أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

كيف ساهمت أمريكا فى استمرار إشعال الفتنة الطائفية فى مصر؟

السبت، 07 أكتوبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أواصل قراءتى للعلاقات المصرية الأمريكية فى جانبها التاريخى، وذلك استنادًا إلى «دائرة المعرفة الدولية خلال الألفية الثالثة».. يقول البعض ردا على حملات التبشير، التى طالت الأزهريين إنه لو أن مسلمًا دخل الكنيسة الكبرى فى روما أو فى لندن ليسخر بالمسيحية ويدعو للإسلام لما كان على يقين من العودة إلى حيث أتى، ولكنك أنت تقتحم الأزهر بين المسلمين لتسخر بدينهم وتعتدى على حرماتهم ثم تمضى بسلام لا يمسك سوء، ولا تخسر فيه شيئًا غير وريقاتك، التى طرحتها هنا وهناك، فما أدل هذا على حاجة الأجانب إلى الحماية، وما أدل هذا على تحفز المصريين المتعصبين للعدوان، كما تقدم النواب محمد لطيف، وعبدالحميد سعيد، وخليل أبورحاب من مجلس النواب بأسئلة لرئيس مجلس الوزراء اتفقت كلها على (مطالبة رئيس الحكومة ببيان ما اتخذته الحكومة حيال هذا الأمر الهام أو ما ستتخذه، إن لم تكن اتخذت شيئًا للآن، وهل يرى معالى وزير الأوقاف منع صرف تذاكر تبيح للأجانب دخول المساجد أو  على الأقل للمبشرين ومن ليس ثوبهم، حفظًا لكرامة الدين الإسلامى وخفًا من حدوث فتن فى المستقبل وخصوصًا أن للمسألة سابقة فى عام (1926).
 
فأجاب رئيس الوزراء أن الحكومة اهتمت بحادثة زويمر الاهتمام الجدير بها وأخذت من فورها الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذا الحادث فى المستقبل، ومنها أن وزارة الأوقاف استردت منه رخصة دخوله المعاهد الدينية الإسلامية، وقد شفع رئيس الوزراء تصريحه بكتابة اعتذار عام عن هذا الحادث.
 
وعلى الرغم من اللغط الذى نتج عن حادثة القس زويمر، إلا أنه يجب النظر  إليها على أنها حادثة فردية وتجاوز  من بعض المبشرين فى التعاطى مع القضايا التبشيرية بشكل عام والمشاعر الإسلامية بشكل خاص، ولايمكن النظر إليها على أنها تمثل ظاهرة فى تعاطى المبشرين فى مصر مع المقدسات الإسلامية (الأزهر مثلًا) وازدياد تغلغلهم حتى فى الأزهر (حادثة القس زويمر)، فإن وضع تلك المسألة فى سياقها الطبيعى مفيد لتوضيح مدى النجاح الضئيل، الذى حققته البعثة التبشيرية الأمريكية فى مصر للوصول للمسلمين والأقباط على حد سواء.
 
وفى نفس الوقت قامت ناظرة أمريكية لإحدى المدارس الإسكندرية بإلحاق صبية قاصر بمستشفى شبين القناطر وأغوت الفتاة عن أهلها وعن دينها ورفضت (الناظرة) تحت مظلة الامتيازات الأجنبية، التى تحمى هذا النشاط أن تسلم الفتاة لأهلها وأثير هذا الموضوع أيضًا فى مجلس النواب بسؤال وجهه إلى الحكومة الدكتور محجوب ثابت الذى نبه إلى أن حركات التبشير تعمل تحت ستار المدارس والمستشفيات وطلب إلى الأجانب وجوب مراعاة واجب الضيافة، وأن ترعى جمعياتهم فى مدارسهم ومستشفياتهم ما ينص عليه دستور مصر من حماية الدولة لحرية الأديان، وكان رد رئيس الوزراء (أنه بالنسبة لحادث شبين القناطر فإن أخا الصبية حصل على حكم شرعى بضمها وأن الدولة ستقوم بتنفيذ هذا الحكم بحضور مندوب القنصلية البريطانية التابعة لها المستشفى).
 
وفى نفس العام نقلت صحيفة الأهرام فى بعض أعداد شهر أكتوبر عن خطاب لإحدى المراسلات ألقته فى الاجتماع السنوى لجمعية المبشرين بالسويس تحدثت فيه عن أهمية تبشير وتعليم أبناء المصريين بتربيتهم فى مدارس الإرسالية الأمريكية أسوة بما يفعل أقباط مصر بمنع أبناء طائفتهم عن الالتحاق بهذه المدارس).
 
وفى عام 1930 وقعت حادثتان أثارتا مشكلة على درجة كبيرة من الخطورة الأولى حدثت فى شهر فبراير عندما ألقى قبطى من مذهب الروم الكاثوليك محاضرة فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة تعرض فيها للإسلام والرسول، وكانت الحادثة الثانية عندما تعرض كامل منصور- وهو شاب مسلم تحول عن الإسلام واعتنق المسيحية- للنبى فى محاضرة ألقاها بالإرسالية الأمريكية بالأزبكية، وقد نشرت الصحف بالتفصيل هاتين الحادثتين وطالبت الحكومة بمنع نشاط هؤلاء المبشرين وعلى أثر ذلك قامت سلسلة من المظاهرات، وخصوصًا فى الإسكندرية والتى كاد أن يتحول فيها الأمر إلى حرب أهلية بين المسلمين والمبشرين مما دعا رئيس وزراء بريطانيا رمزى ماكدونالد إلى اتهام إسماعيل صدقى، رئيس الوزراء المصرى، بأن حكومته تعده مسؤولًا عن حمايته أرواح الأجانب وممتلكاتهم فى مصر ومن سخريات القدر أن ماكدونالد صرح بأن حكومته أصدرت المنصرين أوامرها بالتوجه إلى الإسكندرية للمحافظة على أرواح الأجانب المنصرين وأرواحهم من الخطر وفى عام 1932 أخذت الصحف تنشر أخبارًا متنوعة عن الحوداث التبشيرية، التى كثرت فى هذا العام بالشكل الذى يمكن أن نطلق عليه عام التبشير ففى يونيه 1932 نشر طالب مسلم من طلبة الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى إحدى الصحف بلاغًا تقدم به للشرطة عن ضغط الإرسالية الأمريكية داخل هذه الجامعة لإجباره على التحول عن الإسلام، فهاجمت صحيفة السياسة الجامعة الأمريكية، وقالت إنها كانت تقوم بعمليات تنصير فى غاية الخطورة لبعض الطلاب المسلمين وقد اعترف عميدها بذلك فى عام 1920 عندما قرر أن التبشير كان يتم بين الطلاب المسلمين، وأنه كان يشترط حضورهم للكنيسة يوميًا، وحضور فصول دراسة الكتاب المقدس لمدة أسبوعين من كل شهر.
 
وتزايدت خطورة المشكلة التبشيرية عندما فضح الشاب الفلسطينى عبدالقادر موسى كاظم الحسينى- الذى كان طالبًا نابهًا بالجامعة الأمريكية- الدور التبشيرى لتلك المؤسسة بشكل علنى وبصورة بالغة الجرأة ففى يوم احتفال الجامعة السنوى بتسليم شهاداتها للمتخرجين، الذى كان عبدالقادر واحدًا منهم- ولما بدأ الحفل بتسليم الشهادات نودى على عبدالقادر واحد منهم- لتسلم شهاداته ولكنه ما إن تسلمها حتى مزقها على مرأى من الجميع وصاح فى وجه رئيس الجامعة قائلًا (إنى لست فى حاجة إلى شهادة معهدكم الذى هو معهد تبشيرى واستعمارى) ثم ألقى الطالب: عبدالقادر خطبة قصيرة حمل فيها على التبشير والاستعمار وختمها بالهتاف لفلسطين وشعبها وأصاب رئيس الجامعة الذهول من هول المفاجأة، كما ذهل المحتفلون، الذين لم يلبثوا أن صفقوا للطالب الفلسطينى وهتفوا بحياته، وهو يغادر مكان الاحتفال قبل انتهائه، وكانت هذه الحادثة هى البداية الحقيقية لفضح نشاط الجامعة الأمريكية التبشيرى بالقاهرة.. يتبع.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة