أكرم القصاص - علا الشافعي

عصام الكحلوت يكتب: حالة مكاشفة

السبت، 30 يوليو 2016 03:00 ص
عصام الكحلوت يكتب: حالة مكاشفة ورقة وقلم - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على مرِّ العصور لم يكن للأمم ولا للحضارات أن تنهض وتتطور، لولا أنها قد احتكّت بأزمات ومواقف واجهتها عبر أفرادها ومؤسساتها بفكر مستنير، واقفةً على أخطاء الماضى متحريةً سبُلَ الصواب فيما هو آتٍ.

وفى ظل ما يتعرض له العالم كله من أزماتٍ كبيرة فى مجالات عديدة، كان يتوجب علينا أن نقف جادين أمام ما يُحاك حولنا من تحالفات وصراعات يحملُ بعضها بعضًا إلينا، لنجد أنفسنا مجبرين لا مختارين ضمن أدواته معرّضين لمخرجاته، ولعل أهم خطوات المواجهة المنطقية هى قراءة معطيات القوة فى عصرنا الحالى والنظر إليها من مختلف جوانبها لفهمها على الوجه الصحيح، ثم بناء الحل الأمثل فى ضوء هذا الفهم وفى ضوء النظر الصحيح إلى هذه الأزمة أو تلك.

بعيدًا عن النواح وعذل الأقدار والركون إلى نظرية المؤامرة، فلست ممن يعولّون كثيرًا على أننا تلك الأمة المرموقة التى يتهافت الجميع للنيل من مجدها المخملى، لكننى أرى أنها كالسفيه الذى ورِث عن أسلافه ما جعلها مجال سخرية الآخرين فيكن تهافتهم عليها ليس لفضلها بقدر ما هو لسهولة السطو على مقدراتها.

فالأمة العربية التى نالت خيريتها عبر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر انقسمت على نفسها إلى فريقين، فريقٌ لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، وفريق أحاط نفسه بهالةٍ من النرجسية لا تشبه واقعه المشوب وظن فى نفسه مقصلةً إلهيةً أُنيط بها الدور الحصرى لإقامة العدل - كما يراه - فى حدود فهمه المغلوط.

إن كل قضايانا الشائكة من مشاكل سياسية واقتصادية أو حتى أخلاقية ستظل دون حل عادل ومناسب حتى نقف بموضوعية على السبب الحقيقى وراء أزمتنا الرئيسة والمتمثلة فى حالة العجز المتعاقب بين كل حدثٍ وآخر، فى مقابل الصعود على أكتاف الأزمات لدى الغرب، فالأمة التى ملأت فضاءها بالسب واللعان للغرب، يعيش مواطنوها حلمًا مستمرًا لالتقاط فتات ما يخلفه الغرب – الضال كما يزعمون - من علوم وحضارة.

لنقف وقفةً سمتها الجد والمكاشفة، ونستقرئ أسباب ما نحن فيه بعد أن نعترف بواقع ما أصابنا، أو بالأحرى ما أصبناه من وهنٍ يقتات على حالة العطل الفكرى الذى ألمت بنا كنتيجة لحالةٍ من الاحتقان خلفها التفرع والتشرذم فى الدين والفكر والتوجهات.

فلا ننتظر من امة لا تبذل أدنى جهد للتفكر فى حالها ومقارنة ذلك بما يدور خارج حدودها الجغرافية وإن كانت نتائجه غالبًا ما تصب فى مجرى واقعها ومستقبلها، لا ننتظر منها أن تكون جامعاتها فى مقدمة التصنيفات العالمية ولا مؤشرات الاقتصاد فيها - إن تجاوزنا ما يدِره البترول هنا وهناك – لتكن بين نخبة الدول على الرغم من افتقادها للحضارات الميزات التاريخية والتى كفانا التغنى بها مؤونة البحث عن واقع يحفظ علينا إنسانيتنا.

ببعض التساؤلات التى اترك للقارئ المحترم الوصول لإجاباتها المنطقية، يمكننى أن اختم مقالى دون أن أنتظر بلوغ الضفة الآمنة ما دمنا على حالنا هذا.

أين هى مؤسساتنا التعليمية والبحثية ومناهجها من قضية التفكير وتنمية ثقافة الإبداع لدى النشء، ما يكفل لنا القدرة على المواجهة والوقوف على أرضٍ صلبة تخولنا الخوض فى مضمار الحياة والمنافسة بين الأمم؟

إلى أى حد يمكن للفضاء المتسع من وسائل التواصل الاجتماعى وشبكة الانترنت وإعلام مرئى ومقروء أن يكون قد أسهم فى استنزاف ثروات هذه الأمة فى مقابل التأصيل لحالة الشقاق البيّن بين مختلف أطياف مواطنيها، وهدم ما يمكن هدمه من أخلاق ومبادئ كان قد نبقى لنا بعضها ؟
على كاهلِ من يمكن أن نلقى بالعبء فى كسر هذا الأزمة التى أحاطت بنا ؟ جيل الشباب التائه بين مغريات الحياة الفارغة ؟ أم الجيل الذى تجرع انتكاسات الأمة فقابلها بالاستكانة تارةً وبالميل إلى التطرف تارةً أخرى ؟ أم على النخبة التى لم توفر جهدا فى شحذ نصل الإنقسام بين أعضاء الجسد الواحد لهذه الأمة ؟

هل يمكننا أن نثق فى ثقافةٍ بنيت أساسا على التناقضات واستنفذت كل الفرص الممكنة للإصلاح أم أننا فى حاجة لإعادة إحلال لموروثاتنا الثقافية بالكامل بعيدا عن الترقيع.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة