أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الدسوقى رشدى

شيخ سلفى فى مسجد خارج سيطرة الدولة.. أزهر غائب.. منهج أمنى وتعليمى غير منضبط

من هذا الرحم يولد الإرهاب.. حبارة نموذجا

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حبارة تلقى دروس التطرف الأولى فى مسجد محمد حسان بالمنصورة.. واستكملها بكتب التطرف المنتشرة على الأرصفة.. وتخرج إرهابيا محترفا من سجن وادى النطرون فى أحداث الانفلات الأمنى.. وحصل على شهادة العفو وممارسة الإرهاب فى زمن مرسى

 
يولد الإرهابى بالصدفة، كثيرا ما يحدث ذلك، كما العشب الشيطانى ينبت فى جوف جبل كنت تظن أن لا ضرر منه، وبين ليلة وضحاها تغدو النبتة الصغيرة فرعا متعدد الأشواك جاهزا لجرح الجميع.
 
فى غياب الأزهر ورجال الدين المعتدلين، وفى خلاط المناهج التعليمية المتطرفة يولد الإرهاب كفكرة، وفى غياب منهج أمنى معتدل وداخل مساجد الأوقاف التى يعشش بها السلفيون يولد الإرهابى وأحيانا بالصدفة، كما كان الحال فى أفلام وحيد حامد التى كنا نسخر منها ونصفها وقتها بالسطحية والاستظراف.
 
يظن البعض أن مصنع الإرهاب والإرهابيين هناك فى قلب الصحارى والجبال، بينما الحقيقة أبسط وأكثر فزعا من ذلك، يصنع الإرهابى فى كثير من الأوقات أمام أعيننا، فى قلب مناطق نظنها آمنة، أمام شاشة تليفزيون تبث سموما متطرفة عبر فضائية دينية، أو من فوق «فرشة» كتب مجهولة المصدر منتشرة على أرصفة وسط البلد أو المساجد الشهيرة فى المحافظات، أو داخل مسجد كبير يفرح أهله بشيخ سلفى يجيد البكاء بدروسه وتطمئن الدولة لكلماته طالما لا يخوض فى السياسة، أو داخل سجن حوله سكانه من شيوخ الجماعات الإسلامية إلى مدرسة لزرع التطرف فى عقول الوافدين الجدد.
 
حينما قدم وحيد حامد أفلام الإرهابى والإرهاب والكباب سخر منه البعض وأشاروا إلى سطحية التناول وسرعة تحول أبطال أفلامه من شخوص عادية إلى إرهابيين فى غمضة عين، التدبر فى اعترافات  الإرهابى عادل حبارة تنصف نظرية وحيد حامد، وتشير إلى ما هو أخطر، نحن أمام نظام تعليمى ومناهج غير منضبطة وخطاب دينى متطرف يلقى دون أن ندرى ببذرة الإرهاب فى نفوس الكثير من الشباب، ليتحول السائر بجوارك فى الشارع إلى حاضن لفيروس الإرهاب، بسبب شيوخ مازلنا نسمح لهم بالخطاب والظهور العلنى الآن، رغم أن عادل حبارة هو ثمرة ما زرعه واحد فيهم. 
 
أدوات صناعة الإرهابى مازالت منتشرة فى شوارعنا حتى الآن، أنا لا أقول ذلك على سبيل المجاز، بل أشرح واقعا مؤلما مجسدا فى اعترافات الإرهابى عادل حبارة أمام جهات التحقيق.
 
حبارة يقول فى الأوراق الرسمية للتحقيقات، إن أول طريقه نحو الأفكار المتطرفة كانت مجموعة من الكتب اشتراها أثناء مروره بالصدفة أمام مسجد الاستقامة بالجيزة، وهو واحد من أشهر المساجد التى سيطر عليها السلفيون فى عهد مبارك، كانت تميزه «فرشة» تزدحم بمئات الكتب مجهولة المصدر بعضها عن التداوى بالأعشاب وبعضها عن فك أعمال السحر والشعوذة ولكن الكثير منها كان يتضمن شروحا متطرفة وتأويلا أشد تطرف لفتاوى ومنهج شيوخ وفقهاء، استغل المتطرفون الكبار غياب رقابة الدولة ولعبوا فى منهجهم واستغلوا الفتاوى الخاص بهم فى شرح وتأليف كتب كثيرة عن الجهاد والحرب وعدم مولاة النصارى وعدم جواز تهنئة المسيحيين إلى آخر قائمة فتاوى التطرف التى تعرفونها.
 
يقول حبارة فى أوراق التحقيقات: «قبل ما التزم على طول كنت شغال فى قهوة فى شارع فيصل اسمها قهوة سكرية نافع صنايعى بوفيه، وفى يوم كنت مروح وعديت على جامع الاستقامة اللى موجود فى ميدان الجيزة وكان فيه ناس بتقعد قدام الجامع بتبيع كتب دينية وغيرها فأنا لفت انتباهى كتابين الأول اسمه فتاوى الشيخ الشعراوى، والكتاب التانى اسمه الداء والدواء لابن القيم الجوزية». 
 
هذه الكتب مجهولة المصدر والمؤلف، فتحت باب الاهتمام أمام حبارة، فبحث عن دروس المساجد التى فتحها نظام مبارك أمام شيوخ السلفيين لحشو عقول أولادنا وأهالينا بالتطرف تحت رعاية أمن الدولة وقتها طالما لا يخوض الشيخ السلفى فى السياسة، كان الجميع يعرف أن شيوخا مثل محمد حسان ومحمد حسين يعقوب وأبو إسحاق الحوينى وغيرهم يحتلون مساجدا كبرى فى المحافظات يخطبون فيها عن الجهاد، وينطقون بفتاوى ضد المسيحيين، والمجتمع غير الملتزم، وفريضة تطبيق الشريعة الغائبة واستعادة مجد الإسلام، كان الكل يعرف ذلك بمن فيهم الأمن ولكن الرضا والتجاهل سيد الموقف، طالما لم يتعرضوا لمبارك والنظام السياسى ولم يخلفوا وعدهم بخصوص عدم جواز الخروج على الحاكم، بينما شيوخ التطرف صابرون يعلمون أن بذرة التطرف الملقاة فى عقول الناس ستنمو رويدا رويدا وستجد طريقها للخروج وهذا نصا ما حدث مع عادل حبارة الذى يخبرنا فى اعترافاته بأن تربيته كإرهابى متطرف بدأت هناك فى المنصورة حيث مسجد التوحيد حيث دروس محمد حسان.
 
يقول حبارة فى أوراق التحقيق: «فى عام 2002 سمعت عن الشيخ محمد حسان وأنه يلقى درس كل يوم أربعاء بعد صلاة المغرب فى مجمع التوحيد اللى موجود فى المنصورة، فكنت بأذهب بصفة دورية لحضور تلك الدروس،  وتعلمنا فى تلك الدروس أن الديمقراطية كفر ولا توجد أحزاب فى الإسلام، وفيه ناس اتعرفت عليها، وأنا راكب القطار ورايح الدرس لأنهم كانوا بيركبوا القطار معايا من أبوكبير وبيروحوا يحضروا الدروس بتاعة الشيخ محمد حسان  وعلاقتى تطورت بهم فى فترة حضور الدروس، وقاطعتهم بعد ثورة 25 يناير لأنهم غيروا مبادئهم، وعملوا ما كانوا يستنكرون على الإخوان المسلمين عمله وراحوا دخلوا فى حزب النور على الرغم من أنهم عارفين إن الأحزاب ليست من الإسلام».
 
ثم يخبرنا حبارة فى أوراق التحقيقات عن المرحلة الثالثة فى صناعة الإرهابى على يد الشيخ حسان قائلا: «الدروس التى كان يلقيها الشيخ محمد حسان كانت تتناول دروساً فى السيرة النبوية الشريفة، والغضب من أن الشريعة غير مطبقة فى مصر وخلال تلك المحاضرات أهم ما تعلمته الأصول الثلاثة وهى النسك، والولاء والبراء، ومبدأ الحاكمية، والتى يجب الإيمان بها جميعاً على كل امرئ مسلم، والمقصود بمبدأ الولاء والبراء به، إيضاح من يحب المسلم ومن يبغض، وللأسف أن القائمين على الحكم فى البلاد يجب بغضهم لتعطيلهم أحكام الله، وهذا سبب من أسباب الكفر البواح الذى أجمع عليه علماء المسلمين، وكذلك يجب بغض الجيش والشرطة بل إنهم من الكفرة الطغاة المحاربين لشرع الله، والمحاربين لأولياء الله، وكذلك النصارى يجب بغضهم فهم من الكافرين وهم على نوعين من حيث معاملاتهم لقتالهم أو عدم قتالهم، أما فيما يتعلق بمبدأ الحاكمية فهو يقوم أساساً على تحكيم شرع الله سبحانه وتعالى، من الظلم أن يتدخل غير الله فى ملك الله سبحانه وتعالى..وكل الأدلة التى ذكرها الشيخ حسان عن مبدأ الحاكمية تؤكد كفر من لم يحكم بشرع الله».
 
هنا صنع حبارة فى مدرسة محمد حسان، تعلم الدروس النظرية عن ضرورة بغض الأقباط وقتالهم، وعن كفر الجيش والشرطة والقائمين على حكم البلاد لأنهم لا يطبقون الشريعة، ثم استكمل تعليمه لينتقل من المرحلة النظرية إلى مرحلة التنفيذ بعد دخوله السجن. 
 
دخل حبارة السجن طبقا لروايته، طبقا لعادة أمن الدولة ذلك الوقت، شاب ملتحٍ، لابد أن يتردد على الأقسام، علاقة متوترة مع ضابط القسم بسبب آرائه المتطرفة تنهى به الحال داخل السجن، ليستكمل تدريبات تطرفه وإرهابه على يد الجماعات الإسلامية داخل السجون، ثم يهرب حبارة من سجن وادى النطرون فى أحداث اقتحام السجون، ويحصل الإرهابى على عفو فى زمن الإخوان وينتقل إلى سيناء لتطبيق ما تعلمه من محمد حسان وكتب الأرصفة.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة