أكرم القصاص - علا الشافعي

وداعًا اللواء جمال حماد خازن أسرار "يوليو 1952".. الراحل تخرج فى الكلية الحربية 1939 وانضم لـ"الضباط الأحرار" وصاغ بيان الثورة.. ومؤلفاته حول المرحلة تمنحه لقب "مؤرخ الثورة"

الخميس، 27 أكتوبر 2016 08:26 م
وداعًا اللواء جمال حماد خازن أسرار "يوليو 1952".. الراحل تخرج فى الكلية الحربية 1939 وانضم لـ"الضباط الأحرار" وصاغ بيان الثورة.. ومؤلفاته حول المرحلة تمنحه لقب "مؤرخ الثورة" اللواء جمال حماد
أحمد أبو حجر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تكن الآراء السياسية وحدها هى التى صنعت اللواء جمال حماد، ولكنه كان واحدًا من صناع التاريخ، ولتواجده داخل دائرة صنع القرار، هى التى جعلت منه شاهدًا مهمًا على تاريخ مصر منذ 1950، وقت انضمامه لحركة الضباط الأحرار، إلى أن وافته المنية مساء اليوم 27 أكتوبر 2016، كان حماد مؤرخًا عسكريًا، وأديبًا وشاعرًا إلا أن البيان الأول لثورة 23 يوليو 1952، الذى ألقاه محمد أنور السادات صباح 23 يوليو، سيظل واحدًا من أهم كتباته على الإطلاق.
 
ولد جمال حماد أحد قادة ثورة يوليو فى مدينة القاهرة فى 10 مايو سنة 1921، وتخرج فى الكلية الحربية منتصف أبريل عام 1939 وكان من زملائه الذين تخرجوا معه فى نفس الدفعة كل من المشير عبد الحكيم عامر، وصلاح سالم، وصلاح نصر النجومى مدير المخابرات العامة الأسبق.
 

خدمته العسكرية

 
بدأ خدمته العسكرية فى السودان ثم انتقل لمنطقة القناة ثم إلى الإسكندرية، وأثناء الحرب العالمية الثانية، عمل مدرسًا لمادة التكتيك العسكرى والأسلحة فى مدرسة المشاة والكلية الحربية فى مصر بين عامى 1942 و1946، ثم تولى أركان حرب سلاح المشاة (قبل قيام ثورة يوليو) وكان برتبة صاغ (رائد)، وكان اللواء محمد نجيب مديرًا لإدارة المشاة، وتعرف عليه عن قرب وازداد به وثوقًا، فانضم فى هذه الفترة لتنظيم الضباط الأحرار عام 1950 عن طريق صديقه الصاغ أ.ح عبد الحكيم عامر، واشترك فى الفعاليات الأولى لثورة 23 يوليو 1952، وكتب بنفسه البيان الأول للثورة الذى ألقاه البكباشى أنور السادات صباح يوم 23 يوليو من مقر هيئة الإذاعة.
 
تولى جمال حماد بعدها منصب مدير مكتب القائد العام محمد نجيب، ثم انتدب للعمل ملحقًا عسكريًا لمصر بين عامى 1952 و1957 فى كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق، ثم مديرًا للقيادة المصرية السورية المشتركة فى دمشق، ثم عاد إلى الكلية الحربية مرة كبيراً للمعلمين بعدها عين قائدًا للواء 18 المشاة وقائد منطقة العريش العسكرية ثم رئيسًا لهيئة الاتصال بقوات الأمم المتحدة (سيناء وقطاع غزة)، ثم قائدًا لمعهد المشاة، ثم رئيسًا لهيئة الخبراء باليمن، ثم يحال للتقاعد رتبة اللواء ويعين محافظًا كفر الشيخ، ثم محافظًا للمنوفية.
 
 

كاتب بيان الثورة يتحدث

 
بعد نجاح الثورة يقول حماد فى أحد الحوارات الصحفية له: انسحبت أنا وزميلى الرائد أ. ح عبد الحكيم عامر من المجموعة، التى كانت فى مكتب اللواء محمد نجيب، ودخلنا عرفة المؤتمرات، المواجهة مباشرة لمكتبه، وأغلقنا باب الغرفة علينا، حتى لا يزعجنا أحد، وجلسنا على مقعدين متجاورين على مائدة المؤتمرات الخشبية الفخمة نلتقط أنفاسنا ونستعيد الهدوء، الذى افتقدناه خلال وجودنا بمكتب قائد الثورة، لكتابة البيان الأول، الذى سيوجه من اللواء محمد نجيب إلى الشعب، من دار الإذاعة فى السابعة صباحا، كما كان مفترضًا، واتفقت مع عبد الحكيم عامر على النقاط المهمة، التى ينبغى أن يتضمنها البيان، ولم يستغرق ذلك سوى بضع دقائق، نظرًا لضيق الوقت، ولم يلبث عبد الحكيم أن تركنى وحدى بالغرفة، ليتيح لى فرصة صياغة البيان الأول للثورة فى هدوء دون أى إزعاج.
 
ويضيف: سألت نفسى، كيف أكتب هذا البيان التاريخى بأسلوب رصين، مجرد من أى أخطاء نحوية أو لغوية، حتى لا يستخف بنا أحد، سواء فى مصر أو الخارج، وأن يكون شاملا لجميع النقاط، التى نضمن بها سرعة انضمام الجيش والشعب إلى ثورتنا، التى كان نجاحها لا يزال فى علم الغيب، وكان الأمل فى انضمام الجيش والشعب إليها، كما أكد عبد الناصر، معلقا بهذا البيان، الذى شاء القدر أن أجد نفسى مسئولاً عن صياغته فى وقت ضيق، ودون أى استعداد سابق، وبعد عدة مسودات استقر الرأى على الصيغة النهائية، التى كتبتها على ورقة "فلوسكاب بيضاء" غير مسطرة بقلمى الحبر، ولم أقم بشطب أى كلمة بها سوى كلمتين فقط، ولم تستغرق كتابة البيان منى أكثر من نصف ساعة، عاد بعدها عبد الحكيم إلى الغرفة، حيث قرأ البيان فى اهتمام، وأبدى رضاه التام، وعرضته على عبد الناصر، فأبدى اقتناعه به وأقره على الفور".
 

حماد المؤرخ والأديب

 
لم يأت لقب مؤرخ ثورة يوليو من فراغ فالرجل أصدر عدة كتب عن الثورة وأسرارها حيث كان من بين كتبه كتاب 22 يوليو أطول يوم من تاريخ مصر، الحكومة الخفية عهد عبد الناصر ثم أسرار ثورة 23 يوليو، وكتب أيضًا عن حرب أكتوبر من خلال كتابيه من سيناء إلى الجولان، والمعارك الحربية على الجبهة المصرية.
 
وكانت له عدة مؤلفات فى التاريخ الإسلامى معارك الإسلام الكبرى، غزوة بدر الكبرى، أعلام الصحابة، وأيضًا كان له العديد من المؤلفات غروب وشروق وتم تحويلها إلى فيلم سينمائى، وثالثهم الشيطان وتم تحويلها إلى فيلم سينمائى وصدر له ديوان شعرى "بين قلبى وحسامى" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 2009، وضم مجموعة من القصائد كتبتها على مدار عمره.
 
وحماد هو من وضع نشيد المشاة وقد وضع ألحانه العقيد عبد الحميد عبد الرحمن، مدير الموسيقات العسكرية بالجيش وقتئذ وكان يذاع من دار الإذاعة المصرية غناء المجموعة، أما النشيد الثانى فهو "صرخة الأحرار" وقد لحنه الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وغنته المطربة الكبيرة نجاة، وكان يبث من الإذاعة المصرية، أما النشيد الثالث فكان بعنوان "يا رفاق المجد" وقد غنته المجموعة بلحن الموسيقار الكبير محمود الشريف، وقد أذاعته دار الإذاعة المصرية لشحذ الهمم عقب هزيمة 1967، وكذلك نشيد الكلية الحربية فقد كان يذاع فى عهد الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا).
 

رأيه فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو

 
يعتبر اللواء جمال حماد الشعب المصرى هو القائد لثورة 25 يناير، فهى من وجهة نظره معجزة حققها الشعب البطل، لكن المأساة أن الشعب الثائر لم يكد يسمع أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك تنحى عن الحكم، حتى اتجه معظم الثوار إلى المنازل، باعتبار أن ثورتهم نجحت، ولو كان للثورة قائد، لكان قد دعا الشعب إلى البقاء فى الميادين، التى كان محتشدًا فيها، حتى تتحقق أهداف الثورة، الأمر الذى دعا إلى محاولة أكثر من فصيل، خاصة الإخوان، تبنى الثورة وخطفها، ومحاولة إشعار الجميع أنهم أصحاب الفضل فى نجاحها، ما دعا البعض إلى القول إنهم سرقوا الثورة.
 
ويعتبر المؤرخ العسكرى ثورة 30 يونيو قامت لاستكمال وتصحيح مسار 25 يناير، وتحقيق أهم أهدافها، التى تتمثل فى العدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى للإرادة الشعبية، فى مواجهة محاولات التدخل الخارجى، والتيارات السياسية المستترة بالدين، وهى نفس الأخطار التى واجهتها ثورة 23 يوليو ولعدم وجود رمز وطنى لزعيم تحتشد المظاهرات تحت لوائه.
 

الفرق بين ثورتى 30 يونيو و23 يوليو

 
يعتبر جمال حماد أن ثورة 30 يونيو تختلف كثيرًا عن 23 يوليو، موضحًا أن الجيش كله بجميع أسلحته ووحداته يدًا واحدة خلف القائد العام وقتها عبد الفتاح السيسى، أما بيان 23 يوليو، فإن الذين قاموا بالحركة كانوا لا يتجاوزون 90 ضابطًا، معظمهم من صغار الرتب، بينما باقى الجيش لم يكن شارك فى الحركة.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة