أكرم القصاص - علا الشافعي

طارق الخولى

الحرية حياة.. والأمن وجود

الأربعاء، 18 مايو 2016 10:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد الهزات العاصفة التى مر بها المجتمع، فى الآونة الأخيرة، بين عدد من فئاته الوزارية والنقابية، بات لزاما على الجميع، أن يعى أنه عندما تختلف الهموم وتتباعد وتتناحر، ففى ذلك ضياع الأوطان، عندما أنتمى إلى أى جهة، ولا يهمنى سوى وزارتى أو نقابتى، دونما البحث عن خلق مساحات تفهم، حماية لوطن يتمزق، ففى ذلك ضياع الأوطان، فدعونا نتراحم ونرحم مصر، نحاجى على أهلها الذين نالهم الفقر والعوز، فقد بتنا نسير نحو الهاوية، نعطى مساحات لإرهاب متربص، ينقض من خلالها، لينهش وطنا، ومضت جراحه فى الأمس القريب، فدعونا نرسم الحدود بين الحرية والأمن، اهتداءً نحو ديمقراطية مستقرة، لغدا أفضل.

فالحرية حياة، والأمن وجود، الحرية هى صانعة الديمقراطية، والأمن هو صمام حمايتها، فالممارسة الديمقراطية، فى حرية اختيار الرئيس والبرلمان، يستحيل حدوثهما، دونما إتاحة أجواء آمنة للاقتراع، كما أن تنفيذ وحماية الإرادة الشعبية تأتى بإجراءات أمنية، لكن عند حرب الوجود، قد يتقدم الأمن على الحرية، وعند بناء النظم المستقرة ديمقراطيًا، تزحف مساحات من الحرية على الأمن، لتُعلق مؤقتًا، بين حين وآخر.
عندما يسطع فى الأفق، تهديد ما على الأمن القومى للدولة، فالأمن خط أحمر فى الحفاظ على كيان الدولة، والحرية خط أحمر فى الحفاظ على الديمقراطية، فعند الوصول لذروة النضوج السياسى للدولة تجد تشابكا مدققا حدوده، فى علاقة الحرية بالأمن، حيث يحمى الأمن الديمقراطية، وتعضض الحرية من دور الأمن، وتمتن لمجهوداته.

فى مصر البعض يعانى من الاعوجاج فى المفاهيم، والتشنج فى تناول بعض الأمور، فتغيب الرؤية، ويزحف التطرف والانغلاق الفكرى، فالانحياز للحرية بلا ضوابط يصل أحيانًا للانحلال الفكرى أو الأخلاقى، والجنوح للأمن العاصف بالحريات، جريمة إذًا، كيف نرسخ للحرية المنضبطة، ونحظى بأمن حازم فى غلاف إنسانى، لنتجنب الانحلال والجريمة معًا؟ فى اعتقادى أننا فى حاجة، لنضوج ثورى، تتلاشى معه، مظاهر الاعوجاج، فى تناول الحرية، وفى ضرورة ماسة، لترسيخ عقيدة أمنية، تقوم على الإيمان بمبادئ حقوق الإنسان، لنتلاشى التجاوزات، وتبقى فى معدلات أقل، حيث لا يوجد جهاز أمنى فى العالم ليس به أى تجاوزات، ولكن التعويل على حجمها، حيث يتم حصرها فى أضيق نطاق، وفق آليات وكيانات رقابية داخلية، قوية وصارمة، ومن قبلها رقابة مجتمعية، لا تخاف ولا تتهاون، فى الحقوق والحريات.

فمنذ سقوط الإخوان والأجهزة الأمنية المصرية فى حالة مواجهة دامية، فى معركة بقاء، لا يمكن أن تكون نتيجتها سوى الانتصار على جماعات داعشية، جرذان الأرض الذين تداعوا على الأخضر واليابس، فى العراق وسوريا وليبيا وغيرها من دول المنطقة، ليسود البور، ويحل الخراب، أينما وجدوا فمصر التى فى مرمى النيران صامدة، بتضحيات أبنائها، من رجال الشرطة التى تحتاج لاحتضان شعبى، ودعم نفسى فى تلك المواجهة، بما يجسدون من بطولاتهم العظيمة، يعكر صفوها، بين حين وآخر، قصص بعض التجاوزات التى لا يجوز أن يكون لها محل، فى الصورة، صورة بناء مصر الحديثة الديمقراطية.

إذًا لابد أن نرسم الحدود، بين الحرية والأمن، لتكون ضمانة، لعدم عودة الممارسات الأمنية القديمة، وفى نفس الوقت، بما يحافظ على أمن وتماسك الدولة، ولتجنب المساس بالصورة الذهنية، عن جهاز الشرطة، فيما بعد ثورتى يناير ويونيو، واستدعاء الصورة القديمة وتصديرها، بالذات ممن يصطادون فى الماء العكر.

إذًا لا لحرية تتهاون فى الأمن، ولا لأمن يعصف بالحريات، نعم لتصحيح مفاهيم الحرية بعيدًا عن خزعبلات بعض المنظمات الممولة أجنبيًا، ونعم لتدعيم الأجهزة الأمنية، وفق مبادئ حقوق الإنسان، فاحترام الحرية تدعيم للأمن، وتقوية الأجهزة الأمنية واجب وطنى، وحماية للحقوق والحريات.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة