكبير، ذى الفضاء المعلوماتى المتناهى الضخامة الدائم الامتداد والانتشار -بحسب تعريف الراحل الكبير خبير المعلومات الدكتور نبيل على- بعدما أصبح غابة كثيفة من مراكز تبادل المعلومات التى تختزن وتستقبل وتبث جميع أنواع المعلومات فى شتى فروع المعرفة، وفى جوانب الحياة كافة من قضايا الفلسفة وأمور العقيدة إلى أحداث الرياضة ومعاملات التجارة، ومن مؤسسات غزو الفضاء وصناعة السلاح إلى معارض الفن ونوادى تذوق الموسيقى، ومن الهندسة الوراثية إلى الحرف اليدوية، ومن البريد الإلكترونى إلى البث الإعلامي، ومن المؤتمرات العلمية إلى مقاهى الدردشة وحلقات السمر، ومن صفقات بورصة نيويورك إلى مآسى المجاعات والأوبئة فى أرجاء القارة السوداء.
 
إننا فى مواجهة شرسة لم ندرك بعد حجمها، طالما تعلقنا بغبار الورق ولم نشغل أنفسنا بمستقبل مهنة تواجه تحديات عصر التكنولوجيا، اذ تغطى "الإنترنت" كل مساحة المعرفة الانسانية الآن، وإقامة علاقة بين الانسان وعالمه وأشياءه أى أنها بتعبير الدكتور نبيل على أصبحت (نافذة الإنسان، يواجه من خلالها العالم على اتساعه بحيويته المتدفقة ودينامياته الهادرة، وإشكالياته المتجددة المتشابكة والمتراكمة، إن شبكة الشبكات هذه تعيد صياغة العلاقة بين الانسان وعالمه، بين الفرد ومجتمعه، بين ثقافة المجتمع وثقافات غيره، لقد أصبحت الانترنت بكل المقاييس ساحة ثقافية، ساخنة، ووسيطا إعلاميا جديدا، ومجالا للرأى العام مغايرا تماما لما سبقه).
 
والسؤال الذى يفرض نفسه: ماذا سيفعل الصحفيون المتشدقون بحديث النشر الورقى وجعلوه جل همهم فى برامجهم الانتخابية، أمام هذا الواقع الجديد، فى ما يوصف بأنه عصر الإنترنت، بعدما أصبح لهذه الشبكة أثر كبير على واقع الإنسان اليوم، وقد اعتبرها البعض أعظم ثورة بعد الثورة الصناعية، ويقول أحد الباحثين: يشهد العالم منذ ما يزيد على ربع قرن ثورة علمية وتكنولوجية فاقت فى أهميتها وتأثيراتها ونتائجها ثورة القرن الثامن عشر الصناعية فى أوربا، هذه الثورة كان الإعلام الالكترونى والاتصال والمعلوماتية من أبرز مظاهرها، فقد أكدت العديد من الدراسات أن شبكة المعلومات العالمية هى أهم وأعظم ما أفرزته التطورات الهائلة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والتى أسهمت فى إحداث تأثير بالغ الأهمية فى ظرف زمنى قصير جدًا، لا فى بيئة وسائل الاعلام والاتصال فحسب، بل أيضا وبشكل جذرى فى جميع أنماط التعامل وأساليب التفكير والحياة.
 
 
 
 
 
 
 
صاحبة الجلالة، مهنة الصحافة، الصحافة، الصحفيين، نقابة الصحفيين
 
 
 
محمد









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة