أكرم القصاص - علا الشافعي

كتاب "الحياة السائلة" يؤكد: التعلم من التجارب السابقة مضلل

الجمعة، 16 سبتمبر 2016 08:00 ص
كتاب "الحياة السائلة" يؤكد: التعلم من التجارب السابقة مضلل غلاف الكتاب
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"إنه كتاب عن العيش فى عالم حديث سائل، عن حصار الفرد من قبل كل الأحوال التى تمنيه بالحرية فى حين تصادرها بخلق الاحتياج، وتعده بالتحقق وهى تسلب منه ثقته بذاته، وتزعم أنها الحل فى حين أن الأزمات المتولدة عنها يتم الترويج لها باعتبارها إخفاقا شخصيا فى التكيف لا خللًا أصليا فى النموذج الحداثى"، هكذا بدأت الدكتورة هبة رءوف  عزت فى مقدمتها للنسخة المترجمة لكتاب "الحياة السائلة" للعالم البولندى "زيجمونت باومان" ترجمة حجاج أبو جبر والصادرة عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر.

ويصف البولندى زيجمونت باومان كتابه "الحياة السائلة" بأنه مجموعة من التأملات فى الجوانب المتعددة للحياة السائلة، تلك الحياة التى يحياها المرء فى مجتمع حديث سائل، يذكر أنّ هذه التأملات لا تدّعى الكمال، ويأمل أن يكون كل جانب يتناوله بالتحليل نافذة على الوضع الإنسانى الذى نحياه فى الوقت الراهن، ونافذة على التهديدات والإمكانات التى ينطوى عليها هذا الوضع فيما يتعلق بآفاق أنسنة العالم البشرى وجعله أكثر رحابة وقبولاً للإنسانية.

ويتناول "باومان" فكرة الهوية الهجينة، وتحرك الفرد ضمن دائرة تبدو خارج الحدود ظاهرياً، فى حين أنها تكون محاصرة بحدود لا مرئية، ويعتقد أن الثقافة الهجينة صورة مجازية تضفى رونقاً أيديولوجياً على التحرّر المتحقق أو المزعوم من المحلية، ويجد أن الثقافة الهجينة تستثنى من سيادة الوحدات السياسية القطرية، تماماً مثل الشبكات المتجاوزة للأقطار التى تسكنها النخبة العولمية. ومن ثم فهى تجد هويتها فى التحرر من الهويات المسندة الجامدة وفى الحصول على رخصة بعدم الاعتداد بالسمات والعلامات والتصنيفات كافة التى تحدّد وتحد من حركات غيرهم واختيارهم من يتقيدون بالمكان.

يعتقد كذلك أن الهوية تنجرف مع تيار الأحداث واحداً تلو الآخر، من دون وعى بمآلاته ولا مقاصده، إنها تنساق وراء الرغبة فى اجتناب التاريخ الماضى لا رسم خريطة المستقبل، ولذا فهى تظل حبيسة حاضرها إلى الأبد بعد تحريرها من دلالاتها الدائمة بوصفها أساس المستقبل.

ويتحدث الكتاب عن تجارب الفرد فى المجتمع السائل، ويعتقد الكاتب أنه ليس من الحكمة أن يتعامل المرء مع تجاربه من واقع ظروف سابقة، مشيرا إلى أن تجارب الماضى لا يمكن أن تستوعب، ما يطرأ على الظروف من تغيرات سريعة وغير متوقعة إلى حد كبير، مشددا على أن الركون لأحداث ماضية تساهم فى حسابات مضللة فى أغلب الأحوال.

ويشدد باومان على ضرورة التماسك الاجتماعى، وخلق وعى اجتماعى وأهداف للمسئولية الاجتماعية، موضحا أنه إذا كانت  الحياة سائلة فلا داعى لمواجهة التقوقع حول الذات والانكفاء إلا بإحياء المجال العام ومهارات التفاعل مع الآخرين، مؤكدا أن المرء فى الحداثة يحتاج إلى إدراك القيم العامة المشتركة، وإلا صارت المواطنة من أفعال شراء السلع، لا فعل من أفعال الحقوق والحريات.

وينبه الكاتب إلى أن الاستسلام للسلبية الاستهلاكية يجعل الديمقراطية عرضة للخطر فهو يهدد منطلق الحداثة وهو الحرية لأن الأفراد حين يعجزون عن ترجمة تعاستهم الفردية التى يعانونها إلى اهتمامات عامة مشتركة يفقدون قدرتم على التأثير، وذلك فإن البحث عن المعنى ثم بناء التضامن والوعى المشترك شرط أساس التغلب على الخوف.

ولفت إلى أن الجهل السياسى يولّد نفسه بنفسه من دون تدخل أو قوة خارجية، والقيد الذى يجدل من الجهل واللافعل مفيد متى أريد إسكات صوت الحرية أو غلّ يديها، ويشدد على الحاجة إلى تعليم مدى الحياة حتى يمنحنا حق الاختيار، لكننا نحتاج إليه أكثر لإنقاذ أحوالنا التى تجعل الاختيار متاحاً وممكناً لنا.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة