أكرم القصاص - علا الشافعي

الإرهاب ليس وليد الإسلام.. ليس من العدل الربط بينه وبين العنف لمجرد أن القتلة ينسبون أنفسهم إليه.. لم تخلُ الديانات المختلفة من أتباع يمارسون العنف لأسباب عقائدية ومحاكم التفتيش الأشهر تاريخيا

الأربعاء، 14 ديسمبر 2016 05:00 ص
الإرهاب ليس وليد الإسلام.. ليس من العدل الربط بينه وبين العنف لمجرد أن القتلة ينسبون أنفسهم إليه.. لم تخلُ الديانات المختلفة من أتباع يمارسون العنف لأسباب عقائدية ومحاكم التفتيش الأشهر تاريخيا حادث الكنيسة البطرسية من أبشع حوادث الإرهاب فى الفترة الأخيرة ـ صورة أرشيفية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شهد العالم فى الآوانة الأخيرة نشاطا ملحوظا للعمليات الإرهابية فى عدد من دول العالم مستهدفا المسجد والكنيسة والملعب وكل الأماكن التى يتواجد بها المدنيين ورجال الأمن دون تفرقة بين مسلم ومسيحى صغير أم كبير، بينما اشتدت لهجة الغرب والبعض فى اتهامها للإسلام بالإرهاب، الإرهاب ليس صناعة إسلامية أو نتاج فكر إسلامى، بل أن الإرهاب موجود من قبل الإسلام ومارسه أبتاع بعض الأديان الأخرى كاليهودية والمسيحية، ولكن لا نستطيع أن ننسب ما افترفه البعض من المنتسبين لتلك الأديان أن يكون الإرهاب وليد تلك الأديان، كذلك فما يقوم به بعض المنتسبين للإسلام ممن ضلوا الفكر من إرهاب وقتل وتدمير لا يمكن بحال من الأحوال تحميله إلى الدين الإسلامى.

اشتدت لهجة الغرب فى اتهامها للإسلام بالإرهاب، فما سبب ذلك؟ وكيف تعامل الإسلام مع قضية الإرهاب؟ سؤال ورد إلى دار الافتاء، لتجيب عنه مفصلا، قائلة: إن الإرجاف، أو ما يسميه المجتمع الدولى الآن الإرهاب، لا يمكن أن يكون وليد الأديان، وإنما هو وليد العقليات الفاسدة، والقلوب القاسية، والنفوس المتكبرة، فإن القلب الربانى لا يعرف الفساد، ولا يعرف التخريب، ولا يعرف الكبر.

وأضافت دار الافتاء إن الإسلام دين تسامح وتعايش سلمى مع كافة البشر أفرادا وجماعات، وينظر الدين الإسلامى للإنسان على أنه مخلوق مكرم، دون النظر إلى دينه أو لونه أو جنسه؛ قال تعالى: "ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".

وأردفت: ووضع الإسلام دستور العلاقة بين المسلم وغيره فى المجتمع الواحد: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"، فى هذه الآية يأمرنا الله بالإحسان إلى غير المسلمين وعدم إيذائهم من خلال قوله "تبروهم"، والبر: جماع الخير. وكأن الله سبحانه وتعالى يأمرنا ويندب لنا التعاون مع غير المسلمين فى كافة سبل الخير.

وتابعت دار الإفتاء فى معرض ردها :ولا يخفى على كل من عرف الإسلام مدى اهتمامه بالسلام العالمى؛ حيث جعله دعامته الأولى، بل إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وصفة من صفاته؛ قال سبحانه وتعالى: "هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون"، وجعله تحيته إلى عباده، وأمرهم بأن يجعلوا السلام تحيتهم، يلقيها بعضهم على بعض، وشعارهم فى جميع مجالات الحياة، فى المسجد والمعهد والمصنع والمتجر.. وسميت الجنة دار السلام؛ فقد قال الله تعالى: "لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون" والآيات التى ورد فيها ذكر السلام كثيرة.

وأضافت من هنا كان السلام شعار المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها منذ ظهور الإسلام حتى الآن، وهو شعار يلقيه المسلم على غيره كلما لقيه وكلما انصرف عنه فيقول له: "السلام عليكم"، وهذا السلام والأمن لم يكن مقصورا على المسلمين فحسب، بل يعتقد المسلمون دائما أن الإنسان مهما كان معتقده له الحق فى العيش فى أمان وسلام داخل وطن المسلمين فإن حماية الآخر من الظلم الداخلى أمر يوجبه الإسلام ويشدد فى وجوبه ويحذر المسلمين أن يمدوا أيديهم أو ألسنتهم إلى أهل الذمة بأذى أو عدوان، فالله تعالى لا يحب الظالمين ولا يهديهم، بل يعاجلهم بعذابه فى الدنيا أو يؤخر لهم العقاب مضاعفا فى الآخرة.

وقد تكاثرت الآيات والأحاديث الواردة فى تحريم الظلم وتقبيحه وبيان آثاره الوخيمة فى الآخرة والأولى، وجاءت أحاديث خاصة تحذر من ظلم غير المسلمين من أهل العهد والذمة، يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا من ظلم معاهدا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة».

وحث الإسلام على السلم والأمن؛ لما لهما من تأثير بالغ الأهمية على استقرار حياة البشر وتقدمها فى جميع المجالات، ولكى نعلم مدى تأثير السلم والأمن على التقدم بالنسبة للشعوب فعلينا أن نلقى نظرة على الآثار المدمرة للحروب على الشعوب والتقدم والرقى، فكما يقال: الضد يظهر حسنه الضد.

وبينما نرى أن أول مقومات الرقى والتقدم للأمة هى صلاحية أفراد المجتمع صحيا وبدنيا لأداء وظائفهم نجد أن للحروب والعقوبات الاقتصادية آثارا وخيمة على صحة الأمم وعافيتها، فإن التسامح مع المخالفين فى الدين من قوم قامت حياتهم كلها على الدين وتم لهم به النصر والغلبة أمر لم يعهد فى تاريخ الديانات، وهذا ما شهد به الغربيون أنفسهم.

يقول العلامة الفرنسى "جوستاف لوبون": رأينا من آى القرآن التى ذكرناها آنفا أن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التى ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته.

فليس من العدل والإنصاف الاعتقاد بأن الإرجاف والإرهاب من الإسلام لمجرد أنه صدر من مجموعات تنسب نفسها إلى الإسلام، وإلا لكانت هذه دعوى لهدم جميع الأديان.

فنحن مثلا نعرف عن المسيحية أنها تدعو إلى المحبة، وأنها اضطهدت وعذبت فى وقت ضعفها، فماذا نحسب ما قامت به الكنيسة الإسبانية من قمع وتعذيب للمسلمين واليهود على تعاليم المسيحية؟! حيث صبت هذه الكنيسة جام غضبها على اليهود والمسلمين معا بسبب انتشار فلسفة ابن رشد وأفكاره، وخصوصا بين اليهود، فحكمت بطرد كل يهودى لا يقبل المعمودية، وأباحت له أن يبيع من العقار والمنقول ما يشاء، بشرط ألا يأخذ معه ذهبا ولا فضة، وإنما يأخذ الأثمان عروضا وحوالات، وهكذا خرج اليهود من إسبانيا تاركين أملاكهم لينجوا بأرواحهم، وربما اغتالهم الجوع ومشقة السفر مع العدم والفقر.

وحكمت الكنيسة كذلك سنة 1502م على المسلمين بطردهم من إشبيلية وما حولها إذا لم يقبلوا المعمودية، بشرط ألا يذهبوا فى طريق يؤدى إلى بلاد إسلامية، ومن خالف ذلك فجزاؤه القتل.

وكذلك لا نحب أن نحسب الحملات الصليبية على تعاليم المسيحية، ونحاول أن نفرق بين الديانة المسيحية وممارسة بعض المسيحيين المرجفين والإرهابيين، فإن القرن العشرين بتجاربه الانقلابية - على ما فيها من وحشية كالانقلاب الشيوعى والنازى - يعجز أمام فظائع الحروب الصليبية التى كانت تقترفها ضد المسيحيين أنفسهم، فبعضها كان يحرث الأرض بأجساد ضحاياها من المارقين كطريقة لتسميد الأرض!

ويذكر "فيدهام" أن هذه الحروب كانت مليئة بالفظائع؛ لأن رجال اللاهوت – الطيبيين - كانوا مستعدين دائما أن يضعوا الزيت على النار، وأن يحيوا وحشية الجنود عندما يساورهم أى تردد أو ضعف، فقد يكون الجنود قساة ولكنهم كانوا يميلون فى بعض الأحيان إلى الرحمة، أما رجال اللاهوت فاعتبروا الاعتدال والرحمة نوعا من الخيانة! "الأيديولوجية الانقلابية".

 

يقول الشيخ محمد عبده عن محاكم التفتيش: لقد اشتدت وطأة هذه المحكمة حتى قال أهل ذلك العهد: يقرب من المحال أن يكون الشخص مسيحيا ويموت على فراشه! ويقول: لقد حكمت هذه المحكمة من يوم نشأتها سنة 1481م حتى سنة 1808م على 340000 نسمة منهم 200000 أحرقوا أحياء.

كل هذا وليس ببعيد عنا عدد القرى التى دمرت بالكامل فى أفغانستان لمعاقبة شخص واحد، وكذلك ما زالت الحرائق فى العراق مشتعلة لمعاقبة شخص واحد؛ لأنه يمتلك أسلحة دمار شامل ليس لها وجود إلا فى الأكاذيب المقصودة.

والإرهاب الواضح الصريح الذى يقوم به الكيان الصهيونى لا يمكن أن نحسبه على تعاليم الدين اليهودى، فالأديان جاءت لرحمة الناس ولنشر العدل والسماحة بينهم، وهذا ليس معناه ألا نستنكر ما يحدث من تخريب وإرجاف فى بلادنا الآمنة، فهذا من فساد العقول وخراب القلوب والكبر؛ يقول الله تعالى: "استكبارا فى الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله"، بل إن هؤلاء يكاد ينطبق عليهم قول الله تعالى: "ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد * وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد".

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة